«صوتك في أمان».. الوطنية للانتخابات تتصدى لأي مخالفات وصناديق الاقتراع تحت رقابة صارمة    رئيسة المجلس القومي للمرأة تدعو جميع سيدات مصر للإدلاء بأصواتهن في الانتخابات    «التضامن» تقر تعديل قيد 3 جمعيات في البحيرة والغربية    جامعة حلوان تطلق منافسات الألعاب الإلكترونية وسط مشاركة طلابية واسعة وحماس كبير    وزير البترول يدلي بصوته في انتخابات النواب بالتجمع الخامس    تعرف على أسعار الخضراوات بمحافظة المنيا اليوم الاثنين 24-11-2025    منال عوض تؤيد دعوة "اليونيدو" اعتبار 21 إبريل يوما عالميا للمرأة في مجال الصناعة    ننفرد بنشر تفاصيل تعديلات قانون الضريبة العقارية الجديدة المقدمة من الحكومة    الوزراء: مصر في المركز 65 عالميًا من بين أفضل 100 دولة والأولى على مستوى دول شمال إفريقيا في بيئة الشركات الناشئة لعام 2025    الوفدان الأميركي والأوكراني اتفقا على معظم بنود خطة التسوية الأميركية    وزارة الدفاع الروسية: مسيرات روسية تدمر 3 هوائيات اتصالات أوكرانية    قائد الجيش السوداني يرفض مقترح اللجنة الرباعية لوقف إطلاق النار ويصفه ب«أسوأ ورقة»    ترامب يؤكد انتظاره لقرار المحكمة العليا بشأن الرسوم الجمركية    التشى ضد الريال.. الملكى يعانى وألونسو يبحث عن حلول عاجلة    توروب يحاضر لاعبي الأهلي بالفيديو استعدادًا لمباراة الجيش الملكي    كيفو: محبط من الأداء والنتيجة أمام ميلان.. وعلينا التركيز أمام هجمات أتلتيكو مدريد المرتدة    مصرع وإصابة 3 فى حادث على طريق المحلة طنطا    بانوراما الفيلم الأوروبي تعلن عن برنامج دورتها ال 18    أحمد صيام يعلن تعافيه من أزمة صحية ويشكر نقابة المهن التمثيلية    عمرها سبعون عاما.. سعودية تتم حفظ القرآن الكريم فى جمعية ترتيل بالباحة    وزير التعليم العالي يبحث مع وفد شركة أسترازينيكا تعزيز التعاون في علاج الأمراض النادرة    أسباب ونصائح مهمة لزيادة فرص الحمل بشكل طبيعي    رئيس جامعة قنا يتفقد فعاليات مبادرة "اطمن 2" للكشف عن السكري    العدو الخفي | مقاومة الإنسولين وإضطرابات السكر في الجسم    بدء توافد المواطنين على لجان الانتخابات بشمال سيناء للإدلاء بأصواتهم في صناديق الاقتراع    ماراثون التصويت ينطلق بقوة.. شبين القناطر تسجل كثافة لافتة أمام اللجان    مأساة على طريق القاهرة-الفيوم.. وفاة شخصين وإصابة آخرين في تصادم سيارتين    حالة الطقس.. انخفاض بالحرارة وأمطار متفاوتة الشدة على مناطق متفرقة    محافظ دمياط يتابع انتخابات مجلس النواب من مركز السيطرة    مباريات اليوم 24 نوفمبر 2025.. مواجهات قوية في أبرز الدوريات والبطولات العالمية    وزير الصحة يبحث إطلاق المنصة الموحدة للمبادرات الرئاسية الصحية    غرفة عمليات الداخلية تتابع سير العملية الانتخابية لحظة بلحظة    نائب رئيس البورصة المصرية يلقي كلمة تثقيفية لنشر الوعي الاستثماري لطلاب المدارس    سعر الدولار في البنوك المصرية اليوم الاثنين 24 نوفمبر 2025    مواعيد مباريات الإثنين 24 نوفمبر 2025.. نهائي مرتبط السلة والمربع الذهبي بمونديال الناشئين    لماذا ضربت إسرائيل ضاحية بيروت الجنوبية؟    زيلينسكي: يتعين أن تكون خطوات إنهاء الحرب فعالة    أسعار الذهب في مصر اليوم الاثنين 24 نوفمبر 2025    وزارة الداخلية تقرر إبعاد 5 أجانب خارج مصر    وزير الأوقاف يدلي بصوته فى انتخابات مجلس النواب بالقاهرة    رئيس الهيئة الوطنية: كل صوت في صندوق الاقتراع له أثر في نتيجة الانتخابات    اليوم.. نظر محاكمة 9 متهمين بخلية داعش مدينة نصر    مسلم: «رجعت زوجتي عند المأذون ومش هيكون بينا مشاكل تاني»    تجديد ديكور البيت بدون أي تكلفة، 20 فكرة لإعادة تدوير الأشياء القديمة    أدعية المظلوم على الظالم وفضل الدعاء بنصرة المستضعفين    تامر حسني يعود إلى مصر لاستكمال علاجه.. ويكشف تفاصيل أزمته الصحية    ردد الآن| دعاء صلاة الفجر وأفضل الأذكار التي تقال في هذا الوقت المبارك    الزمالك يكشف تفاصيل إصابة عبد الله السعيد أمام زيسكو الزامبي    تحطم سيارتين بسبب انهيار جزئي بعقار قديم في الإسكندرية (صور)    أحمد عبد الرؤوف: الزمالك كان قادرًا على حسم مواجهة زيسكو من الشوط الأول    نتيجة وملخص أهداف مباراة ريال مدريد ضد إلتشي في الدوري الإسباني    مواقيت الصلاه اليوم الإثنين 24نوفمبر 2025 فى محافظة المنيا    رئيس البرازيل السابق: هلوسة ناجمة عن تغيير الأدوية دفعتني لخلع جهاز المراقبة    نقيب المأذونين ل«استوديو إكسترا»: الزوجة صاحبة قرار الطلاق في الغالب    اللجنة العليا للحج: 2 مليون جنيه غرامة والحبس سنة لسماسرة الحج    ريمون المصري يدعو المنتجين لتقديم أعمال سينمائية عن التاريخ المصري القديم    المستشار حامد شعبان سليم يكتب عن : فانصروا الوطن يرحمكم الله !؟    القمة النارية بين آرسنال وتوتنهام الليلة.. موعد المباراة القنوات الناقلة والتفاصيل الكاملة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



شارلى شابلن فى دار الأوبرا
نشر في اليوم السابع يوم 03 - 09 - 2023

جاء اختيار العرض المسرحى الاستعراضى " شارلى شابلن" فى افتتاح الدورة ال30 لمهرجان القاهرة الدولى للمسرح التجريبى مناسبا للغاية، ويليق بمهرجان انطلق أيضا فى أول دورة له من مسرح دار الأوبرا عام 1988 والفضل يرجع لوزير الثقافة الأسبق الفنان فاروق حسنى.
حفل الافتتاح كان مدهشا رغم بساطته، فالحضور كان لافتا من عدد كبير من نجوم المسرح المصرى والعربى والأجنبى ووزيرة الثقافة الدكتورة نيفين الكيلانى، والتنظيم كان رائعا وهو ما يحسب للدكتور سامح مهران رئيس المهرجان واللجنة العليا، ولم يعكر الصفو سوى الهمس والجدل الذى دار قبل وأثناء الافتتاح حول تكريم بعض النجوم السينمائيين فى مهرجان للسينما.
لكن تناسى الحضور الجدل بمجرد أن بدأ حفل الافتتاح وتوافد المكرمون على خشبة المسرح واللفتة الإنسانية من إدارة المهرجان بمنح تكريم خاص لاسم الراحلة الناقدة الفنية الشابة رنا أبو العلا، عضو هيئة تحرير نشرة المهرجان فى دورته الحالية، تقديرا لجهودها فى نشرة المهرجان خلال السنوات الماضية، وهو ما نال قدرا كبيرا من التصفيق الحاد من الحضور.
عقب الفقرة الأولى من الافتتاح أعلن المذيع الداخلى عن استراحة استعدادا لعرض "شارلى شابلن" وكعادة مثل هذه المناسبات ينصرف أغلب الحضور إلى اللقاءات الشخصية وينفض الحفل وتخلو القاعة التى تتسع لحوالى 1200 مقعد من المدعوين للافتتاح.
المفاجأة أن القاعة عادت للامتلاء لمشاهدة العرض الذى سبقته إشادات كبار النقاد والفنانين الذين شاهدوه قبل حفل الافتتاح خاصة أن العرض يتناول إحدى أيقونات السينما العالمية وإن لم يكن بالفعل الأيقونة السينمائية الأهم فى تاريخ السينما العالمية ولقب بالضاحك الباكى وملك السعادة، فهو الممثل الذى جعل الصمت فى أفلامه مصدرا للضحك والسعادة لدى ملايين المشاهدين له وهو شارلى شابلن-1889-1977.
العرض يفاجئ الحضور بشيء مختلف تماما فهو ليس سردا لقصة شارلى البائسة والفقيرة فقط وإنما لفلسفة وآراء وكفاح ونضال شابلن فى الحياة وفى القضايا الإنسانية التى شغلت مجتمعه فى لندن أو فى نيويورك فى عشرينيات القرن العشرين وحتى بداية الخمسينيات من خلال 5 أفلام ربما هى الأهم من بين 82 فيلما هى مجمل أعمال شارلى شابلن.
الأعمال الخمسة التى تناولها العرض من خلال الاستعراضات الغنائية المبهرة والأداء المتميز للممثلين هى أفلام الطفل عام 1921 والسيرك 28 وأضواء المدينة 31 والأزمنة الحديثة 36 والديكتاتور العظيم 1940. التى نال عن الأعمال الأولى جائزة الأوسكار فى مايو 29 وترشيحه لجائزة أفضل ممثل وأفضل مخرج لفيلم "السيرك"
العرض قبل أن يقدم جرعة كوميدية من خلال الأداء والاستعراضات والألحان البديعة فهو يدعو مع الضحك إلى التفكير فى قضية إنسانية مازالت تشغل العالم منذ العشرينات وحتى الآن.. فشارلى تعرض إلى قضايا الفقر والبؤس والديكتاتورية واستعباد البشر ودافع عن حقوق العمال ضد الرأسمالية المتوحشة والآلة التى لا ترحم وهو ما تعانيه البشرية الآن مع التطور التكنولوجى والذكاء الاصطناعى الذى سينتج عنه بطالة ملايين البشر.
ابتسم واضحك واستمتع وتفاعل مع الغناء والإضاءة والأداء التمثيلى العالى فى مستواه لكافة الممثلين لكن لا تنسى أن تفكر وتفكر فى مصير الإنسانية التى فجرها مثل الصرخة شارلى شابلن فى أفلامه الهزلية والواقعية فى وجه التحكم فى مصائر البشر وفى وجه الاستغلال والانتهازية المادية... وهذه هى الرسالة الأساسية والحقيقية للعرض.
الرسالة الأخرى هى أن الفن لا بد له من تضحيات... فالبقاء فى ذاكرة السينما وفى أذهان الملايين بعد الموت يصاحبه موقف ورأى وانحياز وانتماء للفنان قد يتعارض مع السياق العام المسيطر على الحياة السياسية والاقتصادية فى زمنه. فقد دفع شارلى شابلن أثمانا وليس ثمنا واحدا وواجه اتهامات مرعبة منذ فيلمه " الطفل" بالعداء للمجتمع الأمريكى وللرأسمالية واتهموه بالشيوعية ثم حاصروه وطردوه بسياسة " المكارثية" إلى خارج زعيمة العالم الحر عقب الحرب العالمية الثانية. فقد حكم عليه بمغادرة الولايات المتحدة الأميركية عام 52 وإلغاء تصريح دخوله عند عودته وظل بعيدا 20 عاما حتى عاد عام 1972 لتلقى جائزة فخرية للأوسكار عن مجمل أعماله السينمائية.. بل كاد أن يفقد حياته ثمنا لفنه بعد فيلم " الديكتاتور العظيم الذى سخر فيه من الهتلرية الجديدة فقد تم إدراج اسم شارلى شابلن ضمن الأسماء المرشحة للاغتيال من الجستابو الألمانى بعد أن أمر هتلر نفسه بمنع الفيلم من دخول ألمانيا، وأصبحت مشاهدة "الديكتاتور العظيم" جريمة "تحت طائلة العقوبة.
ثم تأتى الرسالة الكبرى من خلال العرض وهى أن الفنان والعالم والمبدع والفيلسوف والكاتب والمؤلف والروائى هو من يبقى وليس من طارده وحاصره وحاول قمعه ومنعه من إبداعه وفنه وإنجازه وهو ما دار بين شابلن ومدير البوليس الفيدرالى الأميركى. فبقى شارلى وحصل على أرقى الأوسمة والتكريمات حيا وميتا فقد منحته الملكة إليزابيث الثانية لقب «السير» وسام الفروسية، وتلقى الوسام وهو على كرسيه المتحرك. وصدرت عنه عشرات الكتب والأفلام التى تؤرخ له ولتاريخه الفنى والسياسى.
فى 25 ديسمبر يفارق شارلى شابلن الحياة عن عمر 88 عاما. يموت وعلى وجهه ابتسامة لم تفارقه أبدا.. ابتسامة من الماضى الذى عاشه بكل معاناته وبؤسه وفقره وتشرده ثم ثرائه وغناه وشهرته توقف قلبه ليستريح هذا الفنان الأسطورة منذ طفولته تاركا فراغا كبيرا يتردد صداه حتى الآن، فشارلى شابلن- الأب الروحى للسينما العالمية- هو حدث يقع لمرة واحدة فى السينما حتى ولو بالصمت.
استطاع عرض شارلى شابلن أمس على مسرح الأوبرا أن يقدم وجبة مسرحية استعراضية موسيقية دسمة للغاية لجمهور الحاضرين من خلال عمل لا يقل أهمية وقيمة عما تم تقديمه من أعمال عالمية سابقة عن حياة شارلى قدم فيه أبطال العرض والفرقة الاستعراضية أداء عالميا فى التمثيل والرقص والغناء والاستعراض بتأليف وأشعار كاتب متميز محترف وصاحب مدرسة خاصة ومتفردة فى الكتابة المسرحية والغنائية هو الدكتور مدحت العدل والإخراج للموهوب أحمد البوهى الذى استطاع أن يقدم عرضا شاملا متكاملا متناغما بين الأشعار والألحان والموسيقى والاضاءة والديكور والملابس بصورة احترافية، وألحان موسيقية مدهشة ومبهجة ومعبرة للموسيقار الموهوب إيهاب عبد الواحد، والتوزيع للفنان نادر حمدى، وتصميم الاستعراضات لعمرو باتريك، وملابس ريم العدل، وديكور حازم شبل، وإكسسوارات الدكتور محمد سعد، والعرض هى من إنتاج شركة سى سينما هانى نجيب وأحمد فهمى. ولا يفوتنا تحية خمسين فنانا من الممثلين الشباب والراقصين والمطربين.
أما شارلى شابلن الذى جسدها الفنان الموهوب محمد فهيم، فهذا الفنان الذى جسد من قبل شخصيات سيد قطب وإسماعيل ياسين يستحق أن يكون فى مكانة فنية متميزة أفضل مما هو عليه الآن فقد جسد شخصية شارلى متفوقا فى أدائه على عمالقة فى المسرح السينما العالمية قدموا حياة شارلى من قبل. فهو ليس مجرد ممثل بل فنان استعراضى ومؤدٍ غنائى استطاع أن يقنع الحاضرين بدور صعب للغاية لفنان لم يغب عن الأذهان وما زال حاضرا واستغل موهبته الفذة فى التوحد مع شخصية «شابلن» فى تقمصه لدرجة تصورت فيها أن من على المسرح هو شارلى شابلن وليس محمد فهيم.. وليس لدى سبب واضح ومبرر لغياب فهيم عن خارطة الأعمال الدرامية.
أما الفنان الجميل عماد إسماعيل الذى لعب دور "سيدنى" شقيق شارلى شابلن فهو فنان موهوب للغاية استطاع بموهبته إضفاء المصداقية من خلال أدائه المتقن ودراسته للشخصية بتعبيرات وجهه الهادئة وحضوره الكوميدى. وقدمت الفنانة نور قدرى دور الأم "هانا" وأتقنت الدور بملامحها الأوروبية ومرونتها الحركية والاستعراضية.
ولعب الفنان الكبير الدكتور أيمن الشيوى دور إدغار رئيس المباحث الفيدرالية الأميركية وأتقن الأداء المتميز فى إظهار روح الحقد والشر تجاه «شابلن» وبالفعل كانت مباراه فنية رفيعة المستوى بينه وبين محمد فهيم -تشارلى – على خشبة المسرح القومى بالأمس وكان الفائز فى المباراة هو الجمهور الحاضر الذى صفق للعرض كثيرا.
وأبدعت داليا الجندى دور "هيدا هوبر" وأيضا المواهب الصغيرة التى جسدت دور الشقيقين تشارلى وسيدنى فى الصغر.
عرض شارلى شابلن يستحق الكتابة عنه كثيرا وينبغى أن ينال على حقه فى العرض والدعاية لأنه يثبت أن لدينا مسرحا يتفوق – مع توافر الإمكانات وبعض الاهتمام من الدولة- على مسارح عالمية ويقدم أعمالا جادة لا تخلو من فنون المتعة والبهجة والكوميديا ويؤكد أيضا أن لدينا قطاعا خاصا مهموم بتقديم أعمالا فنية ذات مضمون فنى يرتقى بفن المسرح وبوعى الجمهور.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.