ذات الفرد هى نتاج الخبرات التى يمر بها، وتقييم الفرد لذاته يتولد من الصغر تدريجياً مع الرغبة فى تحقيق الذات المثالية التى يحلم بها، وغالبا ما يسعى الإنسان إلى تحقيق ذات واقعية تتواءم مع إمكانياته وخبراته ودرجة تكيفه مع بيئته بدلاً من السعى لتحقيق ذات مثالية غير واقعية، ويساعد استغلال الإمكانيات الذاتية الكامنة على تطوير الذات الحقيقية إلى تلك الواقعية التى تحقق للشخص السلام والوئام مع نفسه وبيئته. يقول عالم النفس الأمريكى "إبراهام ماسلو" فى هذا السياق: إن الإنسان يولد وهو محفز لتحقيق احتياجات أساسية فى شكل هرمى بدءًا بالحاجات الفسيولوجية كالجوع والعطش، مرورًا باحتياجات الأمن والسلامة ثم احتياجات الانتماء والتقبل من المجموعة، وصولاً إلى احتياجات اعتبار واحترام الذات فى قمة الهرم، وبعد تحقيق كل هذه الحاجات يجاهد الإنسان لتحقيق ذاته ليصل إلى أسمى مراحل الاكتفاء الذاتى والسلام مع نفسه، ويذهب ماسلو إلى وصف هؤلاء الذين حققوا ذاتهم بأنهم واقعيون، متقبلون لأنفسهم وللآخرين، تلقائيون، مركزون على أهدافهم وعلى حل مشاكلهم، مستقلون، ديمقراطيون، ويتمتعون بروح الخلق والإبداع. أما الدراسات التى قام بها "كارل روجرز" فى مجال التحليل النفسى فقد ساعدته على الإتيان بنظريته وطريقة علاجه المتمركزة حول الفرد والتى تهدف أساساً إلى مساعدته لكى يحقق ذاته وتقول النظرية: "الإنسان يولد ولديه دافعية قوية لاستغلال إمكانياته الكامنة لتحقيق ذاته وليسلك بطريقة تتوافق مع هذه الذات، وقد يحتاج الإنسان إلى إنسان آخر يظهر تفهماً ويبدى تعاطفاً كاملين لكى يساعده على استنباط هذه الإمكانيات الكامنة واستقلالها لكى يحقق ذاته"، لذلك يعمد المعالج بهذا الأسلوب العلاجى على مساعدة الفرد على استكشاف واستغلال إمكانياته المعرفية الذاتية فى جو من "القبول الكلى غير المشروط" للفرد "والمتفهم، والمتعاطف" بدون انتقاد وبرضاء كامل سعياً وراء تحقيق الفردية وتكوين الذات. والافتراضات الأساسية لنظرية كارل روجرز هى أن لكل إنسان الحق الكامل لأن يكون مختلفا فى الرأى والمفاهيم والسلوك، وأنه يتصرف بما تمليه عليه معتقداته ومبادئه، أى أن يكون سلوكه وتصرفه متوافقا مع أفكاره وحرية التصرف هذه يجب أن تتوافق مع القوانين العامة، ولا تمس حقوق وحرية الآخرين وبما أنه حر فى اختيار نمط سلوكه، فهو مسئول عن تبعات ذلك السلوك، أما الأهداف فهى تحقيق الذات، من خلال تكوين شخصية متماسكة وقوية ومستقلة وتلقائية لا تضع اعتباراً كبيراً لما يقوله الآخرون وتأكيد الذات من خلال تقبله ورضاه عن نفسه. فمن سمات الأسلوب الاستكشافى غير الموجه فى العلاج النفسى المتعارف عليه فى الغرب أن يساعد الفرد على استكشاف خفايا أفكاره ورغباته وأحلامه وأمانيه من خلال كلامه وتعبيراته، وكذلك استكشاف مكامن العقد النفسية فى دواخله، والمريض هو العامل المحرك فى العلاج، أما المعالج فهو العامل المساعد فقط، غير موجه أو متخذ دور أبوى أو قيادى، والقاعدة الأساسية هى إرساء فردية واستقلالية المعالج، واعتماده على نفسه، وتحميله المسئولية نحو علاجه.