الدَّوْلة الديمقراطيَّة، التي تتبنَّى إطارًا سياسيًّا واضحًا، في تنظيم شئونها الداخليَّة، وعلاقاتها الخارجيَّة، وتتبنَّى مُخطَّطات، تسْتهدف بها مواجهةَ قضاياها الخاصَّة، وتنتهجُ مساراتٍ تنْمويَّة مُتعدَّدة في مجالاتها المختلفة، يتحتَّمُ عليها أن تعتمدَ على الانتخابات، كنظام يتمُّ من خلاله تداول السُّلْطة، كونه ممارسةً من أفضل الممارسات الديمقراطيَّة المسْئُولة، التي قد اعتمدتْ عليها المجتمعاتْ الحُرَّة، منذ فجْر التاريخ؛ نظرًا لأنها تتضمَّن إتاحة الاختيار، القائم على الكفاءة، والنَّزاهة، والشَفافية. عندما يُعْلَنُ عن استحقاق انتخابيِّ ما في مصْرنا الحبيبة، تجد أن هنالك اهتمامًا دوليًّا، يستهدف مراقبة مُجْريات الحياة السِّياسيَّة، وهذا في الحقيقة أمرٌ مشْروعٌ، ولا غُبارَ عليه؛ لأن العلاقات الخارجيَّة المِصريَّة مع هذه الدُّول، تقوم على فِكْرة التَّعاون المَرِن، في تبادل المصالح، وصور الاسْتثمارات، والاتفاقيات، والشَّراكات، في كثير من المجالات، وعبر قطاعات عديدة؛ ومن ثم تتطلَّعُ الدُّول ومؤسَّساتُها، للاطمئنان على مصالحها، في ظلِّ نظامٍ يقوم على الديمقراطيَّة؛ حيث الاسْتقرار، الذي يؤدي إلى أمن، وأمان، ونهْضة مُجتمعيَّة حقيقيَّة، تؤسَّسُ على المشاركة، وتفتح المجال للمنافسة الشَّريفة؛ بُغْية الوصول للرِّيادة في صُورتها المُطْلقة. الانتخابات في حدِّ ذاتها، تُعَدُّ مؤشرٌ صادقٌ، لما تحمله القيادات المسئُولة في البلاد، من فكْرٍ رشيدٍ، تجاه الحاضر، وصور المُسْتقبل، والطُّموحات، التي تنْبري على ذلك؛ لذا تهتمُّ الدُّول المُتقدَّمة بهذا الشأْن الدَّاخليِّ للدول، التي تجْرى بها انتخاباتٍ تشْريعيَّةٍ، والتي تبْرِمُ معها تحالفاتٍ، وصداقاتٍ، وأشكال من التعاونيات المُتجدِّدة على الدوام؛ ومن ثم يأتي المراقبون الدَّوْليون؛ كي يرصدوا مُجْريات الأحداث؛ بهدف مُطالعة الخريطة الانتخابيَّة، وما وفَّر لهذا الاستحقاق من استعداداتٍ، تضمن النَّزاهة، والعدالة، وتكافؤ الفُرص بين المُرشَّحين، كما يتم حصْر الإيجابيات، والسَّلبيَّات؛ بما يساعد في تقييم العمليَّة الانتخابيَّة برمُّتِها. هذا في الحقيقة يؤكِّد على عُنْصرٍ مُهِّمٍ في العمليَّة الانتخابيَّة في بلادنا الحبيبة، وهو تعضيد ماهيَّة الديمقراطيَّة في سياجها المسْئُول؛ ومن ثم تصبح المؤسَّسات، والكيانات التشْريعيَّة قويَّةً، في كل ما تتَّخذه من قرارات، وما تتوصَّلُ إليه من قوانين تنظّم به العمل العام، وهذا يؤكد على أن القانون هو سيِّدُ الموقف، ويُطبَّقُ على الجميع دون استثناء؛ حيث إن المصالح العُليا، لا تقبل التَّلاعب، أو الحياد عن المسار القويم، في شتَّى الممارسات، سواءً بين الأفراد، أو الجماعات، أو المُؤسَّسات. جدْوى النُّظُم الانتخابيَّة النزيهة، التي تضمن التمثيل الحقيقيِّ للمجالس التشريعيَّة، يكمن في مقدرة الدُّوْلة، ومؤسَّساتِها على استكمال مساريْها التنْمويِّ، والنَّهضويِّ، اللذين يحققان آمال، وطموحات الشُّعوب، ورضاها، عمَّن يتولى المسْئُوليَّة، ويقع على عاتقه القيام بالممارسات الناجزة في الميدان، وفق اسْتراتيجياتٍ واضحة، يشْملُها البرْنامجُ الانتخابيُّ، الذي تقدم به المُشرِّعُ، في ضوء خطط مرنة، تأخذ في تعاطيها صور المُسْتجدَّات، وما بها من تحدِّيات، وما تحْمله من تغييرات، على السَّاحتين المحليَّة، والدَّوْليَّة. عندما نشير إلى أن الانتخابات المصرية تحت المِجْهر الدَّوْليِّ، بمعني أنها تخضع للمراقبة الدَّوْليَّة؛ فإن هذا لا يعني التدخل في شئوننا على الإطلاق؛ لكنَّه من قُبيل الطُمأْنينة تجاه صِحَّة الإجراءات، وقِوَامة المُمارسات، ونزاهتِها، بما يؤكد توافر المناخ الديمُقراطيِّ، داخل المجتمع، وهنا قد نحصل على بعض المزايا مثل صور الدَّعم، التي تزيد من تحسين الأداءات الحاليَّة، منها والمُسْتقبليَّة، وهذا بالطبع قد يرتبط بالجانب التنْظيميِّ، أو حتى القانونيِّ؛ ومن ثم نضْمنُ خلْقُ برْلماناتٍ قويَّةٍ، تخرج من رحم أحزاب، ومجتمع قادرٍ على العطاء، وتقديم صور التضْحية؛ من أجل نهضة هذا البلد العظيم. بعيدًا عن المُشكّكين، والمُتربّصين، وإمْعانًا في جدْوى المُراقبة الدَّوٓليَّة للانتخابات التشريعية المِصْريَّة، نوقنُ أن دائرة المشاركة في بلادنا، تعبِّرُ في مُجْملها عن آراء هذا الشَّعب العظيم، بكافَّة فِئاته، وأطْيافه، الذي يُحدِّدُ ويختار، وفق نظام ديمُقراطيٍّ نزيهٍ، من يتحمَّلْ المسْئُوليَّة، ويقعْ عليه غُرْم العطاء المُسْتدام؛ لذا نثمِّن كافة الجهود، التي تُبْذلُ من قِبل مُؤسَّسات الدَّوْلة الوطنيَّة، التي تشارك في إخراج هذا المشْهد، في صُوْرته الرَّاقيةِ، بما يُحقّقُ الغَرضَ المنْشُودَ مِنْه.. ودي ومحبتي لوطني وللجميع. أستاذ ورئيس قسم المناهج وطرق التدريس كلية التربية بنين بالقاهرة _ جامعة الأزهر