تأتى احتفالات المملكة العربية السعودية هذا العام بيوم التأسيس، فى ظل ظروف استثنائية تمُر بها المنطقة ولا سيما العالم أجمع، فى ظل أحداث ومُتغيرات سياسية واقتصادية تُلقى بظلالها على جميع أنحاء العالم، وربما هذا ما يجعل أنظار العالم تتجه إلى المملكة، خاصة فى ظل دور محورى باتت تلعبه انطلاقًا من مكانتها التاريخية وأيضًا استراتيجيتها فى ظل عهد العاهل السعودى، الملك سلمان بن عبدالعزيز، وولى العهد الأمير محمد بن سلمان، الذى يُعرف بعراب رؤية المملكة 2030، التى شملت كثيرا من المجالات والقطاعات، بما حقق نهضة شاملة شهدتها السعودية على المستويين الداخلى والخارجى. ولعل عبارة الأمير محمد بن سلمان فى إحدى لقاءاته الصحفية ب«عنان السماء هو الحد الأقصى للطموحات»، التى ذكرها منذ أعوام تحديدًا فى 2017، عكست الكثير من سياسات المملكة وطموحاتها، التى مع مرور الأعوام نراها تتحقق على أرض الواقع سياسيًا واقتصاديًا واجتماعيًا، فقد تغير شكل الحياة الاجتماعية إلى حد كبير داخل المملكة، فشهدت الكثير من الانفتاح فى العديد من المجالات، التى لاقت ترحيبًا لدى الشعب السعودى، خاصة ما يتعلق بقضايا المرأة والحريات والأنشطة الفنية والثقافية المختلفة. وتزامنًا مع احتفالات المملكة بهذه المناسبة العزيزة على قلوب السعوديين وأشقائها، نرى الكثير من الملامح التى تعكس أن القيادة السعودية تسير فى خُطى ثابتة على مسار خطتها ورؤيتها التى تبناها ولى العهد السعودى، عند اللحظة الأولى من انطلاقها، فمنذ أيام قليلة اعتمد الملك سلمان رمز العملة السعودية، وهو ما أكد عليه اقتصاديون بأنها خطوة مُهمة وتاريخية بالنسبة للمملكة، حيث تعُزز هوية السعودية المالية على عدة مستويات، المحلية والإقليمية والدولية، وُتبرز مكانة الريال السعودى بين العملات العالمية، لذا يرى السعوديون أن يوم التأسيس بات بمثابة جسر يربط بين رخاء الماضى ورفاهية الحاضر، لما تُحققه المملكة من نجاحات فى خططها الخاصة بالتطوير والنهوض بالمملكة. أيضًا بات اسم السعودية يتردد فى الأوساط السياسية العربية والعالمية، خاصة مع سعيها لاحتواء الأزمة الروسية الأوكرانية، واستقبال الرئيسين الأمريكى، دونالد ترامب، ونظيره الروسى، فلاديمير بوتين، من أجل إتمام المباحثات التى من شأنها إنهاء هذه الأزمة. كما ظهر موقفها من أحداث غزة حاسمًا وهو ما عكسته بيانات الخارجية السعودية، خاصة الأخيرة التى صدرت ردًا على تصريحات الرئيس الأمريكى، والتى ترمى إلى تهجير الفلسطينيين من قطاع غزة، فأكدت المملكة على الرفض الكلى لهذا الأمر، إلى جانب الإعلان عن مساندة مصر والأردن فى هذا الأمر، وعدم القبول بأى حل دون إقامة دولة فلسطينية تضمن حق الشعب الفلسطينى. تتميز العلاقات المصرية السعودية بقوتها ومتانتها على مر العصور، ولعل ما نراه الآن من علاقات استراتيجية بين الرئيس عبدالفتاح السيسى والأمير محمد بن سلمان، خاصة فيما يخُص مواجهة الأزمات والتحديات التى تُحيط بالمنطقة العربية، يُعيد أمجاد الماضى، وكيف خاضت البلدان سويًا الكثير من المعارك السياسية، التى كان من شأنها حماية الأمن القومى للبلدين والشرق الأوسط بشكل عام، مُحققة انتصارًا مُبينًا يشهد عليه التاريخ. لا يزال التنسيق بين القاهرة والرياض مُستمرًا، فبينما أكتب هذه السطور تستضيف المملكة لقاءً أخويًا يجمع بين ولى العهد السعودى، والرئيس السيسى، إضافة إلى العاهل الأردنى وقادة عدد من دول الخليج، للتنسيق بشأن ما تشهده المنطقة من تحديات، ولا سيما القضية الفلسطينية، فيما أكدت وكالة الأنباء السعودية «واس»، على أن القاهرة ستكون نقطة الإعلان عما سيكون من قرارات العمل العربى المُشترك. لذا نفخر بهذه المناسبة، التى نسعد بها مع أشقائنا السعوديين، حيث ما يجمع البلدين قادة وشعبًا من علاقات تاريخية قوية صامدة على مرّ الزمن، قادرا على مواجهة الأزمات والتحديات، جنبًا إلى جنب مع تحقيق النهضة والتنمية والازدهار الذى يُلقى بظلاله على المنطقة ككل.. فتحيا مصر وتحيا السعودية دائمًا.