قال الدكتور محمد مختار جمعة، عميد كلية الدراسات الإسلامية بجامعة الأزهر وعضو هيئة كبار علماء المسلمين، إن الرشاوى الانتخابية، سواء كانت مادية تتمثل فى الأموال وتولى المناصب أو المصالح، أو المعنوية أو المعلنة أو المستترة، حرام شرعاً، وذلك وفقاً لما أقرته دار الإفتاء، لافتاً إلى أن المتلقى والحاصل على هذه الرشاوى مقابل أن يعطى صوته لمرشح بعينه من مرشحى الرئاسة ليس بكفء وليس الأقدر على خدمة وطنه وأمته، فهذا الناخب هو خائن لله والرسول والأمة. وأكد جمعة، خلال خطبة الجمعة بمسجد الاستقامة بميدان الجيزة، أنه لا يجوز لمرشحى الرئاسة شراء الأصوات، وأن من يقوم من الشعب ببيع صوته من أجل مصلحة أو مال أو منفعة أو أى أمر دنيوى فهو يعلم أن هذا المرشح لا يستحق، وهناك من هم أفضل منه فهو خائن لله والرسول والأمة. وركز جمعة، خلال خطبته على نوعين من الأمانة، أولها وهى أمانة الولاية وهى التى تتعلق بمرشحى الرئاسة الراغبين فى الحصول على منصب الرئيس، مستشهداً بحديث الرسول، "صلى الله عليه وسلم"، "كلكم راعٍ وكلكم مسئول عن رعيته، فالإمام راعٍ ومسئول عن رعيته، والرجل راعٍ فى أهل بيته ومسئول عن رعيته، والمرأة راعية فى بيت زوجها ومسئولة عن رعيتها، والخادم راعٍ فى مال سيده ومسئول عن رعيته، وكلكم راعٍ ومسئول عن رعيته". كما استشهد الخطيب بقصة عبد الله بن عباس عندما دخل على سيدنا عمر، "رضى الله عنه"، بعد تعرضه للطعن وقبل وفاته، حيث قال سيدنا عبد الله، وهو أول من دخل على سيدنا عمر، "أبشرك بالجنة يا أمير المؤمنين لقد صحبت رسول الله فأطلت صحبته، ووليته فقويته وأديت الأمانة"، وهنا رد سيدنا عمر على كلمة أديت الأمانة قائلا، "والله لو أن لى الدنيا وما فيها لافتديت بها قبل أن أعلم الخبر". واستشهد جمعة أيضاً بقصة سيدنا عمر عندما سأل أحد الولاة قائلا، "ماذا تفعل مع السارق إذا جاء إليك، فرد الحاكم، أقطع يده يا أمير المؤمنين وأقيم عليه الحد، فرد عليه عمر، فإنى إذا جاء إلى جائع يشتكيك فإنى سأقطع يدك، فعليكم بتوفير احتياجات الناس ومطالبهم"، وهنا أشار الخطيب إلى أنه على مرشحى الرئاسة توفير احتياجات ومطالب الشعب قبل محاسبتهم للشعب. أما النوع الثانى من الأمانة فيتعلق بأمانة الصوت الانتخابى، وهنا أكد الخطيب على أن العلماء والقضاة هم حكام لا ينبغى لهم الانحياز إلى شخص بعينه أو تيار أو فصيل أو حزب، كما ينبغى أن يكونوا بعيداً عن أى تصنيفات سياسية أو حزبية، لافتاً إلى أن العلماء حريصون على البعد فى دعوتهم وخطبهم بالمساجد عن الانحياز لشخص بعينه، وأن يتركوا عملية الاختيار لأبناء الشعب الذين يثقون فى حضارتهم وثقافتهم، ولكن العلماء ينصحون الشعب بأن يختار كلاً منهم المرشح الأكفأ والأصلح والأقدر على خدمة دينه ووطنه، فمن اجتهد فأخطأ فله أجر ومن اجتهد وأصاب فله أجران، ناصحاً الشعب بألا يحكم على المرشح أثناء اختياره بأنه من أهل الجنة أو من أهل النار لأن هذا الأمر لله، عز وجل، وحده ولكن على الناخب أن يعرف أن صوته أمانة سيحاسب عليها أمام الله وعليه أن يراعى مصلحة الدين والوطن قبل مصلحته الشخصية.