" إتحاد نقابات مصر": ثورة 23 يوليو أنصفت العمال وكانت انطلاقة حقيقية للعدالة الاجتماعية    قرار جمهوري بإنشاء جامعة خاصة باسم «جامعة مصر الجديدة»    «الإياتا» تشيد بكفاءة إدارة المجال الجوي المصري خلال التحديات الإقليمية    22 يوليو 2025.. الدولار يواصل التراجع أمام الجنيه لأدنى مستوى منذ نوفمبر 2024    كامل الوزير: الكويت أكثر من مجرد شريك اقتصادي لمصر بل حليف استراتيجي نعتز به    أستاذ علوم سياسية: إيران أمام خيارين.. القبول بشروط الغرب أو التصعيد العسكري    نجم الزمالك السابق يوجه رسالة نارية لأحمد فتوح.. هتنتهي بدري    تير شتيجن يغيب عن جولة برشلونة الآسيوية ويؤجل قرار الجراحة    طارق يحيى ينصح فتوح بالزواج بعد أزمته مع الزمالك    اندلاع حريق كبير داخل مصنع وإصابة 20 عاملا في أكتوبر    افتتاح المتحف المصري الكبير| رئيس الوزراء يترأس اجتماع اللجنة العليا لتنظيم فعاليات الاحتفالية    دراسة: تناول الأفوكادو ليلًا يدعم صحة القلب لدى مرضى السكري    بقيادة مصطفى محمد.. نانت يواجه بطل أوروبا في افتتاح الدوري    البورصة تخسر 12.5 مليار جنيه في نهاية تعاملات الثلاثاء    الداخلية تواجه سرقة التيار الكهربائي ب4120 قضية في يوم واحد    وزير قطاع الأعمال يبحث مع هيئة الشراء الموحد التعاون بقطاع الأدوية والمستلزمات الطبية    بينها ندوة أحمد نبيل.. برنامج عروض وفعاليات «القومي للمسرح المصري» اليوم    محمد ممدوح تايسون ضيف برنامج فضفضت أوى على watch it غدا    أدعية لطلاب الثانوية العامة قبل النتيجة من الشيخ أحمد خليل    تطور جديد في إصابة حسين الشحات قبل مباراة الأهلي والبنزرتي    صحة المنيا: فحص 165 حالة خلال قافلة بقرية الجزائر بمركز سمالوط    فى ضربة قاضية لتعليم الانقلاب …أولياء الأمور برفضون الحاق أبنائهم بنظام البكالوريا    حملات مكثفة على مخابز الوادي الجديد ومتابعة تطبيق مبادرة حقك بالميزان    نقابة أطباء قنا تحتفل بمقرها الجديد وتكرم رموزها    زيلينسكي يعرض مجددا لقاء بوتين: نريد إنهاء الحرب    الجامعة العربية تطالب العالم ب« تحرك فاعل» لإنهاء مذابح الاحتلال في غزة    انتظام محمد السيد في معسكر الزمالك بالعاصمة الإدارية    ملك البحرين يهنئ الرئيس السيسي بذكرى ثورة يوليو المجيدة    وزيرة التخطيط تلتقي ممثلي شركة ميريديام للاستثمار في البنية التحتية لبحث موقف استثمارات الشركة بقطاع الطاقة المتجددة    بمشاركة رجال الشرطة.. حملة للتبرع بالدم في مديرية أمن أسيوط    مصر وفرنسا تبحثان سُبل تعزيز التعاون في مجال الطيران المدني    كريم نيدفيد لميركاتو : الإصابة وزحمة نص الملعب عرقلت مشواري مع الأهلي..تريزيجيه رجع بدري وزيزو انهى مقولة المستحيل في الكرة    افتتاح نموذج مصغر للمتحف المصري الكبير بالجامعة الألمانية في برلين (صور)    فيلم الشاطر ل أمير كرارة يحصد 22.2 مليون جنيه خلال 6 أيام عرض    أحمد عصام عن «كتالوج»: «كنّا أسرة مع بعضينا ووليد الحلفاوي شغل الكاميرا» (فيديو)    خاص| دنيا سامي: نفسي أعمل "أكشن كوميدي".. ومبسوطة بنجاح مصطفى غريب    تفاصيل تجربة يوسف معاطي مع الزعيم عادل إمام في الدراما    تنسيق كلية تجارة 2025 علمي وأدبي.. مؤشرات الحد الأدنى للقبول بالجامعات    حملة دعم حفظة القرآن الكريم.. بيت الزكاة والصدقات يصل المنوفية لدعم 5400 طفل من حفظة كتاب الله    هل يجوز المسح على الكم بدلًا من غسل اليدين في الوضوء؟.. عضو بمركز الأزهر تجيب    يضم 24 مدرسة، قيادات الأزهر يفتتحون المقر الرسمي لأكاديمية «مواهب وقدرات» للوافدين    وسائل إعلام سورية عن مصدر أمني: اتفاق وقف إطلاق النار في السويداء يجري تطبيقه في معظم المناطق بلا خروقات    مصرع دكتور جامعي وإصابة 5 من أسرته في حادث مروع بالمنيا    حملة «100 يوم صحة» قدّمت 8 ملايين خدمة طبية مجانية خلال 6 أيام    طقس السعودية اليوم الثلاثاء 22 يوليو 2025.. أجواء شديدة الحرارة    استخراج جثامين طفلين من الأشقاء المتوفين في دلجا بالمنيا    ضبط شخص لإدارته كيانا تعليميا دون ترخيص للنصب والاحتيال على المواطنين بالجيزة    هل يجوز عمل عقيقة واحدة ل 3 أطفال؟.. أمين الفتوى يجيب    مسجلة 3.9 مليار دولار.. 194% ارتفاعا في صادرات الذهب بالنصف الأول من 2025    «أونروا»: سكان غزة يصابون بالإغماء من شدة الجوع    «الصحة» تبحث التعاون في الذكاء الاصطناعي مع شركة عالمية    وزير خارجية فرنسا: ما يحدث في غزة فضيحة.. ولا مبرر لعمليات إسرائيل العسكرية    وزير الخارجية يسلم رسالة خطية من الرئيس السيسي إلى الرئيس النيجيري    «حرب الجبالي» الحلقة 43 تتصدر التريند.. أسرار تنكشف وصراعات تشتعل    «أزمات في أوضة اللبس؟».. رد صريح من نجم الأهلي    من الهند إلى أوروبا.. خطة سرية كبرى بين نتنياهو وترامب لليوم التالي بعد إنهاء الحرب في غزة    «الداخلية» تعلن شروط قبول دفعة جديدة بكلية الشرطة    لا علاقة له ب العنف الجسدي.. أمين الفتوى يوضح معنى «واضربوهن»    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



احذروا هذا الرمز!
نشر في اليوم السابع يوم 02 - 04 - 2009

وصلنى عبر الإيميل، كما بالتأكيد قد وصلَ العديدَ منكم ممن يتوسّلون الإنترنت، رسالةٌ، أصابتنى بالاكتئابِ أسبوعاً، ثم بالضيقِ أسبوعاً، ثم بالحَيرةِ أسابيعَ، وأبداً طويلا لا ينتهى.
الحيرةُ فى أن أفهمَ كيف خطرتْ على بال من صنعها، ثم فى جسارة طرْحها، ثم فى مغزاها، وفى الأخير، الحيرةُ فى أن أجد توصيفًا يليقُ بها! المُرْسِل هو «نورُ الإسلام»، اسمٌ مستعار لشخصٍ أو لجماعة. وأما فحوى الرسالة فخُلْوٌ من كلِّ نورٍ، ومن أىّ إسلام!
الرسالةُ عبارة عن صورتين. إحداهما صورةُ خُفٍّ (شبشب) أبيضِ اللون، على أرضيته شريطان أزرقان متعامدان، يشكّلان معا هيئةَ صليب! وفى الصورة الثانية قدمٌ بشريةٌ وقد داستْ على الصليب!!!
وليس من كلمةٍ فى الرسالة، اللهم إلا عنوانُها الذى يقول: «احذروا هذا الرمز، خطرٌ يُدمّرُ مستقبلَكم وحياتَكم، ضعوه تحت أقدامكم».
وبقدر ما استفزتنى الرسالةُ وأحنقتنى؛ لفقرِها ورداءتها، وتعمّدها اقتسام وتفتيت أوصال هذا البلد، المرزوء ببعض مرضاه المحسوبين على مواطنته، وبقدر إيمانى بأن أشدَّ عقابٍ للسفاهة هو تجاهلُها؛ عملا ببيت الشعر العبقرىّ: «يخاطبُنى السفيهُ بكلِّ قبحٍ/ وأكره أن أكونَ له مُجيبًا/ يَزيدُ سفاهةً وأزيدُ حِلْمًا/ كعودٍ زادَه الإحراقُ طيبًا»، أو اقتداءً بالبيت الآخر للإمام الشافعى أيضا: «إذا نطقَ السفيهُ فلا تُجِبْه/ فخيرٌ من إجابته السكوتُ/ سَكَتُّ عن السفيهِ فظنَّ أنى/ عييتُ عن الجوابِ وما عييتُ/ فإن كلّمتُه فَرَّجتُ عنه/ وإن خليّتُه كَمَدًا يموتُ»، أؤمن بكلِّ هذا، وأطبّقه دائمًا. على أننى ظللتُ أقاومُ ضيقى لأسابيعَ، وأتعمّدُ نسيانَ الأمرِ وتجاهُلَه، حتى ضاقتْ بى السُّبلُ. فارتعابى على مصرَ يقضُّ مضجعى. وأمثالُ تلك السَّخافات، وأولئك السُّخفاء يهدّد بكارثة وشيكة، ليس تتحملُها مصرُ.
وكعادتى حينما أسمعُ أىَّ قولٍ، أُفعّلُ فلترَ سقراطَ الثلاثىّ. حين جاءه تلميذٌ له ودَّ أن يشى بزميله. فقال له سقراطُ، قبل أن يسمحَ له بالكلام: دعنا أولا نمرّرُ كلامَك على الفلتر الثلاثى: -1 صِدْقُ الكلامِ، أو كذِبُه، -2 طيبةُ الكلام، أو شرُّه، -3 فائدةُ الكلام. ولما اكتشفَ التلميذُ الواشى أنه لا يعرف أكان الكلامُ الذى سيقول صادقًا أم لا، ولما كان يدرك أنه كلام شريرٌ لا طيبةَ فيه، ولما لم يجدْ فائدةً من حكيه، رفض سقراطُ الإنصاتَ إلى وشايته.
وبتفعيل هذا الاختبار سنجد أن ذلك الإيميل رسالةٌ: كاذبةٌ، شريرةٌ، لا فائدةَ منها، سوى حربٍ رخيصة بين أبناء وطن واحد. فلِمَ وألفُ لِمَ، ولصالح مَنْ أرسلَها المُرسِل؟
ثم أعود لأسألَ: هل محسوبٌ هذا المُرسل «الركيك»، أيًّا مَن كان، على دينٍ، أىّ دين، سماويًّا كان أو غيرَ سماوىّ؟ ثم هل هو محسوبٌ، خصوصًا، على الدين الذى قال كتابُه: «آمنَ الرسولُ بما أُنزلَ إليه من ربّه والمؤمنون، كلٌّ آمنَ بالله وملائكته وكتبِه ورسُلِه، لا نُفرّقُ بين أحدٍ من رسله، وقالوا سمعنا وأطعنا غفرانَك ربَّنا وإليكَ المصير؟»
ثم ماذا لو قلبنا الحال؟ فقط من باب التخييل الجدلىّ، أودُّ أن يتخيلَ القارئُ أن مسيحيًّا فعلَ الشىءَ نفسَه مع أيقونة أو رمزٍ يخصُّ الدين الإسلامىّ، فأرسلَ آلافَ الإيميلات التى تزدرى الديانةَ الأخرى، ألن يُحَلَّ دمُه فى لحظة؟ هذا المُرسلُ ليس مسلمًا حُكمًا. فدينه، مثلما كل الأديان، لا تدعو إلا لاحترام الأديان الأخرى. إنما هو مشروعُ إرهابىّ، يحتمى فى كونه ينتمى لأكثرية، فى مجتمعٍ لا يحفلُ كثيرًا بقضايا ومشاكل الأقليّات، ولا الأكثريات حتى! وواجب تلك الأكثرية أن تتصدى لمثل تلك النماذج الشائهة، قبل أن تتصدى لها الأقلياتُ التى فى فمها ماء.
وقبل أن تقومَ حربٌ طائفيةٌ لا قِبل لنا بها. ونحن بِتنا نكافحُ من أجل رغيف الخبز، الذى صار عزيزا على الجميع.
أعلمُ، سلفًا، أن هذا المقالَ سيثيرُ علىَّ «الطائفتيْن» (لشدَّ ما أكره هذه الكلمة، فمصرُ لا ينبغى أن تنقسمَ طائفيًًّا أو عِرقيًّا أو مذهبيًّا، هى التى تعاقبتْ عليها الحضاراتُ والثقافاتُ والأعراقُ والمِلل، وخرجت منها واحداً صحيحاً غيرَ قابلٍ للقسمة. فلماذا نعملُ على تقسيمها الآن، ولصالح مَن؟). أعلمُ أنْ سيحدثُ مثلما حدث فى مقالى هنا باليوم السابع: «مصرُ التى لا يحبُّها أحد!»، حينما، لعجبى، اتهمنى مسيحيون بأننى مسلمةٌ عنصرية أهاجم المسيحيين، واتهمنى مسلمون بأننى أعزّز المسيحيين وأنادى بشرعية وجودهم، فى «بلدهم» مصر! (كلاهما اتهمنى فى نفس اللحظة وحسبنى على الفريق الآخر، دون قراءة أو وعى!) والحقُّ أننى لا أعبأ بإرضاء هؤلاء أو أولئك من الغُلاةِ المتطرفين، بل إن ما يعنينى بحق هو مصر. مصرُ الحزينةُ بأفعالِنا! ما يعنينى هو الحبُّ الذى نهدرُه من بين أصابعنا لصالح التناحر والضغينة والتراشق بكل ما هو غثٌّ ركيك. إن كانت الحكومةُ تكرهنا، نحن المصريين، كما هو جلىٌّ واضح، فلماذا لا نعملُ، على الأقل، على أن يحبَّ بعضُنا بعضًا؟ علّ لنا مَخْرجًا.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.