سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
رويترز تحذر من سيطرة القاعدة على جنوب سيناء.. والمحافظ يحمل الجماعات الدينية مسئولية الاضطرابات.. خبراء ل"اليوم السابع": تنظيم القاعدة استغل الانفلات الأمنى فى سيناء والحل فى يد "الجيش والداخلية" معا
حذرت وكالة رويترز للأنباء من خطورة تنامى التيار الإسلامى المتشدد فى شبه جزيرة سيناء، وإمكانية أن تتحول هذه المنطقة الاستراتيجية إلى مكان لإيواء عناصر من تنظيم القاعدة الإرهابى، إلا أن الخبير الاستراتيجى نبيل فؤاد، وصف هذا التقرير بالمزاعم والأحاديث غير الواردة بالمرة، مشيرا إلى أن جهات الأمن المصرية بدأت التعامل بحزم مع هذه القضية. وقالت الوكالة فى تقرير لها أمس كتبه تميم عليان "لا يلاحظ الخارج المنبهر بالثورات فى مصر ودول عربية أخرى أن التيار الدينى المتشدد يبنى وجودا له فى سيناء التى قد تصبح ملاذا جديدا للتشدد المناوئ للغرب فى هذه المنطقة الاستراتيجية الفاصلة بين أفريقيا وأسيا والمطلة على البحر المتوسط"، لافتا إلى واقعة محاصرة البدو لقاعدة القوات الدولية متعددة الجنسيات فى سيناء لمطالبة الحكومة بتحقيق مطالبهم التى تمثلت فى إطلاق الحكومة المصرية سراح خمسة أشخاص سجنوا فى قضايا تفجيرات بمنتجعات سياحية فى سيناء قبل أكثر من ست سنوات. ونقلت الوكالة عن شخص أسمته بالمتشدد: "نحن مستعدون للموت تحت الدبابات فى سبيل هذا"، لافتة إلى أن من حاصروا القاعدة الدولية لم يطلقوا رصاصة واحدة وقاموا فى النهاية برفع حصارهم الذى استمر ثمانية أيام ولم يكن السبب فى قرار رفع الحصار عن القاعدة هو خوفهم من الاعتقال أو التعرض للهجوم من السلطات المصرية لكن تمت تلبية مطالبهم، حيث وافقت الحكومة على إطلاق سراح الرجال المتهمين بالضلوع فى هجمات فى 2004 و2005 أسفرت عن مقتل نحو 125 شخصا فى منتجعات سياحية مطلة على البحر الأحمر فى شرم الشيخ ودهب وطابا. وأرجعت رويترز ضعف السيطرة الأمنية فى سيناء إلى عدة أسباب منها كما قالت "سلطة الحكومة المصرية انهارت فى مناطق كثيرة فى سيناء بعد الإطاحة بالرئيس السابق حسنى مبارك بعد 30 عاما قضاها فى الحكم، ليخلف فراغا نشطت فيه جماعات تشدد إسلامى، مما يمثل خطرا أمنيا على مصر وعلى قناة السويس الشريان الحيوى الذى يربط آسيا بأوروبا، وكذلك على دول مجاورة لمصر مثل إسرائيل". وأشارت رويترز فى تقريرها إلى أن جماعات متشددة فى الطيف الإسلامى تنشط فى شبه جزيرة سيناء التى تتساوى فى المساحة مع أيرلندا، لكن يعيش فيها أقل من مليون شخص وذلك على الرغم من دخول التيار الإسلامى الذى ظل محظورا لفترة طويلة فى المشهد السياسى المصرى، حيث يهيمن الآن على البرلمان، ويستعد لتشكيل حكومة، مؤكدة على أن إسلاميون متشددون يفرضون سلطتهم فى بلدات مازالت مراكز شرطة مهجورة فيها منذ الثورة ويروجون تفسيرا أكثر تشددا للإسلام لا يدع مجالا للتسامح الدينى بل ويصدم بعض القوى الأكثر تحفظا فى العالم الإسلامى. وعلى الرغم من أن بعض المتشددين فى سيناء يبدو أنهم يستلهمون فكر تنظيم القاعدة، فإن الخبراء لا يعتقدون حتى الآن أن التنظيم له نشاط فى شبه جزيرة سيناء، كما نقلت رويترز عن هؤلاء الخبراء، لكنها عادت وقالت إنه "مع مرور الوقت ومع سعى الدولة المصرية الحثيث لفرض سلطتها يبدو أن هناك خطرا متناميا من احتمال تنظيم الجماعات المتشددة فى سيناء صفوفها بشكل أكثر وثوقا مع التنظيم العالمى الذى أصبح المصرى أيمن الظواهرى زعيمه"، ونقلت عن، هنرى ويلكنسون، المسؤول عن التحليل والمخابرات فى مجموعة ريسك إدفايزورى قوله: "أرى أن هناك احتمالا حقيقيا أن ينمو هذا التهديد ويصبح قضية أكبر بكثير مما هو الآن.. أخشى أن القاعدة.. ترى فرصة كبيرة فى سيناء". وقالت رويترز: "حتى الآن يقتصر نفوذ الإسلاميين المتشددين على بلدات فقيرة فى الأغلب فى شمال سيناء، ويشير البعض إلى أن الجماعات التى تنشط حاليا تشبه الجماعات التى جعلت هناك الكثير من المتشددين مصريين، والتى تسعى لتطبيق الشريعة الإسلامية، وتطلق إحدى هذه الجماعات على نفسها اسم التوحيد والجهاد وهو الاسم الذى كان يستخدمه جناح تنظيم القاعدة فى العراق فى أول الأمر، ويلقى باللوم على الجماعة فى هجمات عامى 2004 و2005 واتهمت العام الماضى بشن هجوم على مركز للشرطة فى بلدة العريش قتل فيه خمسة من أفراد قوات الأمن المصرية، ومن الجماعات المتشددة الأخرى فى سيناء جماعة التكفير والهجرة وهو اسم تردد للمرة الأولى فى مصر فى الستينات من القرن العشرين، عندما وجدت جماعات فى مصر أرضا خصبة لأفكار إسلامية متشددة تخطت الحدود وأيدت القاعدة وغيرها أيديولوجيا". ونقل تقرير الوكالة عن سكان محليون قولهم إن نفوذ جماعة التكفير والهجرة نما فى شمال سيناء العام الماضى، حيث قال شاب فى الثلاثينيات انضم إلى الجماعة قبل عام "أحيانا يكون العنف هو الطريقة لتحقيق أهدافك"، واصفة هذا الشاب بأنه ذا لحية قصيرة وينحدر من قرية جبلية خارج العريش وهى البلدة الرئيسية فى شمال سيناء. وسرد هذا الشاب لمراسل رويترز قصصا لأشقاء من أعضاء الجماعة أجبروا والديهم على الانفصال بعدما قالوا إن أباهم كافر، مؤكدا: "أنا مستعد للمشاركة فى تفجير خطوط الأنابيب.. ومهاجمة مراكز الشرطة". وانتقلت رويترز من العريش إلى مدينة الشيخ زويد الواقعة على بعد كيلومترات قليلة عن الحدود مع قطاع غزة، وقالت عنها أن فكرة الإمارة الإسلامية بدأت من التحقق على أرض الواقع، مشيرة إلى أن مركز للشرطة فى المدينة تم تجديده لكنه لا يزال فارغا فى الميدان الرئيسى بما يعد رمزا قويا على انهيار سلطة الدولة، خاصة بعدما كتب على جدرانه شعارات تعلن أن سيناء إمارة إسلامية مستقلة. وقال سعيد عتيق وهو نشط سياسى فى الشيخ زويد فى إشارة إلى اختفاء قوات الشرطة من الشوارع بعد يوم جمعة الغضب أثناء الثورة المصرية "غادرت الشرطة المدينة فى الساعة الرابعة عصرا يوم 29 يناير 2011 متجهة إلى القاهرة ولم تعد قط"، فيما قال سكان فى الشيخ زويد إن إهمال الدولة وانهيار الهياكل التقليدية للسلطة القبلية سمحا بانتشار نفوذ المتشددين. وأكدت رويترز أن رجال دين فى سيناء يطبقون الآن تفسيرهم للشريعة الإسلامية فى محاكم شرعية مستقلة عن سلطة الدولة، حيث تم رفع لافتة تقول: "إن الأمر إلا لله" على باب إحدى هذه المحاكم، ونقلت عن حمدين أبو فيصل وهو رجل دين سلفى يقوم بدور قاض فى الشيخ زويد قوله "الناس بحاجة إلى شخص لحل نزاعاتهم ويجدون الحل فى المحاكم الدينية". وتناولت رويترز وضع الأحزاب السياسية ذات الخلفية الدينية فى سيناء، وقالت إن حزب النور السلفى ثانى أكبر حزب فى البرلمان المصرى بعد حزب الحرية والعدالة المنبثق عن جماعة الاخوان المسلمين، أصبح حزبا غير مرغوب فيه لدى البعض فى الشيخ زويد ممن لا يعجبهم نهج حزب النور، وقال محسن أبو حسن وهو عضو فى الحزب إن شابا من جماعة التكفير والهجرة وصفه بأنه كافر خلال حشد انتخابى فى البلدة العام الماضى. وقال أبو حسن، عضو مجلس الشعب عن حزب النور، لرويترز إن الأمر تحول إلى ظاهرة يجب مواجهتها ويجب عدم غض الطرف عنها، فيما قال اللواء عبد الوهاب مبروك محافظ شمال سيناء إن الجماعات الدينية مسؤولة عن الاضطرابات، لكنه نفى أى وجود للقاعدة أو لعناصر وصفها بأنها "إرهابية". وتشير رويترز فى تقريرها إلى أن إسرائيل تشعر بالقلق مما يحدث فى سيناء، فشرعت فى بناء جدارا على طول حدودها الممتدة لمسافة 266 كيلومترا مع شبه جزيرة سيناء، وقالت إن ضابط إسرائيلى الحدود المصرية الإسرائيلية وصف هذه الحدود، بأنها "حدود ساخنة"، خاصة بعدما ألقت تل أبيب باللوم فى أغسطس الماضى على إسلاميين متشددين من سيناء فى هجمات أسفرت عن مقتل ثمانية إسرائيليين، وأدى رد بهجوم إسرئيلى أسفر عن قتل خمسة من أفراد حرس الحدود المصريين إلى توتر العلاقات بين مصر وإسرائيل. ولفتت رويترز إلى أن تل أبيب تخشى أيضا أن تستخدم حركة المقاومة الإسلامية (حماس) التى تسيطر على قطاع غزة، سيناء كفناء خلفى لشن هجمات على جنوب إسرائيل، لكنها أردفت ذلك بقولها: "لكن الفكر المتشدد الذى أصبح منتشرا فى سيناء قد يمثل تهديدا أيضا على مصر نفسها وعلى حماس التى تحارب تشددا يستلهم فكر القاعدة فى غزة". وأجرت رويترز مقارنة سريعة بين الوضع فى شمال وجنوبسيناء، وقالت إن الوضع فى جنوبسيناء يختلف عن المنطقة الشمالية منها، حيث يعيش البدو فى المنطقة الجنوبية الجبلية المطلة على البحر الأحمر حياة بدوية تختلف عن الحضر فى الشمال الذى سكن فيه الكثير فى بلدات على طول ساحل البحر المتوسط واختلطوا مع مصريين من الوادى وأجانب، كذلك من غزة، لكن البدو فى جنوبسيناء منعزلون أيضا بسبب سنوات من إهمال الدولة وقمعها لهم، ويظهر البدو فى الجنوب أيضا مؤشرات على التمرد لكنها لا تتخذ الطابع الإسلامى الذى يظهر فى الشمال. وقال الشيخ أحمد حسين العضو فى قبيلة قرارشة وهى من كبرى القبائل فى جنوبسيناء إن البدو لا يشعرون أنهم مواطنون مصريون، فيما قال تقرير للحكومة المصرية فى عام 2010 إن ربع سكان سيناء البالغ عددهم نحو 600 ألف شخص لا يحملون بطاقة تحقيق شخصية، ولا يسمح للبدو بامتلاك الأراضى أو أداء الخدمة العسكرية، ولفتت رويترز إلى أن حكومة الدكتور كمال الجنزورى بدأت تشعر بالمشكلة واتخذت خطوات فى الشهور القليلة الماضية فى هذا الصدد منذ أن تولت السلطة فى نوفمبر الماضى، ففى محاولة لتهدئة التوتر أمر الجنزورى بإعادة محاكمة المسجونين بعد تفجيرات سيناء، كما أمر بإحياء مشروعات تنمية فى المنطقة من بينها طريق للسكك الحديدية وقناة لتوصيل المياه إلى وسط سيناء. وقال عبد الله أبو جهامة وهو نائب فى البرلمان المصرى عن سيناء إنه يجب على الدولة تسريع عملية التنمية وإلا ستقع المشكلة الأخطر وهى زيادة أعداد المتشددين فى شبه الجزيرة. وأوضح الخبير الاستراتيجى نبيل فؤاد ل"اليوم السابع" إن الأجهزة الأمنية حول العالم، يمكن اختراقها، وهذا ما حدث مع الجهاز الأمن المصرى، والذى تعرض لحملة اختراق شرسة إبان ثورة 25 يناير، إلا أن الجهات الأمنية زادت من تعاملها الشديد مع هذه القضية خلال الفترة الأخيرة، كما أن القوات المسلحة دعمت عمل الداخلية فى منطقة سيناء، لمنع تنامى الفكر التكفيرى". أضاف فؤاد أن تعداد سكان جنوبسيناء لا يتعدى 500 ألف مواطن، وإذا تم تقسيمهم لفئات معينة، سيتواجد أن نسبة الشباب فيهم قليلة، وهم الفئة الأكثر عرضة لنماء الفكر التكفيرى، لذلك أرى أن الوضع مع حدوث الاستقرار سيسهل السيطرة عليه، ولن يتجول نهائيا ليصبح ملاذا جديدا للقاعدة فى مصر. وعلى الرغم من أن بعض المتشددين فى سيناء يبدو أنهم يستلهمون فكر تنظيم القاعدة فإن الخبراء لا يعتقدون حتى ألان أن التنظيم له نشاط فى شبه جزيرة سيناء، كما نقلت رويترز عن هؤلاء الخبراء، لكنها عادت وقالت إنه "مع مرور الوقت ومع سعى الدولة المصرية الحثيث لفرض سلطتها يبدو أن هناك خطرا متناميا من احتمال تنظيم الجماعات المتشددة فى سيناء صفوفها بشكل أكثر وثوقا مع التنظيم العالمى الذى أصبح المصرى أيمن الظواهرى زعيمه "فى سيناء". وأيد هذا الرأى الخبير الاستراتيجى اللواء طلعت أبو مسلم، قائلا: "لا أحد ينكر أن فى سيناء تشهد حالة من الانفلات الأمنى، والذى يتزايد يوما بعد يوم منذ ثورة 25 يناير"، مؤكدا أن تنظيم القاعدة يستغل هذه الثغرات الأمنية فى نشر أفكاره داخل المنطقة، التى تتماشى مع الطبيعة الصحراوية الراعية للفكر التكفيرى. وأشار أبو مسلم إلى أن السؤال حاليا هل سينجح تنظيم القاعدة أم لا فى نشر أفكاره، وهل ستنجح القوات الأمنية فى وقف هذا الخطر بشكل عاجل، وهاذ يتوقف على عمل قوات الأمن والخطط التى تضعها للتعامل مع الأزمة الواقعة التى يصعب السيطرة عليها فى ظل ما نرى من تراخى من قبل الجهات الأمنية. ووضع الخبير الاستراتيجى طلعت أبو مسلم حلا لهذه المخاطر، قائلا: "يجب تضافر الجهود بين الداخلية والقوات المسلحة لفترة طويلة، حتى يتم التخلص من هذا الخطر سريعا، وليس شن حملة ثم العودة للوراء".