"دقات قلب المرء قائلة له، إن الحياة دقائق وثوان...فارفع لنفسك بعد موتك ذكرها، فالذكر للإنسان عمر ثان"، وفى تلك الأبيات طرح لمفهوم السيرة الممتدة، فالسيرة المتناقلة، هي عمر ثان للشخص، وسيرة العظماء أحق أن تروى، خاصة من سجلوا ذكرياتهم وتصوراتهم، في مجلة المصور، وكما يقول الكاتب الصحفي، والصديق العزيز عبد اللطيف حامد، رئيس تحرير مجلة المصور في المنتج التذكاري العظيم، لقد اختارت المصور الشخصيات الموضوعة في العدد بدقة، فالشخصية لابد أن تكون ملء السمع والبصر، ولا يختلف على تأثيرها في مجالها منصف، وهو صادق فيما كتبه، لأن العدد ممتاز للغاية في كافة تفاصيله. فى هذا العدد الفاخر من مجلة المصور الصادرة عن مؤسسة دار الهلال، هناك جملا بديعة من المحررين والمحاورين على مر العقود الأخيرة، حيث تجد نفسك أمام سيمفونية صحفية معلوماتية، في غاية الإبهار، تقول هدى شعراوي في حوارها عام 1940 عبارة في غاية الأهمية هذا نصها " هناك مشكلة توحيد الصفوف، التي خلفتها أنانية بعض رجال السياسيين لسوء حظ مصر، وهي ليست وليدة اليوم، بل هي مشكلة "مرزوءه" بها مصر منذ فجر الجهاد الوطنى"، وفى حوار الرئيس محمد نجيب يقول في نص حواره الذى أجراه عام 1953 " أرجو أن أرى شبابنا وقد استطاعوا تخليص أفكارهم من الاتجاه نحو وظائف الحكومة ليصبحوا عبيدا لهذه الوظائف، فإني أريدهم أن يروا أن همهم أكبر من أن يرتضوا هذا المصير، فإن في مجالي الهجرة والأعمال الحرة متسع للذين يريدون أن يسقوا أرض النجاح بالعرق الشريف"، وفى حوار شيق أجرته سلوى أبو سعدة مع الدكتور رفعت المحجوب، رئيس مجلس الشعب الأسبق، عام 1985 يقول " أحب أن أقول إن كل نظام انتخابي له وعليه، ولايوجد النظام الذى كله حسنات، ولا النظام الذى كله سيئات، وأود أن أقول ان نظام القائمة ضروريا لتقوية الأحزاب". يتضمن العدد التاريخي أيضا عدة حوارات أجراها الكاتب الكبير عباس محمود العقاد، والذى كان له طريقة بديعة في الطرح والنسج، وسرد المقابلة في شكل إنساني كبير، وفى حوار أجرته المصور عام 1955 مع الملك حسين ملك الأردن، قال فيه اسم ولى عهده المنتظر " عبد الله"، وهو الملك عبد الله ملك الأردن حاليا، والمولود بعد الحوار بسبع سنوات تقريبا، كما تضمن العدد عدة حوارات أجرتها الصحفية والكاتبة سكينة السادات، منها حوارها مع بن بيلا، الرئيس الجزائري المعروف. لم تترك المصور رئيسا أو زعيما حول العالم إلا وحاورته، وخرجت منه بمعلومات وقصص تاريخية، ففى حوار قامت به المصور عام 1975 مع الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، أكد فيه أن محو آثار العدوان الإسرائيلي الغادر على الامة العربية، يكون بوحدة الصف والكلمة بين العرب، والانطلاق للعمل البناء بيد واحدة وقلب واحد، فيما قابلت المصور عدد كبير من الزعماء العالميين، بيد أن سلطنة عمان كان لها نصيب وافر في العدد، وهى فضيلة هامة للغاية، فهناك حب غير طبيعى من جموع المصريين لسلطنة عمان وشعبها، ويشعر المصريون بأن سلطنة عمان قريبة منهم كل القرب.
ما يميز عدد المصور التاريخي أيضا، ذلك الأرشيف المصور الرائع، الذى يظهر في كل صفحة وحوار، وقد ذكر في أحد فقرات العدد بأن هناك مئات الالاف من الأرشيف المصور، بجودة عالية، والتي زينت كل الحوارات المتنوعة، كما أن المجلة فيها إخراج صحفى عظيم، بذلت فيه المؤسسة جهدا كبيرا.
وأخيرا تحية كبيرة لرئيس تحرير الإصدار، ومجلس الإدارة، وكل العاملين في المؤسسة، ونشكرهم على هذا العدد العظيم.