ما أشد حاجتنا لأن يتعلم رجال اليوم وكبار القوم من أطفال الأمس، وليس ذلك عيبا ما دامت فيه الفائدة والمنفعة، وأقول لكم وعلى استعداد أن أقسم على ذلك بأغلظ الأيمان: إنه إذا حدث هذا ستعيش مصر والعالم الإسلامى كله فى أمان وأزهى العصور والأزمان، ولا أقول ستعود أمجاد الماضى العظيم، لأننى لا أحبذ النظرة الدائمة إلى الخلف كلما ألم بنا خطب. رغم أن ذلك أصبح عادة حتى إننا نحب ألا ننفصل عن ماضينا، وما أجمل ذلك لو كان برغبتنا وإصرارنا وبصيرتنا وعملنا وعلمنا وفكرنا، لكنه للأسف التصاق إجبارى لضعف وعجز وانكسار، فنتعلق بالماضى لينقذنا معنوياً من غرق الحاضر. سامحونى فقد أطلت عليكم، لكنها مقدمة أرى أنها ضرورية لأصل بها إلى عمق ما أريد أن أقول. يروى أن الإمام أبو حنيفة النعمان رضى الله عنه، مر على طفل يلعب فى الطين فقال له الإمام من قبيل النصيحة التى هى من الدين وواجب العلماء: إياك أن تزل فتتسخ ملابسك، فرد الطفل رداً بليغاً قائلا: بل إياك أنت أن تزل يا إمام فإن زل العالِم يزل العالَم لزلته، وظل الإمام بعدها يفكر طويلا قبل أن يقول رأياً أو يفتى بفتوى، فقد عرف الطفل قدر العالم وتذكر العالم قدره بكلمات الطفل، فليتنا نتعلم من طفل الأمس لنعطى العالم قدره واحترامه، وفى المقابل يجب على العالم أن يحترم علمه ومكانته، ويحافظ على هيبته، فلا يقول إلا خيرا ولا يتحدث إلا فى الخير، والسلام على من اتبع الهدى.