- مقاتل أكتوبر كان فى نفس أعمار هؤلاء الأبطال فى سيناء الآن "ذرية بعضها من بعض"! - النقيب جابر شعراوى أحد ابطال معركة كبريت آخر معارك الجيش فى حرب 73 - النقيب عاطف السادات يضرب وسائل الدفاع الجوى للمطار وتؤدى له قوة القاعدة الجوية المعادية التحية العسكرية لبسالته! - أسد سينا سيد زكريا بطل من صعيد مصر يواجه تشكيل من القوات الخاصة المعادية - محمد المصرى يقف له عساف ياجورى احتراما لشجاعته - زغلول فتحى يُجبر العدو على التحية العسكرية - البطل محمود الجيزى يقدم له قائد سرية المدفعية التحية تقديرا لبسالته
لازال السادس من أكتوبر 1973 العاشر من رمضان لعام 1393 يشى بحكايات النصر وبطولات الرجال لمن يريدون تحصين الوعى للأجيال القادمة لتكون وهجا ساطعا ورافدا ثريا يفجر الطاقات الإبداعية نظما ونثرا بالكلمات وومضا بالعدسات وعزفا بالأوتار ليملىء وجدان الأجيال القادمة فخرا وشموخا لانتسابهم لهذا الوطن الذى طالما جاد بالشجعان من رجاله، ومازل التاريخ يحفظ إنفرادا للمقاتل المصرى على مر العصور, وحده المقاتل المصرى الذى كانت له التحية من عدوه ونده، فسيذكر التاريخ على مداره تحية عدونا للبطل النقيب جابر شعراوى واحد من أبطال معركة كبريت، وللطيار الفذ عاطف السادات الذى ألهب مطار العدو حتى احترق مع طائرته، وللمقاتل سيد زكريا عندما ظنوا أنهم يحاربون سرية أو مجموعة صاعقة وتبين لهم بعد استشهاده أنه الأسد سيد زكريا .. وتحية الند بعد استسلامه للمقاتل زغلول فتحى الذى تسلم الموقع وأجبره على تنكيس علمه، ورفع البطل علم قواتنا المسلحة على موقع لسان بور توفيق.. وتحية المنهزم بعد أسره فى أكبر معركة دبابات فى التاريخ الحديث فى الثامن من أكتوبر لقناص الدبابات البطل محمد أحمد المصرى وقائده البطل يسرى حسان وقائده الأعلى البطل حسن أبوسعده .. وتحية قائد سرية المدفعية التى قنص منها بطلنا محمود الجيزى عشرة جنود قبل استشهاده نعم تفرد مقاتلكم وتميز على غيره فى أن ينال إعجاب وتقدير العدو والصديق.. وما كان عمر النصر إلا بعمر العزيمة فى صدور الرجال , والتى مازالت صلبة وللأبد .. وما كان بقائه فى ذاكرة التاريخ إلا بقدر بقائه فى وجدان الشعوب، وهو مازال ملهمنا الأول .. وما كان الزهو بالنصر ليبقى لولا بقاء الإرادة فى الحفاظ عليه وللابد .. أكتوبر- رمضان العبور.. مازلات صورته شاخصة جلية أمامنا , تكحل أعين الوطن .. فتحية منا الأن لصاحب قرار العبور الشهيد البطل محمد أنور السادات الذى أمن بنصر ربه لهؤلاء الرجال المعجزة بكل المقاييس…. أسد سينا .. الشهيد عريف سيد زكريا خليل
واحد ممن سيذكرهم تاريخنا المجيد بالفخر هو الشهيد البطل سيد زكريا ذلك الفلاح البسيط ابن أرض مصر الطيبة, والذى واجه بمفرده قوة إسرائيلية عبارة عن فصيلة كاملة فوق إحدى المواقع بجنوب سيناء, لم يرتجف ولم يتخفى ولم يُؤثر السلامة بطلب الإستسلام للأسر, وإنما أعلن عن نفسه وانتصر لكرامته ولأرضه وقتل كل افراد هذه الفصيلة إلا واحداً منها هو الذى قتل البطل والذى استشهد فى صمت, ولكن الأعداء الذين ذاقوا الموت على يديه لم يستطيعوا ازاحته من قلوبهم وعقولهم ففتحوا كتابه وأذاعوا صفحاته على الملأ بعد 22 عاماً حيث ذاع صيته فى المانيا عام 1995 حيث توجه مسئول إسرائيلى فى برلين إلى رئيسة المكتب الدبلوماسية المصرى عزيزة مراد فهمى, وروى لها تفاصيل المعركة البطولية التى أدارها هذا البطل ثم قام بتسليم متعلقاته التى احتفظ بها كجندى إسرائيلى سابق على مدار 22 عاماً.
البداية: بطلنا سيد زكريا من مدينة الأقصر "بنجع الخضيرات" تقدم لاداء واجبه الوطنى تجاه جيش بلاده عام 1970 وانضم على قوات الصاعقة, وفى حرب العاشر من رمضان كُلفت وحدته الصغيرة بالاستعداد للعمل خلف خطوط العدو بجنوب سيناء ( شرق الساحل الشرقى للبحر الأحمر) وبالقرب من محاور اقتراب قوات العدو على هذا الإتجاه لعرقلتها وإحداث اكبر خسائربها, وففى يوم17 رمضان - 13 أكتوبر 73 تم إبرار تلك القوة المحدودة واتخذت من بعض الهيئات الحيوية الحاكمة موقعا كقاعدة تنطلق منها جماعات صغيرة لتنفيذ المهام المكلفة بها, وعندما تعددت عملياتها الجريئة كثفت قوات العدو استطلاعها للمنطقة ثم قامت بإسقاط فصيلة مظلات بالقرب من قاعدة الدوريات فحاصرتها ودار قتال عنيف بين القوتين ومن خلال هذا الحصار تسلل البطل سيد زكريا ومعه سلاحه الفردى وكمية كبيرة من الذخيرة إلى موقع حيوى يسيطر على ميدان المعركة ثم أخذ يطلق نيرانه المركزة على المظليين على جميع الإتجاهات إلى أن أفناهم عن آخرهم بمن فيهم قائدهم عدا جندى اسرائيلى تمكن من الإلتفاف مستترا وهو يرصد هذا البطل الذى قتل جميع زملائه وقبل أن يلتفت إليه ليقتله هو الآخر كان هذا الجندى الإسرائيلى قد عاجله بدفعة رشاش سريعة ليستشهد البطل سيد زكريا فى الحال, ومن منطلق انبهار هذا الجندى الإسرائيلى بفدائية وبسالة سيد زكريا, وعندما تأكد من موته زحف نحوه بحذر إلى أن وصل إلى جثمان الشهيد وأخذ يجرده من جميع متعلقاته بما فى ذلك بطاقته العسكرية , ولم يفكر هذا الجندى الإسرائيلى فى سرقته- كما ذكر فى تفاصيل روايته- وإنما أراد الاحتفاظ بها تذكارا لهذا المقاتل الفذ وروحه القتاليه العالية وشجاعته الفائقة والتى لم يصادف أن قرأ مثلها من قبل , إضافة إلى إحساسه بالفخر لأنه هو الذى قتل هذا الأسد المصرى, أو حسب قوله لصحيفة : بديعوت إحرونوت الاسرائيلية :" أنه فعلا أسد ... قاتل بشراسه ... وحصد فصيلة كاملة من الجنود المظليين ... وحصد أرواح كل من كان فيها" كما قال فى نفس الصحيفة :" لقد فعلت ذلك بعد كل هذه المدة لأننى أطالب بمنح هذا الجندى أرفع الأوسمه على شجاعته الفائقة". أما عن ظروف اكتشاف هذا الحدث بعد هذه السنوات الطويلة, فقد كان هذا الجندى الإسرائيلى يبحث فى متعلقاته القديمة فعثرت يداه على ذكريات تلك المعركة ومتعلقات هذا البطل الذى ظل محتفظا بها على مدى 22 سنة مضت ليرسلها أخيرا إلى القنصل الإسرائيلى فى ألمانيا حيث كان يعمل هناك وأرسل معها تقريرا عن بطولة هذا الجندى المصرى , وفى حفل دبلوماسى رسمى فوجئت رئيسة المكتب الدبلوماسى المصرى فى برلين الدكتورة عزيزة مراد فهمى بهذا القنصل وهو يقدم لها هذه المتعلقات أمام كل الحضور الذين وقفوا يتابعون الموقف بشغف والقنصل الإسرائيلى يقول لها : ( هذه المتعلقات تخص جندى مصرى مات فى حرب أكتوبر 73 واحتفظ بها جندى إسرائيلى حتى يومنا هذا متأثراً ببطولاته وشجاعته ومعها هذا التقرير) . هذا وقد قام القنصل المصرى بدوره بإرسالها على الفور إلى القيادة العامة للقوات المسلحة فى مصر حيث قامت بتكريم إسم الشهيد وأسرته كما خلدته مصر بإطلاق إسمه على بعض الشوارع فى عدد من المحافظات. وهكذا وعلى مدار القصص الست الحقيقية خلال معارك رمضان – اكتوبر هكذا أدى العدو التحية العسكرية مبهوراً لأسد سيناء, وأسيراً لقناص الدبابات ، ومستسلماً لبطل الصاعقة ، وسواء كان العدو مهزوما امام بطل كبريت، أو منكسراً أمام بطل من نسور الجو المصرى, أو مقتولا على يد بطل الصاغقة البحرية، ... هؤلاء أبطال الجيش المصرى الذى استعاد الأرض والكرامة، فقد كان من الواجب اجتزاء هذا الجزء من التاريخ المجيد للعسكرية المصرية والذى لم يتكرر على مدار تاريخ المعارك فى العصر الحديث ، وانفرد بالتحية العسكرية من العدو لهذا المقاتل المصرى الذى كان فى نفس أعمار هؤلاء الأبطال فى سيناء الآن ذرية بعضها من بعض! ... تحية لقواتنا المسلحة. ونستكمل فى القادم ان شاء الله حكايات تطال اليوم شهداء سيناء( حكايات الولاد والأرض). الشهيد عريف سيد زكريا خليل (2)