خصصت صحيفة واشنطن بوست افتتاحية عددها الصادر اليوم، الخميس، للتعليق على فعاليات المؤتمر الصحفى الذى عقده وزير الدفاع الأمريكى، روبرت جيتس، فى القاهرة أثناء زيارته الأخيرة، وألقت الضوء على تعليق قناة الجزيرة على هذا المؤتمر حيث تطرقت إليه بصورة مختلفة إذ تساءلت عما إذا كانت المعونة الأمريكية لمصر سترتبط فى المستقبل بالديمقراطية أو حقوق الإنسان. وأجاب على هذا السؤال تصريحات رئيس البنتاجون أن "التمويل العسكرى الأجنبى" لمبارك "لا يجب أن تربطه شروط. وهذا هو موقفنا المستمر". تقول الافتتاحية إن إدارة الرئيس الأمريكى، باراك أوباما، والتى هرعت إلى احتضان مبارك، الذى يبلغ من العمر ال81 عاما، لن يهدأ لها بال إلا إذا اكتشفت لماذا اختارت قناة الجزيرة، المعروفة بعدم تعاطفها مع الولاياتالمتحدةالأمريكية، هذا الموضوع تحديداً لمناقشته. تفترض سياسة إدارة أوباما أن محاولات الإدارة السابقة للترويج للإصلاحات الديمقراطية فى مصر لم ينتج عنها سوى إلحاق الضرر بالعلاقات العامة، خاصة بعد كشف النقاب عن الفظائع التى ارتكبت فى معسكر جوانتانامو، وشن حرب على العراق. لذا أثنى جيتس، ومن قبله وزيرة الخارجية الأمريكية، هيلارى كلينتون، كثيراً على الرئيس المصرى، وأكد على أن الإدارة الأمريكية برئاسة أوباما لن تزعج مبارك بشأن أساليب القمع المنهجية والعنيفة التى تستخدم ضد الساسة الليبراليين والمدونين، ونشطاء حقوق الإنسان فى مصر. وعلى الرغم من ذلك، تشير الصحيفة إلى أن الرئيس مبارك وأقرانه من المستبدين العرب أصبحوا محط ازدراء واسع فى جميع أنحاء المنطقة، وتقع الولاياتالمتحدة تحت وطأة لوم كبير لدعمها غير المشروط لهم. وفى حقيقة الأمر، فاز الرئيس الأمريكى السابق، جورج بوش، بشعبية نسبية بين صفوف المصريين لمحاولاته الحثيثة لدفع مسيرة الديمقراطية قدماً وإحداث تغيير ملحوظ، ولكنه انتقد لفشله فى إكمال هذه المهمة. وترى الصحيفة أن الشعب العربى فى المنطقة بدأ يدرك أن إدارة أوباما شرعت فى انتهاج السياسة الأمريكية القديمة التى تنطوى على تجاهل انتهاكات حقوق الإنسان الجسيمة التى يرتكبها الزعماء العرب مقابل تعاونهم على الساحة الأمنية، وهذه هى الطامة الكبرى التى كان نتاجها أسامة بن لادن وحماس وصدام حسين وأرقت بهم الشرق الأوسط. وتذكر الافتتاحية أن تمويل ترويج الديمقراطية داخل مصر قد انخفض من 50 مليون دولار إلى 20 مليون دولار خلال هذا العام، كما وافقت وزارة الخارجية الأمريكية على المطالب المصرية بعدم استخدام المعونة الاقتصادية لتمويل منظمات المجتمع المدنى التى لا توافق عليها الحكومة. وكنتيجة طبيعية لذلك، سينخفض التمويل الأمريكى لتأييد الديمقراطية وجماعات حقوق الإنسان بنسبة 70%. ومن ناحية أخرى، أضاف الديمقراطيون فى لجنة الاعتمادات بمجلس النواب خلال هذا الأسبوع 260 مليون دولار فى صورة مساعدة أمنية جديدة لمصر، بالإضافة إلى 50 مليون دولار لتأمين الحدود، دون "شروط". وتتساءل الافتتاحية ما الهدف من تقديم هذه الترضيات؟ وما الذى ستشتريه من مبارك؟. تعهد الرئيس مراراً وتكراراً بوقف تهريب الأسلحة إلى حماس فى غزة، ولكنه فشل فى فعل ذلك، كما يبقى على سلام بارد مع إسرائيل، ويمتنع عن إرسال سفير إلى العراق، وعلم جيتس ضمنياً من مبارك، أنه يعترض على أى تقارب بين الولاياتالمتحدةالأمريكية وبين إيران. وتضيف: مبارك يعد ابنه ليرث بعده عرش الرئاسة، وهى الخطوة التى سيكون من شأنها تعزيز الاستبداد فى مصر لعقود مقبلة، وقد يسفر هذا عن نشوب ثورة إسلامية. ويبقى هنا السؤال: هل يستحق هذا دعم الولاياتالمتحدةالأمريكية غير المشروط إلى مصر؟.