"سلالم الحق" فرق تسد، حكمة المستبد، مستبد أى فى كل زمان ومكان. اللطيف أن قراءة المستبد سهلة، فهو يفضح نفسه بكل سهولة، المهم أن تكون مستعداً لتصديق أن المستبد يستبد بك، فالمفاجأة تلجمك أنا متأكدٌ من ذلك، وهول المفاجأة يكمن فى أنه يستبد بك الخوف من ضياع حلمٍ وسقوط مشروعٍ، فتركن لعدم التصديق والإنكار بدلاً من البحث عن الحقيقة والتدقيق فى الاختيار. والإخوان يستبدون، ويعصفون بالبلد فريقاً بعد فريق، وقلت لآخر فريق عصفوا به وهم سلفيو النور أن الصدام قادم، فما كان رد بعضهم إلا إبتسامة رضا بتوقع الصدام، أما الآخرين فقالوا لى لن يصطدموا بنا طالما انتم يا معارضة موجودون. ويستمتع الإخوان جداً بالمعارضة الموجودة على الساحة حالياً، فهى توصلهم لما يبغون، وأعتبر أن البرادعى هو الوجه الأخر لعملة الإخوان كما قلت سابقاً، كلاهما يبنى عداءً مع الشعب بطريقته، وكلاهما يهدم الدولة بطريقته، فلا قوة للإخوان بدون استضعاف، وهم بلا شك نجحوا أن يصدروا للعامة والخاصة أن الكل يقف ضد المشروع والكل أعداء لله والدين والوطن والشرعية والشرعية، فارتبطت معانٍ وقيم وقواعد سياسية وقانونية بقيمٍ دينية بطريقة نجح الإخوان بها أن يحولوا دفة رفض الشعب المحتمل للدستور التمكينى إلى تمايز بين موقفين، بين الدين وعكسه، وبالطبع كما قال الشيخ يعقوب: الشعب يختار الدين. المشكلة أنك اليوم تبحث عن المشروع، عن الحلم، عن الطريق، وربما تبحث عن القائد والثورة والثوار، فلا تجد غير غثاء السيل، ولا تجد من المشروع سوى ذلك الصديق الهائم على وجهه، الخائف من معارضة الإخوان خشية هدم المشروع، القلق دوماً من معارضة الحكام وكأنه لم يثر ضد مبارك، فاليوم هو يخاف على المشروع ويخاف من غياب البديل! وبالتالى فهو قد رضى أن يعمل تباعاً على المشروع، يلم الأجرة ويمسح الزجاج. والمشكلة الأكبر أن المستبد لا يمكنه العمل فى بيئة صحية وصحيحة وصادقة وآمنة، فهو لا يتمكن من العمل إلا وفق مشروع الفزاعة والتخويف والتخوين، يسير فى طريق التمكين ويضع لك العراقيل فى كل خطوة بطريقة التكمين، فاحذر الكمين. أما مشكلتى الشخصية إن جاز لى القول فهى الشخصنة اللعينة، داء الحوار ومرض الحوارات، الطريقة التى يثيرك بها من يعجز عن الرد على الموضوع الذى تتكلم فيه وتناقشه، فيثير حنقك وشفقتك فى الوقت ذاته، وتخرج عن القضية والصراع لترد على شخصك وإهانتك، وهو ما لم أعد احتمله وتوقفت عنه فعلاً. أما عن التسامح فى حق من يظلمنى ويؤذينى شخصياً، فحدث ولا حرج، ولا أيأس من عرض قضيتي، وأعتبر البحث عن الحقيقة قضية، وأعتبر البلد قضيتى، وأقول دوما أن تأتى متأخرا خيرٌ من ألا تأتى مطلقاً، وربما لا أوافق الحكمة تلك على طول الخط ولكنها صالحة للتطبيق اليوم بلا شك. الباطل لا يمكن أن يكون سلمة من سلالم الحق، أبداً.