اليوم تجرى انتخابات الصحفيين، وغالبا انتهت الدعاية وبدأت العملية الانتخابية وهو ما يجعل هذا الحديث بعيدا عن أى انحيازات لكنه تسجيل لمواقف وظواهر ونماذج، بعضها خارج النصوص والمبادئ، وأقرب إلى كاركترات كانت طوال الوقت موجودة لكن انتشار مواقع التواصل منحها شكلا وعمقا، بينما هم مجرد كاركترات لا يتعدى دورهم الكثير من التسلية، وأحيانا بعض الأدوار الشريرة الأقرب للكوميديا فى حال تأملناها بعمق. الانتخابات التى بدأت الآن تأتى بعد فترة دعاية طالت لأول مرة لما يقترب من الشهرين، توسطها شهر رمضان وأعياد المصريين ومناسبات فرضت ترحيلها إلى اليوم، وهذه المساحات والوقت أنتجت أحيانا ظواهر وتفاصيل غير مرغوبة، ولا تنتمى غالبا إلى الصحفيين بقدر ما تنتمى إلى ظواهر أنتجتها ظروف غير مناسبة، وكالعادة مثل هذه الظواهر تنبت من بين ظروف مختلة، ونقصد هنا بعض حملات التشهير والتى تستهدف الشخصى فى حياة المرشحين، وهى تنطلق من لجان وأفراد وإن كانوا ينتمون اسما إلى النقابة لكنهم بعيدون عن أهم مبادئ العمل الصحفى والعمل العام وتراكمات جهد أجيال متتالية من الصحفيين أرسوا الالتزام بالقواعد والمواثيق. ونكرر أن الانتخابات أى انتخابات تحتمل المنافسة والانتقادات المتبادلة والمبارزة بالبرامج، والرد عليها أو التقليل منها، وكلها أمور تتسم بها الانتخابات التى تدخل ضمن سباقات سياسية وبرجماتية تتوازى وتتداخل، وكل هذا طبيعى، لكن غير الطبيعى أن يخرج فريق أو آخر ليقدم نفسه باعتباره المنقذ، وأن من يؤيده هم فقط الفاهمون، ويحضرنى هنا مرشح أو أكثر قال قبل الانتخابات إنه ينتظر أصوات «الشرفاء» فحصل على 5 أصوات فقط، وزميل آخر قال بعد خسارته إنه حصل على أصوات «الحقيقيين»، ولدينا نماذج متنوعة لهذا النوع من المرشحين، ومعهم بالطبع مؤيدون على نفس المستوى، ونفس الأمر فيما يتعلق بالمباغتات فى البرامج، مع الأخذ فى الاعتبار أن هناك تحديات تفرضها التكنولوجيا وأخرى تتعلق بالحريات أو التدريب أو التوظيف، ولا يمكن فصلها عن المعيشة واحتياجات الصحفى كمواطن يحتاج إلى دخل مناسب وضمانات للعلاج أو السكن، وهو ما يجعل الخدمات والحريات والمهنة كلها حزمة تفرض على النقابة الكثير، بل وربما لا يمكن لنقيب أو مجلس أن يحلوا كل المسائل مرة واحدة وإنما بحاجة إلى إشراك ومشاركة وليس استبعادا. ومن بين الملفات المثيرة للجدل والتى شهدت جدلا فى السنوات الأخيرة ملف القيد والعضوية، والذى يواجه انتقادات بل وأحيانا اتهامات لغياب المساواة والعدالة بشكل كبير، ملف يعانى خللا ويتطلب شجاعة وفهما للقانون وأيضا قدرة على التوازن بعيدا عن الانحيازات والانتماءات. لكل هذا قلنا ونقول إن الانتخابات وسيلة لاختيار نصف مجلس نقابة ينضم إلى الموجود ليرتب احتياجات ومطالب الصحفيين، التى يتطلب تنفيذها أكبر قدر من التوافق والتنوع، وعلى مدار عقود عاصرنا انتخابات نقابة الصحفيين، اختلف الزملاء واتفقوا وبقيت وحدة الصحفيين واحترامهم لأنفسهم وبعضهم ونقابتهم هى المشترك دائمًا، وهو أهم ميراث جيل الأساتذة. تبدأ الانتخابات وتنتهى وتبقى الزمالة والاحترام، خاصة أن هذا الأمر يتكرر كل عامين، مما يجعل الفرصة سانحة أمام الزملاء لإعادة تقييم أداء المجلس وقدرته على تلبية مطالب الصحفيين، فى وقت تتضاعف هذه المطالب مهنيًا وماديًا، وتثبت التجارب أن الصحفيين ينجحون دائمًا بالتوافق حول قضاياهم واحترام التنوع، وإدارة تنوعهم بصبر وحوار، وتتساقط الثعالب الصغيرة، والمعارك التى تجاول جذب المهنة إلى الوراء. أو إدخالها فى صراعات شخصية وطائفية وجهوية، بينما الرهان هو على وعى يتشكل تدريجيا لدى قطاعات تعرف معنى العمل والاحترام والزمالة، بعيدا عن نماذج فى الغالب ضعفاء مهنيا وإنسانيا ونفسيا، يحولهم الطمع إلى كاركترات فكاهية أحيانا وشريرة فى كثير من الأحيان، أعراض جانبية يمكن علاجها فى «الصحفيين».