مع بزوغ فجر كل يوم يخرج الآلاف بل الملايين من المصريين للبحث عن لقمة العيش الكريمة والشريفة، وحالهم وواقعهم يقول يارب أنت العاطى الوهاب عشانا عليك يا رزاق. هذا هو الحال الذى عليه الأغلبية من أبناء مصر. أينما تذهب فى كل صباح تجد الملايين التى تكسب لقمة العيش الكريمة الشريفة رزق يوم بيوم آلاف الباعة المتجولين فى كل حارة وفى كل شارع، والآلاف من سائقى الميكروباس ومن سائقى التوك توك آيضا الآلاف. أنظر حولك وأنت فى مسكنك وأنت فى عملك وأنت تسير فى الشارع وأنت مسافر على الطرق وأنت فى القطار، وأنت فى المترو حتى وأنت فى المطار، والميناء ملايين الباحثين عن لقمة العيش الشريفة والحلال لا يمتلكون إلا قوت يوم بيوم خرجوا من بيوتهم يقولون يا فتاح يا عليم يا رزاق يا كريم يا رب عشانا عليك يارب. ملايين أكثر من نصف المصريين بكثير لا يوجد لديهم أرصدة فى البنوك ولا فيلات فى الساحل الشمالى ولا مزارع بآلاف الأفدنة ولا شقة فى مصيف ولا سيارة خاصة هؤلاء الملايين يخرجون كل يوم من بيوتهم بحثا عن الرزق بحثا عن رغيف العيش وبحثا عن سندوتش الفول أو طبق الكشرى. هؤلاء هم أصحاب الثورة الحقيقيون، هؤلاء هم الصامتون والصابرون انتظارا لتحقيق العدالة الاجتماعية والكرامة الإنسانية، لا يعنيهم هذا الجدل السفسطائى اليومى فى السياسة على صفحات الجرائد وعلى شاشات الفضائيات اللهم إلا يوم الانتخابات سيذهبون إلى الصناديق ليختاروا فقط من يهتم بمعاناتهم اليومية فى الحصول على عيشة كريمة وشريفة. على الجانب الآخر هناك قوى سياسية تتصارع على كرسى فى البرلمان أو حظوة عند الرئيس، على الجانب الآخر نخب مصرية تغولت فى الكلام الكثير بلا فائدة فى السياسة وإعلام لا يعرف شيئا عن معاناة الفقراء فى أعماق الريف المصرى الذى يمثل أكثر من 60% على خريطة مصر السكانية يعانى من الفقر والبطالة وغلاء الأسعار ونقص الدواء وتدهور فى التعليم وخدمات صحية رديئة بل منعدمة. على الجانب الآخر نرى فى كل شارع تجار السوق السوداء يتاجرون فى مواد الدعم الدقيق والبنزين والسولار والبوتاجاز. منظومة فساد متكاملة يشارك فيها مسئولون وأصحاب مخابز وأصحاب محطات الوقود وتجار بلا ضمير كلنا نتفرج ولا أحد يعمل فى الاتجاه الصحيح إلا من رحم ربى. على الجانب الآخر تشاهد من يعتدون ويحرقون ويعطلون ويهددون ويتوعدون. على الجانب الآخر نجد من يدعو للعصيان المدنى الذى يؤدى إلى انهيار الاقتصاد الذى سيرغم الرئيس على الاستجابة لمطالبهم، مطالب غريبة انتخابات رئاسية مبكرة أو تأجيل الانتخابات البرلمانية أو إقالة النائب العام أعتقد أن هذا هو الطريق الخاطىء تماما. هذه ليست مطالب شعبية بل هى مطالب نخب تجلس فى أبراج عاجية، مطالب قوى سياسية تبحث عن السلطة، مطالب إعلام جزء كبير منه تعود على الكذب ونرويج الإشاعات، مطالب فلول مازالت تقوم بالاتجار فى الدقيق والوقود المدعوم من الدولة. ببساطة شديدة الشعب يريد تطهير مؤسساته ووصول الدعم لمستحقيه، الشعب يريد إطلاق عجلة الإنتاج وعودة المصانع للعمل ورواج السياحة والتصدير والترشيبد والحد الأدنى والحد الأقصى وزيادة الدخل والعيش بكرامة فى الجو الديموقراطى الحر الجديد والوليد. بالتأكيد والانتخابات البرلمانية على الأبواب الشعب سيختار كل من مد يده للمساعدة فى رفع المعاناة ومن يحمل برنامجا لمحارية الفقر والبطالة، ومن يحمل برنامجا لإصلاح التعليم ومنظومة الصحة. الشعب سيكون فى جانب من يحمل همومه وقضاياه الاجتماعية والاقتصادية. الشعب سيختار من يعمل لمصلحة الوطن مصر الغالية والحبيبة. وستعيش مصر حرة وأبية.