التاريخ لا يقوم على المؤامرة، لكنه بكل تأكيد لا يخلو منها، وكما أن بعض الظن إثم فإن بعضه الآخر ليس كذلك بالتأكيد، وأنا ممن يسيئون الظن السياسى بجماعة الإخوان المسلمين، ما سأقوله فى السطور القادمة مجرد نبوءة مبنية على تحليل، فإذا صدقت النبوءة فاذكرنى بالخير، وإذا لم تصدق فالمسألة عادية، لأن الصدمة كانت كبيرة لتجعل الجميع غاضبين ويتحدثون فى أى اتجاه وفى كل اتجاه. أنا أقول إن ترشح خيرت الشاطر صفقة مع المجلس العسكرى، وإذا أردت تعبيرًا مهذبًا فالمجلس العسكرى غير منزعج من ترشح خيرت الشاطر، ولو أراد أن يمنعه من الترشح لما منحه العفو، اسألنى: لماذا؟ وأنا أجيبك: 1 - ترشح خيرت الشاطر سيمنح المجلس العسكرى المبرر والشرعية كى يرشح أحد رجاله لمنصب الرئيس، وسيحدث هذا وسط ترحيب كبير من الملايين الذين أصابهم خبر ترشح الشاطر بمشاعر مختلطة من الخوف والارتباك. 2 - ترشح الشاطر بالمخالفة لتعهدات الجماعة السابقة يمنح جميع الأطراف فرصة لتغيير تعهداتها السابقة، وأول هذه الأطراف هو المجلس العسكرى الذى لن يستطيع أحد أن يلومه أو يعتب عليه، بل إن الناس سيناشدونه ويترجونه ألا يتركهم للإخوان. 3 - ترشح الشاطر أيضًا سيفتت الأصوات التى كانت ستذهب للمرشحين الإسلاميين أبو إسماعيل وأبو الفتوح، والأول يبدو بريئًا وجامحًا وشعبيّا بدرجة من شأنها أن تثير قلق الجميع، وعلى رأسهم المجلس الأعلى، أما الثانى فيملك مقومات رجل دولة، ولكن فشله فى الانتخابات مسألة حياة أو موت بالنسبة للإخوان، وعلى رأسهم الشاطر، وبالتالى فالمصلحة واحدة ومشتركة بين الإخوان والمجلس العسكرى. 4 - سيخوض الشاطر الانتخابات، ولن ينجح، وهو يعرف ذلك، والجماعة تعرف ذلك، وإذا فكرت الجماعة فى غير ذلك فساعتها سيكون لكل حادث حديث. 5 - سيبقى الشاطر بعد الانتخابات وبعد مجىء رئيس جديد ينتمى للمؤسسة العسكرية رقمًا كبيرًا فى السياسة وفى الاقتصاد دون منصب رسمى. 6 - سيبقى الإخوان فى المساحة التى أريدت لهم منذ بداية التفاهم كتنظيم سياسى يرث الحزب الوطنى، دون أن يمكنوا من مفاصل الدولة ومؤسساتها السيادية التى ستبقى كما هى فى قبضة المؤسسة العسكرية ومن تختارهم من المدنيين، إذا لم تكن هذه هى الصفقة فماذا ستكون؟ وإذا كنت أنت «شاطر» فغيرك أشطر!