سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
مجلة الأمم المتحدة تنشر مقالاً للمفتى حول "الحوار بين الحضارات والثقافات".. جمعة: لا حوار بين الشرق والغرب إلا بحل عادل للقضية الفلسطينية.. وبعض وسائل الإعلام الغربية تلحق ضررًا بقضية السلام العالمى
فى سابقة هى الأولى من نوعها نشرت مجلة "اليو إن كرونيكل" المجلة الرسمية الفصلية للأمم المتحدة، والتى يتم توزيعها فى أكثر من 180 دولة حول العالم- مقالاً للدكتور على جمعة- مفتى الجمهورية، وذلك فى عددها الصادر فى أكتوبر، والذى خصصته عن "الحوار بين الحضارات والثقافات"، حيث يعد المفتى أول عالم مسلم يكتب فى هذه المجلة. وأكد المفتى فى مقاله أنه بالرغم من محاولات تعكير صفو العلاقات بين الإسلام والغرب، إلا أن الرد المناسب لا يكمن فى الهجوم أو الدفاع؛ وإنما فى البيان والدعوة إلى التركيز على المشترك، وهذا المسار مؤسس على المبدأ القرآنى: "تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم"، مشيرًا إلى أنه "من واجبنا كقيادات دينية أن نتفاعل مع توترات العالم تفاعلاً استبقيا من خلال العمل الدءوب والمنهجى على نزع فتيل تلك الأزمات". وشدد فى مقاله على أن العالم أحوج ما يكون إلى منتديات تعين على حوارٍ حقيقى نابع من الاعتراف بالهويات والخصوصيات، وهو الحوار الذى يظل محترمًا ولا يسعى لتأجيج نيران العداوة والبغضاء أو فرض الهيمنة على الآخر؛ والذى يراعى التعددية الدينية والتنوع الثقافى، ولا ينقلب أبدًا إلى حديث أحادى، وبالتالى فهو من وجهة نظر الإسلام ليس سعيًا لإلحاق الهزيمة بالمخالف بقدر ما هو محاولة لفهمه وسبر أغواره، وقد خلقنا الله شعوبًا وقبائل ليتعرف بعضنا على بعض كما جاء فى القرآن الكريم. وأضاف المفتى أن الإسلام أقام حضارة إنسانية أخلاقية وسِعت كل الملل والفلسفات والحضارات، وشارك فى بنائها كل الأمم والثقافات، مؤكدًا على أن الإسلام قدم نظرة عالمية مفتوحة ولم يسع أبدًا إلى إقامة الحواجز بين المسلمين وغيرهم؛ وإنما دعا المسلمين إلى ضرورة الاقتراب من الآخر بقلوب مفتوحة وبقصد توضيح الحقائق. وأوضح مفتى الجمهورية: "أن الحوار هو لون من ألوان الجهاد بمعناه الوسيع فى التصور الإسلامى، وإذا كان القرآن والسنة قد ألقيا الضوء على قيمة الحوار؛ فإن تاريخ المسلمين يشهد على أهمية وقيمة الحوار فى التراث الإسلامى"، لافتًا إلى أنه من المفيد أن نضع نصب أعيننا أن الحوار لا يجب أن يكون مقصورًا على النخب الأكاديمية التخصصية فحسب، لأن الحوار على هذا النحو سيكون غير ذى جدوى وربما كانت له آثار عكسية. ذلك أن الغاية الأسمى من الحوار هى بناء جسور التفاهم بين الشعوب ذوى الحضارات المختلفة، ومن ثم فلابد من ممارسة الحوار وتطبيقه لا أن يظل حبيس الجدران فى القاعات والمؤتمرات، ولابد أن يساعد الحوار عامة الناس فى كشف الغموض الذى يكتنف الاختلافات الدينية، وفى فهم الحكمة الإلهية من التنوع الدينى. وعبر عن قلقه من تصاعد ظاهرة الخوف من المسلمين فى الغرب، وترقى سدنة كارهى الإسلام فى الغرب إلى مناصب رفيعة، معتبرًا أنه أمرٌ "مثير للقلق"، مشيرًا إلى أن التصرفات الهوجاء بحق الإسلام والمسلمين وعدم الرغبة فى فهم الإسلام لا تعوق فقط الجهود الرامية إلى إجراء حوار حقيقي، بل إنها تقتلها فى مهدها أصلاً. وأضاف المفتى فى مقاله بالمجلة الفصلية للأمم المتحدة أن بعض وسائل الإعلام الغربية تتبنى منهج الربح مهما كانت التكاليف والنتائج، وتلحق ضررًا بالغًا بقضية السلام العالمى من خلال تأجيج نيران الكراهية والتعصب فى قلوب وعقول عموم الناس، مؤكدًا على أنه لا حل للمشكلات التى يواجهها العالم الإسلامى اليوم إلا باعتماد الدين الإسلامى فى صورته النقية المعتدلة السمحة كمنهاج للتغيير. وقال فضيلته: "دورنا كقيادات إسلامية قضت حياتها فى دراسة النصوص الدينية هو تقديم صورة للمرجعية الإسلامية القادرة على مخاطبة العالمين والتى ستسهم فى فهم الإسلام كما ينبغى، وستساعد على العيش معًا فى سلام عادل ودائم، والتعاون فيما بين البشر على أساس الشراكة والاحترام المتبادل". وشدد المفتى فى مقاله على أنه لا حوار بين الشرق والغرب إلا بحل عادل للقضية الفلسطينية، لأن مصدر التبرير المزعوم لدى الدوائر السياسية فى الغرب لكثير مما يطلقون عليه مظاهر التطرف والعنف السياسى فى العالم مردّه إلى مأساة فلسطين التى لم تُحل منذ 60 عامًا، مؤكدًا على أننا نحتاج لفهم هذا الوضع المعقد حتى نضع حلولاً لهذه المأساة وهذا لن يكون إلا بحل عادل للقضية الفلسطينية. جدير بالذكر أن السكرتير العام للأمم المتحدة بأن كى مون قد أكد فى افتتاحيته للعدد "أن مسئوليتنا الجماعية هى بناء جسور من التفاهم المتبادل بين الحضارات والثقافات والأديان المختلفة"، وأضاف أن العدد الحالى من مجلة آليو إن كرونيكل الصادرة عن الأممالمتحدة يرصد ملف الحوار بين الحضارات والثقافات عن قرب ومدى التقدم الذى تم إحرازه والدروس المستفادة على مدار العشر سنوات الماضية، ويعرض مقالات لكبار العلماء والرواد فى مجال الحوار بهدف تعميق وتعزيز الحوار بين الحضارات حيث قال: "إن الهدف ما زال مُلزِمًا وضروريًّا كما كان الحال فى الماضى".