فى حى الزبالين بالمقطم، دأب الأهالى على عمل مشاريع خاصة بهم وبأسرهم وجيرانهم للعمل فى تدوير القمامة، فهم وحدهم من قدروا قيمة القمامة، وحاولوا الاستفادة منها فى وقت عرقلت الحكومات السابقة إنشاء مشاريع قومية لتدوير القمامة، بحجة التكلفة العالية. فى حى الزبالين، وقف هانى نعيم جرجس، خريج كلية التجارة بجامعة عين شمس يروى أسرار عالم القمامة، قائلاً" المسألة تبدأ بحصول أحد كبار الزبالين على ترخيص منطقة من خلال شركة باسمه، ويقدم ورقة ويكون معروف لدى الحى، فيأخذ مربعاً سكنياً ويبدأ فى توزيعه على الغلابة مقابل 300 جنيه شهرياً، ثم يجمعوا القمامة ويأتوا بها لحى الزبالين ويتم فرزها لتدخل مراحل التدوير". وحين تجوب حى الزبالين، سترصد عينك كافة مراحل التدوير ونساء ورجال وأطفال يعملون بدأب كخلية نحل، فمن داخل أحد مصانع الفرز، تجد أناس لم يتعدِ عددهم أصابع اليدين يفرزون البلاستك بمفرده، وكذا الكارتون والورق ثم الكانزات الصلبة والألومنيوم، وزجاجات المياه المعدنية، ولكل شىء سعره. يقول جرجس "27 عاماً"، إن سعر كيلو زجاجات المياه المعدنية يتراوح بين 180 إلى 220 قرشاً، والكيلو يشمل حوالى 35 إلى 40 زجاجة، وكيلو البلاستيك ب2 جنيه والزجاج بالشيكارة ب5 جنيهات لأنه رخيص، والكارتون بالطن ب 180 جنيهاً والقمامة الخام لا تباع لأنه مش مفروز ولا نعرف ماذا بها، وبعد الفرز السعر يتحدد لكل نوع على حدة ". وقفت مريم وبناتها الاثنين، يفرزون سيارة نصف نقل، تقول مريم "المواد العضوية كان الأول الخنزير بيأكلها بس دلوقت خلاص مفيش خنازير فبنجمعها ونوديها مقلب الوفاء والأمل لدفنها، بس مفيش تقدير لا الست اللى بنلم زبالتها ونرحمها من ريحتها لو قعدت يومين بتقدر ولا حتى الحكومة بتقدر، أنا جوزى بيطلع من الفجر ويرجع على الساعة 7 ونبدأ إحنا والعيال دورنا، إحنا بنعمل فيهم جميل". ومن مكان الفرز، لبداية تدوير الكارتون يقف "شرخة أبو فرح" شاب فى ال30 من عمره يتابع "مينا وشنودة كرلس ومرقص وبطرس"، وهم يدخلون الكارتون داخل مكابس الكهرباء لاستخراج الكارتون مكبوس على شكل بالات مضغوطة مربعه، ويتم تحميلها على مصانع بالعاشر من رمضان لإعادة تصنيعها مرة أخرى. شنودة عامل بالإنتاج اليومى فى تدوير الكارتون يعمل باليومية، مقابل 50 إلى 75 جنيهاً للطن، وينتج من 3 إلى 5 أطنان، ويعمل 12 ساعة من السابعة صباحا حتى السابعة مساءً، ويأخذ راحة لمدة ساعة من الواحدة ظهراً حتى الثانية". ومن الكارتون للزجاج، يقول محمد بكرى، الذى يمارس تلك المهنة منذ أكثر من 15 سنة، قائلا:" أنا وأولادى كنا نعمل فى هذه المهنة بقالنا عمر لكن العيال زهقوا منها واشتغلوا شغلانة تانية". مروة ومنى وأحمد وعلاء ومينا وغباشة أطفال لا تتعدى أعمارهم الخمسة عشر عاماً، لهم دور مهم فى عمليات الفرز، تجدهم منتشرين فى كل مصانع التدوير، فكل مصنع يتخصص فى مرحلة واحدة ويفرز بنفسه، ويبيع الباقى، منى يوميتها 50 جنيهاً وعمرها 12 سنة، وتعمل منذ 5 سنوات لتفرز الورق والكارتون، وكذلك محمد وعلاء.