اختتمت مساء اليوم فعاليات المؤتمر الدولى الرابع والثلاثين للجمعية الفلسفية المصرية، بعنوان "الفلسفة الإسلامية حاضرها ومستقبلها في العالم" بحضور فضيلة مفتى الجمهورية الدكتور نظير عياد، والدكتور مصطفى النشار رئيس الجمعية الفلسفية، والدكتور عبد الراضى رضوان مقرر المؤتمر، ومشاركة 58 باحثًا يمثلون ثماني دول عربية وأوربية، وذلك على مدار ثلاث عشرة جلسة علمية استمرت ثلاثة أيام كاملة. وقرر المؤتمر اختيار فضيلة الإمام الأكبر شيخ الأزهر الأستاذ الدكتور أحمد الطيب الرئيس الشرفي للجمعية الفلسفية. وتمثلت توصيات المؤتمر في الآتى: أولا: إنشاء رابطة فلاسفة العالم الإسلامي للعناية بالفلاسفة المشتغلين بها وبقضايا الفلسفة الإسلامية وتنشيط دورها في ترسيخ فكر التعايش والتسامح والتعددية والمواطنة. ثانيا: العناية بإنشاء مقرر تعليمي للتربية النقدية للأطفال والتفكير الفلسفي للإسهام في مشروعات بناء الإنسان وترسيخ الهوية والانتماء والولاء الوطني. ثالثا: إقامة مؤتمر للتسامح يقوم بشكل عاجل باستخلاص مقرر تعليمي للتسامح يتم تدريسه للمراحل السنية المختلفة. رابعا: الاهتمام بترجمة الأعمال المهمة للمفكرين والفلاسفة العرب من اللغة العربية الى اللغات الأخرى مثل الانجليزية والفرنسية والألمانية والإيطالية، وذلك من خلال تأسيس صندوق لدعم الترجمة وتمويلها والترجمة يقوم بها مترجمون من البلد المستهدف بها. خامسا: إحياء فلسفة القوة العادلة، فلسفة تستمد جوهرها من حكمة الإسلام وتجربته التاريخية التي أرسَت مبادئ العدالة والسلام في العالم. هذه الفلسفة تعيد تعريف القوة لا كوسيلة للهيمنة والاستبداد، بل كأداة للحفاظ على حقوق الأفراد والمجتمعات، مقاومةً لأفكار الظلم والقهر التي تسعى إلى تفتيت المجتمعات الإسلامية وإخضاعها. إنها فلسفة توازن بين القوة والعدل، بين الحزم والرحمة، مستندةً إلى مبادئ الحق الذي لا يخبو نوره مع مرور الزمن. سادسا: إحياء فلسفة الاستغراب، التي تجعل من دراسة الحضارات الأخرى شرطًا لا غنى عنه لفهم العالم واستشراف سُبل التفاعل معه. إن دراسة الأديان والثقافات والسياسات والهياكل الاجتماعية للحضارات الأخرى يُمكّن العقل الإسلامي من رصد نقاط القوة والضعف، واستكشاف سبل الإبداع والتطوير بما يخدم الأمة الإسلامية. هذه الفلسفة هي الردّ المنهجي على مشروع الاستشراق الذي وُلِد في كنف الاستعمار، فتصبح الفلسفة الإسلامية قادرة على مواجهة الاستغلال المعرفي بمنهجية واعية. سابعا: إحياء فلسفة الروح والعاطفة والوجدان، في زمن اجتاحته الفلسفات المادية التي قادت إلى جفاف الروح وتآكل القيم الإنسانية. إن الإنسان، في جوهره، ليس مجرد آلة تفكر؛ إنه كائن يحمل مشاعر وأحاسيس متقدة تحتاج إلى تغذية. هذه الفلسفة تعيد للعاطفة دورها الأصيل في توجيه الإرادة البشرية نحو الخير والتفاعل مع الآخرين بروح المحبة والتعاون، ما يعيد بناء جسور التواصل الاجتماعي التي أضعفتها المادية البحتة. ثامنا: إحياء فلسفة الأمل والمستقبل والحياة، في مواجهة الفلسفات العدمية التي سلبت من الإنسان معنى وجوده وأثقلت قلبه بحالات اليأس والإحباط. إن الفلسفة الإسلامية تنبني على أن للحياة معنى وهدفًا، وأن السعي لتحقيق الخير والجمال هو محور الوجود الإنساني. إنها فلسفة ترفض الاستسلام لعدمية الوجود، وتبثّ في النفوس يقينًا بأن غدًا يحمل إمكانية الإصلاح والبناء. تاسعا: إحياء فلسفة اقتصادية تعزز قيمة الحلال والحرام، وتدعو إلى استثمار يحقق التكافل الاقتصادي ويعتمد على الذات. في مواجهة الفلسفات الرأسمالية التي أرهقت الفقراء، والشيوعية التي أهدرت جهود الأفراد المبدعين، تقدم الفلسفة الإسلامية نموذجًا متوازنًا للتوزيع العادل للثروات والفرص، يدعو إلى احترام الخبرة والكفاءة ويوظفها لبناء مجتمع مزدهر قائم على الإنصاف. عاشرا: إحياء فلسفة صوفية تركّز على العمل والحقيقة، بعيدًا عن التواكل والخرافات التي اختزلت التصوف في رموز ورسوم. التصوف الأصيل يُذكّر الإنسان بحقيقة وجوده، ويُحفّزه للعمل من أجل إعمار الأرض بروح نقية متصلة بالحق. هذه الفلسفة تصون النفس من الانحرافات التي سلبت التصوف جوهره، وأحالت منهج التأمل إلى طقوس خاوية. الحادي عشر: إحياء فلسفة نسوية عفيفة تستمد نورها من هدي القرآن والسنة، لمواجهة حركات نسوية متطرفة أفسدت مفاهيم الأسرة وشرّعت التعايشات غير الشرعية، ما أدى إلى تفسخ البنى الاجتماعية. الفلسفة النسوية الإسلامية تعيد الاعتبار لمكانة المرأة، تحفظ حقوقها وتكرم دورها في بناء المجتمع دون أن تتنازل عن القيم الإنسانية التي تحمي الأسرة وتبني الأجيال. الثاني عشر: إحياء فلسفة نقدية حكيمة للتاريخ والتراث، تدرس الثابت والمتغير وتبحث في العلل التاريخية والاجتماعية والثقافية التي أثّرت في الاجتهادات والآراء. هذه الفلسفة تتجاوز النظرة المثالية التي تُقصيها الواقعية العلمية، وتعيد بناء الوعي بتاريخ الإنسان والمجتمع، بما يجعله قادرًا على التفاعل مع الماضي والحاضر بعقلانية وحكمة، مرسخةً بذلك قواعد الفكر النقدي الذي يراعي تعقيدات الوجود البشري وثراء التراث. المؤتمر الدولي للفلسفة الإسلامية