يُعدّ الأستاذ الجامعي عماد التنمية الفكرية لدى أجيال تصبح قادرة على صناعة مستقبلها، عبر اكتساب خبرات تشمل في طياتها مهارات نوعية، تقوم على معرفة رصينة، تتمخض عن نتاج البحث العلمي، ومنابع العلوم ومصادرها الأصيلة، ومن ثم يتدرب الطالب داخل الصروح الجامعية على تحمل المسؤولية وبذل الجهود المضنية من أجل تحقيق غايات التعلم وفق مبدأ (تعلّم كيف تتعلّم)؛ ومن ثم يصبح قادرًا على ممارسة مهارات النقد والاستقصاء والتحري والاستنتاج والملاحظة المقننة والبحث، وغيرها من الأداءات التي تتيح له الابتكار والإبداع في مجال بعينه. صاحب الرسالة السامية الذي خاض طريقًا وعرًا من أجل أن يتبوأ مكانة علمية يدرك دوره في إعداد جيل له هوية وطنية تفقه ماهية الولاء والانتماء وتسعى دومًا للاستزادة من مناهل العلم وتبادل الخبرات عبر سماوات مفتوحة تتيح التواصل في صورته الكلية؛ ومن ثم يرسخ الأستاذ الجامعي في أذهان طلابه دعائم الشخصية السوية التي تمارس سلوكيات تقوم على فلسفة القيم النبيلة، وتتناغم مع ماهية المواطنة الصالحة، وهذا ما يخلق سياج الأمان المتمثل في الثوابت الثقافية والوجدانية الحامية من صورة تشويه الفكر ومحاولات طمس الهوية. صاحب المهام الصعبة المتكاملة المتتالية يقدم كل ما يعمل على تعزيز وشائح الولاء الوطني ويحرص على تقوية الروابط بين طلابه حتى تتضافر الجهود نحو تحقيق غايات تقوم على التعاون والتشارك وتتطلب الرغبة في الاستكشاف القائم على الممارسة الوظيفية في ظل أدوار محددة، وهذا يصقل الشخصية الجامعية بفلسفة المنهجية التعليمية التي تعتمد على حل المشكلات وفق خطوات مقننة وإطار يسمح بالابتكار والإبداع ويحض على التنافسية من أجل بلوغ الريادة المستحقة القائمة على جهود مخلصة وإتقان في العمل، ومن ثم يحول الأستاذ الجامعي صورة المنهج الساكن إلى خبرات تفاعلية تعمق الفهم وتزيد من دأب البحث وشغف حب الاستطلاع. أستاذ الجامعة مهامه وأدواره ليست بالتقليدية في مجملها؛ فعبر منابر العلم يأخذ على عاتقه مهمة أصيلة تتمثل صراحة في قدح الأذهان بما يلهب الفكر ويحفز الوجدان ليقدم متلون المهام العلمية، التي تشبع احتياجات الطلاب التعليمية وتصقل مهاراتهم النوعية وتزيد من متسع الخبرات لديهم؛ ومن ثم تهذب السلوكيات التي تبدو جلية في رفاهية الشعور وسمو الروح ورقي الخلق والمحبة بالإضافة إلى أساليب الحوار المتقدمة والبناءة حيث التوافق على الثوابت والتباين في الرؤى والأطروحات؛ لتزداد مساحة العصف الذهني وتتخلق الحلول من عقول متقدة تؤمن بالتجديد في طرائق حيازة العلم والخروج بنتاج يتصف بالجدة والأصالة في مقابل تمسكها بالقيم. نوقن أن ذو الخبرة الذي لا ينضب عطاؤه، ولا يتوقف مداده؛ لذا يحرص الأستاذ الجامعي على تحديث المناهج الأكاديمية لتسهم في إعداد أجيال تمتلك التفرد المهاري وتصبح على جاهزية لخوض غمار سوق العمل الذي يراهن على صورة الخبرة المربية المقدَّمة من إنسان يحوز فلسفة المهنية والأكاديمية وأطر التواصل الكلي ناهيك عن المهارات النوعية التي يطلبها دومًا التطور التقني المتسارع؛ لذا يبذل صاحب الرسالة السامية جهودًا متواصلة من أجل مواكبة التجديد والوقوف على ما يفرزه البحث العلمي من نتائج تضيف لمجال المعرفة وتغير من صيغ الممارسات العملية والميدانية؛ ومن ثم تغير من القناعات الإنسانية، وهنا لا نغالي إذا ما أكدنا على أن الأستاذ قائد الريادة والتغيير نحو النهضة والتقدم والرقي والازدهار. ندرك جوهر الرسالة السامية التي يؤديها الأستاذ داخل الصرح الجامعي المهيب؛ حيث يعمل دومًا على إثراء المعارف ليس فقط عبر المطالعة لكل ما هو جديد في الميدان؛ لكنه يبذل جهودًا مضنية في ثنايا البحث العلمي الرصين عبر رحلة مفتوحة يخرج منها بنتائج ترتبط بمجالات التعلم المعرفية والمهارية والوجدانية، ورغم التكلفة المادية والطاقات المقدمة من أجل بلوغ الغاية لا ينتظر مقابل مجزيًّا كونه ارتضى حياة المعاناة التي يستشعر من خلالها دوره الحيوي ورسالته الأصيلة؛ فرفقًا بالأستاذ الجامعي الذي تتعدد مهامه ما بين بحثية وتعليمية ومجتمعية.. ودي ومحبتي لوطني وللجميع. _____ أستاذ ورئيس قسم المناهج وطرق التدريس كلية التربية بنين بالقاهرة _ جامعة الأزهر