الدور الذى تلعبه السيدات فى المساجد يختلف بشكل كبير حول العالم الإسلامى. وتوضح زيارة مسجدين قام بها مراسل BBC كريستوفر لانداو فى العاصمة المصرية، كيف يمكن أن تختلف خبرات النساء المسلمات من مكان إلى آخر. يقع مسجد الصديق فى أحد ضواحى القاهرة المزدهرة أمام حديقة كبيرة، وهو أمر غير معتاد فى مدينة تتميز بالازدحام الشديد وندرة المساحات الخضراء. ولقد بُنى هذا المسجد الضخم فى خلال العشرين سنة الماضية، ويلعب دورا محوريا فى المجتمع المحلى بدرجة تستحق الثناء. بالإضافة إلى أنه يمثل رؤية حقيقية لمستقبل المساجد فى مصر، والتى شهدت فى الآونة الأخيرة انخراط المرأة بصورة فعالة لزيادة أنشطة المساجد الخيرية والاجتماعية والثقافية والدينية. عند الدخول إلى ساحة مسجد الصديق، يستطيع المرء سماع أصوات صياح وضحكات أطفال يلعبون، حيث تقوم السيدات بتخصيص وقت فى الأسبوع يجمعن فيه أكثر من 250 طفلاً، ويحيطهن بالألوان والصمغ والأوراق وعلب البيض القديمة، ويعلمنهم كيف يقومون بعمل فنى من خلال إعادة استخدام مواد قديمة. وكذلك قد قمن السيدات قبل هذا فى صباح نفس اليوم بتعليم هؤلاء الأطفال تلاوة القرآن الكريم، أما فترة الظهيرة فخصصت للأنشطة الفنية. وليس شيئا غريباً أن تقوم المساجد بتقديم البرامج التعليمية، ولكن أن تقوم السيدات بتقديمها جميعها فهذا هو الغريب والجديد فى القاهرة. دور جديد تشهد هذه المساجد إقبالاً كبيراً من جانب النساء، ففى يوم واحد، بلغ عدد المتطوعات 35 سيدة، وانضم أكثر من ألفين طفل إلى قائمة الانتظار للالتحاق بالبرامج التى يوفرها مسجد الصديق. وتدير أعمال المسجد التعليمية لكل من الأطفال والنساء، مها الماهى. وترى الماهى أن الدور الذى تلعبه النساء فى المسجد سيستمر وسيتطور كثيراً فى الفترة المقبلة، شأنه شأن تزايد الفرص الجيدة فى طريق السيدات داخل المجتمع المصرى، وتقول "بالتأكيد ستتغير بعض الأشياء. ومن المحتمل أن نحصل على المزيد من الأعمال، والأدوار فى المستقبل القريب". وقام مراسل BBC بطرح سؤال لمديرة أعمال المسجد التعليمية: هل تستطيع السيدات الوفاء ببعض الأدوار التى مازالت تحت هيمنة الذكور؟ وأجابت الماهى، "لما لا؟ الرجال يجيدون ما يفعلونه، ولكنى أعتقد أن السيدات قادرات على القيام بأعمال الرجال. بل ويوجد بعض الأدوار التى سيكون من الأفضل لو قامت بها السيدات". ومن ناحية أخرى، وفى أحد أفقر أحياء القاهرة، التى لا يوجد بها حتى أماكن تصلى فيها النساء، قابل مراسل الموقع كريستوفر لانداو صبرية إبراهيم، المسئولة عن الإشراف على البرامج التعليمية فى أحد مساجد المنطقة الفقيرة، التى لا يقطنها سيدات أثرياء بالدرجة التى تسمح لهن بالتطوع والتبرع للمسجد. ويوجد اختلاف واضح بين هذا المسجد الصغير وبين مسجد الصديق الذى يقع فى أحد أغنى ضواحى القاهرة. فرص متناقضة يقع هذا المسجد بين عدد من المبانى القديمة والمتهالكة والمكتظة، ويتميز بوجود قاعة كبيرة للصلاة للرجال. وهناك مكتب صغير، يقوم بالأعمال الإدارية والخيرية على حد سواء مثل توزيع الملابس إلى المحتاجين. ولكن قدرة هذا المسجد لتقديم برامج تعليمية وخيرية محدودة بالمقارنة مع مسجد الصديق الذى يساعد المئات من الأطفال. وربما يكون أكبر الاختلافات بين المسجدين هو الدور الذى تلعبه النساء فى إدارة الأنشطة المختلفة فى المساجد. تقول صبرية إبراهيم، "النساء لا يذهبن إلى المسجد معظم أيام الأسبوع، ويحضر عدد قليل منهن صلاة الجمعة، وقد تأتى بعضهن إلى حضور الدروس الدينية أو القيام بأنشطة معينة. وبخلاف ذلك، عدد قليل جداً منهن يأتى إلى المسجد، ومعظمهن من كبار السن". والتفاوت بين المسجدين يدعو للدهشة. فالأول، تنخرط فيه النساء بصورة كبيرة، وتلعبن من خلاله دوراً محوريا، وتأملن فى إدارة الأنشطة التى يقوم بها الرجال.