مع اقتراب فتح باب الترشح لانتخابات رئاسة الجمهورية، انشغل مرشحو الرئاسة المحتملون بالظهور أمام الفضائيات بهدف الوصول إلى أكبر عدد ممكن من الناخبين، إلا أنه قبل أن يصل المرشح إلى الكتلة التصويتية المرغوبة، عليه أن يعرف أولا ماذا يريد المصريون منه فى حالة فوزه فى الانتخابات، خاصة أبناء الطبقة الفقيرة والمتوسطة الذين يمثلون قطاعا عريضا من الشعب. «اليوم السابع» تجولت بين ثلاث مناطق عشوائية، هى «بين السرايات» و«أبوقتادة» و«حكر أبودومة» وتحدثت إلى أهلها حول رؤيتهم فى رئيس بلادهم القادم وما هى مطالبهم منه. بين السرايات فى منطقة «بين السرايات» يقف محمود الجارحى، شاب فى السادسة والعشرين من عمره، على عربة «كبدة» ليحصل منها على قوت يومه، قائلا: «البطالة دائما سلاح ذو حدين، خاصة بعد انحصار الأمن بعد الثورة، وتحول عدد من العاطلين إلى البلطجة وسرقة المواطنين بالإكراه، فضلا على ارتفاع أسعار الإيجارات لدرجة وصلت ل500 جنيه، كلمات محمود دفعته إلى القول بأن الرئيس القادم عليه أن يحل فى البداية مشكلة البطالة قبل أى مشكلة أخرى. على ناصية أحد الشوارع كانت تجلس الحاجة أم مرجان، ذات الأربعة والسبعين عاما، أمام محل بسيط لبيع البويات، قائلة: «أنا فقيرة وماليش حد يراعينى، خصوصا بعد انتشار البلطجية بالليل والتعدى بالسلاح الأبيض، لازم الريس ينقذنا منهم»، مشيرة إلى أن الرئيس المقبل لابد أن ينافس رؤساء الأحياء المحلية، فيهتم بمشاكل الفقراء التى قد تؤدى إلى موت بعضهم، على حد تعبيرها. وتحدد أم مرجان أهم المشكلات التى تعانيها فى «الصرف الصحى»، وأزمة البوتاجاز. ويلتقط منها طرف الحديث عم شوقى صادق، ليؤكد سوء الخدمات الطبية فى منطقته، قائلا: «مهنتى النقاشة أحيانا لا توفر لى ثمن العلاج الذى اشتريه غاليا بعد تخلى مستشفى بولاق عنا، فالمستشفى دائما خالٍ من العلاج أو الخدمات الطبية.. ياريت الريس يوفر لنا العلاج بسعر كويس». أبوقتادة فى منطقة أبوقتادة الوضع لم يختلف كثيرا، الحاج مجدى أبوزيد يعمل موظفا حكوميا بالصباح فى أحد القطاعات الحكومية، وبعد الظهيرة يبيع الشاى على إحدى النواصى، يقول أبو زيد: «لابد أن يراعى محدودى الدخل، فمعدل البطالة بين شباب المنطقة فى تزايد مستمر، وأهالى هؤلاء الشباب عاجزون أمام أبنائهم ولا يستطيعون مساعدتهم». حكر أبودومة فى حكر أبودومة يختلط الفقر واليأس، فمعظم المنازل آيلة للسقوط، والحشرات والبعوض تنتشر على تلال القمامة التى تلعب دورا إضافيا فى إصابة الأطفال بالأمراض.. الحاج عبدالفتاح عبدالباسط، 55 عاما، يعمل خفيراً على جراج سيارات، لديه ثلاثة أبناء، ويتقاضى شهريا 300 جنيه فقط، يقول: «المنطقة أصبحت مخيفة بعد انتشار حوادث البلطجة من أبناء الحى، والاهمال الشديد، فالمنازل قديمة جدا، ومعظمها آيل للسقوط، وتعبنا فى من كثرة الشكوى ولكن لا حياة لمن تنادى». «ماعندكوش شغل لينا» بتلك الجملة اختتم الحاج عبدالفتاح حديثه معنا وصوته يختنق من الدموع، داعيا الله عز وجل أن يرزق مصر برئيس يشعر بهموم الفقراء، وينجيهم من معاناتهم.