برغم جراح المصريين المستمرة والمصائب المتتالية فى بلادنا الغالية، وبرغم الآلام التى لا تكاد تنضب حتى تتجدد بأشد منها، وبرغم المستقبل غير الواضح ما بين معارضة تريد أن تأكل السلطة، وما بين سلطة سقطت فى براثن المكائد والخديعة من الداخل والخارج، وهوت بين رحى المطالب والحاجة وضيق ذات اليد وقلة الموارد، وما بين آمال كانت متدفقة فى مستقبل مشرق انقطع عنها الحلم وغاب عنها وريد الدم الذى يحييها كلما أصابها العطب وسقطت مغشية عليها ولا تجد من ينقذها مما هى فيه، برغم كل ما سبق ما زال الأمل لدينا نحن المصريين قائما لا ينتهى ولا يموت ولن يندثر أبد الدهر. ومع كل ذلك لا ننسى أبدا مأساة الشعب السورى القطعة الثانية من قلب المصريين على مدى الدهر والتاريخ، ولا أريد أحدا أن يستغرب مقالى فى هذا الوقت الصعب الذى نعيشه فى مصر، وملاذى هنا الأمل الذى لم أفقده فى نجاح المصريين واليأس الذى يتملكنى من استمرار معاناة شعب لا نصير له والعالم يتآمر عليه والكل يأكل فى وبره. ومازال بشار الأسد يمارس أعمال القتل والتخريب والدمار فى حق شعبه وأرضه وبلاده، وما زالت دماء الشهداء تسقط فى كل لحظة دون رحمة أو هوادة أو وازع من ضمير أو دين أو قانون أو شرع أو قوة عسكرية تتصدى لهذا الجبروت الزاحف على أرض سوريا. والأرض تئن ألما لمصاب أهلها العزل وتأبى أن تمتص دماء الشهداء، والأكفان لا تكفى أعداد الجثث، وصلوات الجنازة تلو الأخرى لا يقطعها سوى دوى إطلاق الرصاص. وصرخات النساء الثكالى تتعالى كل دقيقة ولا يقطعها إلا صوت المدافع وسقوط المبانى من عليائها وارتطامها بالأرض لتصبح حجارة بعدما كانت صروحا شامخة، والحطام أصبح يغطى الشوارع، ولا مكان لقدم تتحرك نحو عمل أو مخبز أو ماركت لالتقاط بعض اللقيمات أو الأطعمة كى تقيم أود المحاصرين ليل نهار ويرزخون تحت نيران القصف. وكوابيس الليل ظهرت بالنهار فلا نوم لشيخ أو عجوز ولا راحة لشاب ولا سيدة ولا حياة لطفل ولا أمل فى مستقبل لمولود، فهل من أمل يخلص هذا الشعب أم أن الأمل مات بموت ضمير العالم وموت كرامة الإنسان وموت جميع القيم الإنسانية والمشاعر البشرية. فأهلا بيوم ينجح فيه المصريين ويتحقق فيه حلم السوريين برغم الجراح التى يحياها الشعبين، ويقول أشرف الخلق "تفاءلوا بالخير تجدوه"، وأنا مازلت رغم الجراح متفائلا وأدعوكم للتفاؤل.