لعب الدين دورا هاما في حياة المصري القديم فلم تكن هناك قوة تسيطر على حياته كما يسيطر الدين، فمنذ سبعه آلاف عام، في مدينه "اون القديمة"، والتي عُرفت في عهد الإغريق باسم "هليوبوليس" المعروفة ب"عين شمس" حالياً ، ظهرت عبادة الشمس، وقد اعتقد المصري القديم أنه في موقع تلك المدينة بدأ خلق الحياة. والحقيقة أن نقوش العديد من الأسر المبكرة سجلت لنا صورة واضحة لتلك المدينة المصرية التاريخية، والتي أصبحت بمرور الزمن مركز لعبادة اله الشمس، اعتقد كهنة مدينة ( أون ) بأسطورة الخلق التي تعود إلى إله الشمس المسمى (أتوم) كأب لجميع الآلهة.إذ يشكل أتوم مع ثمانية من أبنائه وأحفاده ( تاسوع هليوبوليس). فقد كانوا يعتقدون في البداية أن أتون خلق نفسه بنفسه باعتباره نشأ من فيضان كان يغمر الأرض برمتها، وبقوته استطاع إخراج هضبة فوق سطح الماء «تاتين» أو «بنبن» وبذلك استطاع أتوم أن يكون أول ما ظهر على الأرض. ثم بدأ بعد ذلك في خلق بقية الدنيا، فولد من جسمه ابنين هما شو إله الهواء و نوت إلهة السماء، ثم أنجبت نوت وزوجها شو أربعة أبناء، ولدين وبينتين، هم: إيزيس و أوزوريس و نفتيس و ست ، ليمثلون أرض وادي النيل الخصبة وما يحيطها من صحراء. كما نشأت في ( منف) أسطورة أخري للخلق خاصة بالإله (بتاح) وهو إله العمال والمهندسين. تربط هذه الديانة بين بتاح والشمس علي اعتبار أن بتاح جاء قبل الشمس حيث خلقها من لسانه وقلبه. وفي منتصف عصر المملكة الحدبثة، وتحديدًا في عهد إخناتون (حوالي 1353-1336 قبل الميلاد)، أصبح ( اتون) أحد آلهة الشمس، محور الدين الرسمي للدولة، وامتنع أخناتون عن رعاية معابد الآلهة الأخرى، وراح يمحو أسمائها وصورها من الآثار التاريخية، وخاصة ما يتصل منها بآمون. فقد كان إخناتون أول من دعا إلي التوحيد و عبادة الإله الواحد، ومع ذلك، لم تخل الديانة التوحيدية من تسامح مع المعتقدات الأخرى، إذ توحي بعض الأدلة أن عامة السكان لم يكرهوا عليها، بل كان مسموحاً لهم عبادة آلهة غير آتون، ولهذا يرى دومينيك مونتسيرات، عالم المصريات، أن أخناتون كان يؤمن بوجود آلهة أخرى، ولا يرى لأحدها حقًا في العبادة ما عدا آتون، لكن الديانة التوحيدية لم تجد قبولاً لدي العامة، فسرعان ما عادوا لعبادة آمون و معبوداتهم السابقة بعد وفاة إخناتون أو مقتله ' عندما تآمر عليه كهنة آمون و هدموا مدينته (أخيتاتون ) التي كانت مركز لعبادة الإله الواحد آتون. وقد كان هناك ارتباط وثيق لآمون بالملكية المصرية ، فطبقا للاهوت الرسمي في الدولة الحديثة ، كان أمون-رع هو الذي يحكم مصر من خلال الملك، ويظهر مشيئته من خلال كهنته. لكن مع ازدياد أهمية الإله ازدادت قوة كهنته وسطوتهم ففرضوا سيطرتهم على الساحة السياسية، ووصل الحال إلى أن حكمت مصر سلالة من الملوك الكهَّان بالأسرة ال21. وقد ذاعت شهرة الإله آمون خارج حدود المملكة المصرية لتصل إلي بلاد اليونان ، لدرجة أنه عندما غزا الاسكندر الاكبر مصر سنة 331 ق م ، كان أول ما فعله هو الحج لمعبد الاله امون فى واحة سيوة. إستمر احترام و تقدير ملوك العصر البطلمي و الروماني للدين المصري القديم و شاركوا بالطقوس و الإحتفالات المصرية الدينية إلي أن دخلت المسيحية مصر و انتشرت لتظهر حالة من العداء و الإزدراء للديانة المصرية القديمة، حتي تقلصت و تلاشت مع اعتبار المسيحية الديانة الرسمية للإمبراطورية الرومانية. كما كان المصري القديم متمسكًا بفضيلة الصدق؛ داعيًا غيره إلى التحلي بها، معتقدًا كل الإعتقاد أن الله سيجازيه على كل ما ينطق به لسانه؛ سواءً كان صدقًا أم كذب. حتى إن "الفلاح الفصيح" في شكواه إلى الأمير يثيره نحو الصدق فيقول: «… ولا تكذبن وأنت عظيم، ولا تكونن خفيفًا وأنت عظيم، ولا تقولن الكذب فإنك الميزان، إنك على مستوى واحد مع الميزان، فإذا انقلب انقلبت، ولا تغتصبن بل اعمل ضد المغتصب، وذلك العظيم ليس عظيمًا ما دام جشعًا، إن لسانك هو ثقل الميزان، وقلبك هو ما يوزن به، وشفتاك هما ذراعاه، فإن سترت وجهك أمام الشر فمن ذا الذي يكبحه؟» كما نجد أن قوانين الماعت ال 42 شريعة أمة فجر الضمير (مصر) قد كُتبت على لسان أرواح الموتى الذين انتقلوا الى العالم الآخر , و هم يقفون فى قاعة الماعت (العدل) يوم الحساب ، ما يعني أن تلك القوانين لم تفرض على الانسان من الخارج , و انما هى نابعة من داخله. لأن بداخله الضمير ..... جوهر الفضيلة ..... و ما عليه سوى تفعيل الضمير .... و هذا ما فعله قدماء المصريين ... أمة فجر الضمير. و قد ظهرت شكاوى الفلاح الفصيح فى عصر الدولة الوسطى , العصر الذهبى للأدب المصرى القديم الذى قدم للانسانية نصين من أروع النصوص الأدبية العالمية و هما شكاوى الفلاح الفصيح و رواية سنوحى المصرى. فقد رفع الفلاح الفصيح شكواه الى رئيس البلاط فى "تسع مرافعات" , عندما تعرض للنهب من أحد كبار رجال الدولة. لم يكن هدف الفلاح الفصيح من مرافعاته التسعه هو الحصول على ما سُلب منه و لكن الهدف كان تطبيق القانون على الموظف الجشع الذى سلبه ممتلكاته إذ أن إقامة العدل و ارساء دولة القانون كان هو الهدف من تلك القصة و من مرافعات الفلاح الفصيح البليغة. و بما إن الحاكم كان هو المسئول عن اقامة الماعت فى الأرض , فها هو الفلاح الفصيح يقول لرئيس البلاط : - لا تقل الكذب أنك الميزان..لا تخطئ لأنك الصواب..أنظر , أنت و الميزان واحد ,يميل بميلك..لا تنحرف عن الطريق المستقيم ولاعاقب السارق , فهذا الجشع ليس عظيما وليكن لسانك المؤشر المستقيم للميزان والمثقال قلبك و شفتاك ذراعى كفتاه عندما تتجاهل المعتدى , من يقاوم الشر اذن ؟ للحديث بقية