رغم محاولات الدكتورة سهير المصادفة، أمس لجذب ضيوف "ملتقى الشباب" لمناقشة "الأفكار الإبداعية الشبابية على موقع التواصل الاجتماعى.. فيس بوك"، إلا أنه كان هناك اتفاق غير معلن بين من جاءوا إلى الملتقى، لاستحضار ميدان التحرير ودور المرأة فى الثورة، حيث انصب حديثهم عن الظروف السياسية التى تمر بها البلاد. شجعهم على ذلك قول د. سهير فى بداية حديثها: "يبدو أن أغلب الشباب مهتمين بقضايا أكبر فى ميادين مصر.. ثم تساءلت: ماذا بعد أن أطلق موقع "فيس بوك" الأنوار التى أضاء بها مصر، وهدم نظام عجوز بائد كان قد رسخت جذوره منذ سنوات طويلة؟.. هل سيؤثر موقع التواصل الاجتماعى سلبا أم إيجابا فى مسار الثورة لتحقق أهدافها؟.. وهل سيساهم فى تحقيق ما ضحى من أجله شباب مصر؟.. وما هى الأفكار الإبداعية التى يمكن طرحها عليه، والتى تعزز من استخدامه فكريا وسياسيا؟ واعترفت المصادفة أن موقع "الفيس بوك" أصبح لديه مساوئ عديدة بعد ثورة يناير، فقد انتقل النضال إلى الإنترنت بالكلمة وترك بعض الثوار الميدان وأصبحوا محسوبين سلبا على شباب الثورة، وأكدت أنه من العبث أن تلغى أى قوى ثورية وجود القوى الأخرى فى ميدان الثورة، ومن العبث أيضا أن يدعى فصيل واحد أنه من قام بالثورة بمفرده، مطالبة جميع الأطراف بتجاوز الأزمة التى نعانى منها الآن قبل أن تشهد مصر خرابا وقالت: على الجميع أن يراجع نفسه فى الأيام القليلة القادمة. من جانبها دعت إيمان سمير، إحدى مؤسسى حركة "نساء بلا حدود" كل القوى السياسية للاعتراف بدور المرأة وقدرتها على تقديم الحلول المناسبة للخروج من الأزمة، وقالت: نحاول من خلال الحركة أن نقضى على التحرش الفكرى الذى تعانى منه المرأة فى هذا الوقت، والذى يعمل على تهميش المرأة سواء من الفئات الدينية أو جبهة الإنقاذ أو الأحزاب الكارتونية التى لا وجود لها على أرض الواقع. وتحدثت كريمة الغريب عضو بحركة "نساء بلا حدود" عن صناعة الرجل الذى هو من صنع المرأة، وأكدت أن المرأة هى التى تصنع الديكتاتور فى طريق تعاملها مع ابنها وابنتها، ثم بعد ذلك تأتى وتطالب بالمساواة وعدم الاضطهاد. ورفض الكاتب عبد العزيز السماحى أن يكون لأى فصيل سياسى فضل فى قيام الثورة، وأكد أن الشعب المصرى هو من قام بالثورة ثم جاءت بعد ذلك الحركات السياسية وحاولت أن تبحث عن مكان لها داخل الميدان، وكان الإبداع الذى ظهر فى الميدان هو وجه الثورة للخارج. أما الناشط عماد خفاجى، أمين عام حزب التحرير، فأكد أن المرأة كان لها دور فعال فى الثورة المصرية ولا يمكن لأى فرد أن يغفل مجهودها، وطالب الشعب بالتوحد حتى يستطيع أن يخرج من الأزمة الحالية. من جهة أخرى ناقش "ملتقى الشباب" أمس الأول مشكلة يعانى منها الشباب الذى يعمل فى مجال صناعة السينما، من كتابة السيناريو والإخراج وغير ذلك، وكيف أن الشباب فى هذا المجال يتعرضون للتهميش من قبل المسئولين عن هذا العمل.. وذلك فى الندوة التى عقدت تحت عنوان: "سينما الشباب والكتابة.. التواصل والانقطاع". وفى بداية اللقاء وصفت د. سهير المصادفة مشكلة الشباب مع السينما بالمأساة، وبررت ذلك بأن الانقطاع الكامل عن الكتابة هو بالفعل مأساة حقيقية، وقالت: ثمة اتهامات عديدة تواجه السينمائين منها السرقات من الأفلام الأجنبية والرويات المصرية دون الإعلان عن مصدرها الأصلى، والذى أعتبره تحد صارخ لحقوق الملكية الفكرية، وأعتقد أن هذا هو السبب الرئيسى فى تخلف السينما المصرية عن ركب "العصر الذهبى" كما تصفها الصحف السيارة. المخرجة بسنت خيرت، قسمت السينما الشبابية إلى مستويين، الأول هو المضمون الشبابى الذى تقدمه السينما من إثارة القضايا التى تخص الشباب ولا يشترط فى من يقوم بتنفيذ هذا العمل أن يكون يتبع هذه الفئة، أما المستوى الثانى وهو أن يكون طاقم العمل لأى منتج إبداعى من الشباب كالمؤلف والسينارست والمخرج، وقد تصل السينما الشبابية إلى قمة مجدها إذا حصل اندماج بين المستويين. وحكت بسنت عن تجربتها مع السينما من خلال أفلامها التى قامت بإخراجها: "قدمت فيلم (اللحظة الأخيرة) وهو مستوحى من قصة حقيقية (التوربينى) والظلم الاجتماعى الذى تعرض له وغياب دور الدولة فى الاهتمام بأطفال الشوارع، وكذلك الفيلم التسجيلى (أتيليه التحرير) وهو يتحدث عن الفنانين الذين ظهروا فى ميدان التحرير سواء كانوا فى مجال الرسم أو العزف أو غير ذلك، وأيضا فيلم (عيش.. حرية.. عدالة اجتماعية) ويحكى عن الطبقة الفقيرة فى المجتمع المصرى، ورغم حصولهم على مؤهلات عالية إلا إنهم ما زالوا فقراء، وغير ذلك من الأفلام". ولخص السينارست إسماعيل مجاهد، مشكلة الفن فى مصر بأنه منتج ثقافى ومن يمارسون الفن ليس لديهم أى مستوى من الثقافة وقال: "أنا لا أتصور أن يكون مخرج لا يقرأ ويتفاخر بين الناس أنه لا يحب القراءة، كيف لهذا الشخص أن يخرج منتجا ثقافيا، الأزمة فى العقلية التى تصنع السينما وليس فى الأموال التى تصرف على صناعتها، لا يمكن أن يظهر للنور فيلم محترم فى ظل غياب الحوار بين أعضاء مثلث صناعة السينما (المنتج والمؤلف والممثل)". وتساءل مجاهد: أين نحن من السينما العالمية؟.. ما هى معايير دخول أكاديمية الفنون؟، التى أصبحت بالقرابات ويتخرج فيها ناس ليس لهم علاقة بالفن إلا بكتابته فى خانة المهنة بالبطاقة الشخصية؟ وقال: فى كل المجتمعات صناعة الإنسان لا تكون بالعلم فقط، وإنما يكون الفن متجاورا معه، لذلك الخطأ فى منظومة التربية لدينا أفرزت لنا أشباه مواطنين وهذا خلق التعامل غير الآدمى بين الأفراد بعضهم البعض. وعدد السينارست محمد محمد مستجاب، الصعوبات التى يواجهها الشباب حتى يخرج عملهم إلى النور وقال: أولى المشاكل التى تواجهنا مشكلة الإنتاج الذى يتحكم بصورة كبيرة فى مضمون العمل والنجم الذى يقدمه، والمخرج الذى يبدل ويغير فى أحداث الفيلم بما يتماشى مع مزاجه الخاص، والنجم الذى يتعامل مع فريق عمل خاص به ولا يريد أن يتخلى عنه لمجرد أنه يرتاح فى العمل معه، وغير ذلك من الأمور التى يجب علينا تحملها والنزول لرغباتهم حتى أستطيع أن أصل بفنى للناس. واعترف مستجاب أن هناك بعض الشباب من تنازل عن مبدأه وباع منتجه الفنى لأشخاص أخرين ينسبونه لأنفسهم لمجرد حاجته إلى المال، وأن يرى الإعجاب بعمله فى عيون الناس، ولكن كثير منا يحاول طرق الباب بقوة، لأن هذا عمله ومستقبله، ولا يبحث عن وساطة، وإنما ينتظر أن يفرض عمله نفسه على الجميع ويرى اسمه على الشاشة. أما الفنانة هند عاكف، فترى أنه لا مانع من الاقتباسات فى بعض الأفلام العربية من الأفلام الغربية، وإن كانت هى ترفض هذا النوع من الفن، واعترفت أن الشباب فى هذا المجال مهضوم حقه، كما هو حاله فى المجتمع ككل، لذلك فإنه يجب أن ندعم السينما الشبابية، وأن يعود الإنتاج لقطاع الإنتاج، لأن معظم المنتجين يبحثون عن المادة دون النظر إلى مضمون الفيلم.