رغم قيام ثورة يناير المجيدة التى لا أؤيد الاحتفال بها بأى طريقة لأن الثورات لا تنطفئ ولا تخمد فهى كالبراكين كارثة طبيعية يعتبرها البعض، والبعض الآخر يعتبرها منحة لها أماكن نعبر بها وننتبه، ولكن من المستحيل أن تخمد، وكأن أحدهما لطمك على وجهك، كلما مررت بالميدان إذا كنت مستغرقا ف نومك المعتاد ف السيارة أو سماع أغنية مملة، أو مذيع بيعيد اللى بيقوله كل يوم، أو بتتناقش إنت وسواق التاكسى ف خلاف سياسى نتيجة سؤال مستهلك (هى البلد رايحة على فين يابيه) المهم تخرج عما أنت فيه وتنتبه وكأن بينك وبين الميدان لحظة حساب. لا أدرى عن أى ميدان أتحدث ولا أدرى أيضا من لطمك ع وجهك؟ فميادين مصر معظمها نالت شرف مرور صوت الثورة والثوار بها، نالت شرف سماع الأصوات من أصحابها الحقيقيين ملت وكلت سنوات من سماع خطب مكتوبة يحترفها بائعو الكلام للحمقى فقط. نعم فالأحمق فقط والأبله هو من يشترى الكلام مكتوب لترديده تحت مسمى (بروتوكلات العمل السياسى) لا أريد أن أطيل ف مقدمة بعيدة عن الموضوع، ولكن كلما جذبتنا الأحداث وأهوال الكاميرات بعيدا عن (التحرير) يجذبنا إليه هو مرة أخرى مجبرين، (أطفال الشوارع) لفظ لا أؤمن به إطلاقا وبجهله لآدمية البشر وكيان الطفولة دعونا نقول أبطال الشوارع (عمر عمر عمر) أكررر هذا الاسم وما زلت أبكيه حتى كتابة هذه السطور، لا أدرى حتى لو كان موضوعا مكررا قديما، فقد وقعت ف غرام الطفل (بائع البطاطا) الذى غيّر مفهومى عن الرجولة ومعنى المسئوليه كلمات (عمر) البسيطة ما زالت تتردد فى أذنى فهو يفهم ويعى ويتصرف وله عالم كامل مصغر ولكنه عملاق المعنى وراء عربة البطاطا جمل بسيطة، ولكن حادة مفعولها كأمواس حادة على جسد الإحساس فقط من يملك الإحساس (هو أنا مش من حقى أحلم يا أستاذ)، (يابا البيع هناك بيكون كتير)، معظمنا رأى فيديو عمر اللى تحدث فيه بالعبارة الأولى إلى المذيع.. والعبارة 2 (يابا البيع هناك بيكون كتير) لإقناع والده صلاح للذهاب إلى الموت، ومن ثم إلى خالقه، اعتذار الجيش المصرى مؤخرا على لسان المتحدث الإعلامى جعلنى أتساءل (الاعتذار فى وطنى أصبح الآن مقابل الدم فقط؟، وأجب فقط على قبر من فارق الحياة؟ بائع لب، بائع بطاطا، بائع ترمس، طفل قتل مع سبق الإصرار والاستخفاف والاستهبال.. رواية عميد الجيش الذى رواها لصلاح والد عمر صلاح: أخبرنى عميد الجيش أن العسكرى طلب من عمر بجنيه بطاطا فرد عمر: اصبر لما أروح الحمام فهدد العسكرى، هاضربك بالنار فرد عمر بشجاعة وعشم: مش هاتقدر فقام العسكرى بسحب الأمان وأطلق عليه النار.. ده كان السيناريو لعميد الجيش على لسان والد عمر وبقت جثة عمر ف المشرحة ضالة طريقها بإرادة الخالق لتلتقطها الكاميرات وتغريدات تويتر والجرائد تبقى فى وجه الظلم حقيقة واضحة كالشمش نهاية أبطال الشوار ع السجن أو الموت المهم برة الدنيا صورة عمر لم ولن تفارق خيالك ولا خيال الشوارع وسيظل عمر بائع البطاطا سؤال إجبارى ليه؟ سيظل عمر (طفل المشرحة التائه) حاضر وعاهة مستديمة فى وجه الشارع المصرى ومن استخف بجسد كرمه الله عن باقى مخلوقاته. ند رؤيتك لكل عربة بطاطا وترمس ولب ومناديل حاضر مع كل طفل استنجد بالشارع بكل قسوته ليعول أهله ويسدد الأقساط الشهرية مقابل اغتصاب طفولته وضياع أحلى أيامه وحتى ضياع حياته إن لله حكمة لا يعلمها غيره ليتم تصوير فيديو مع شهيد البطاطا قبل اغتياله بأيام صدفة، لم يكن يعى عمر أنه هو الذى سيدفع من دمائه ثمن البطاطا مدى الحياة فكان ينتظرها هو بجسده النحيل.