بعثت المبادرة المصرية للحقوق الشخصية اليوم مذكرة إلى نواب مجلس الشعب تطالبهم بإلغاء المرسوم العسكرى رقم 4 لسنة 2012 الصادر المجلس الأعلى للقوات المسلحة فى شهر يناير الماضى قبيل انعقاد مجلس الشعب، والذى أدخل تعديلات إلى قانون حوافز وضمانات الاستثمار تمنح الحكومة سلطة مطلقة للتصالح مع أى مستثمر فى جرائم الاعتداء على المال العام حتى لو كان خاضعا للمحاكمة الجنائية أو صدرت ضده أحكام قضائية ابتدائية. وأكدت المبادرة فى بيان أصدرته اليوم الأربعاء، أن المجلس الأعلى للقوات المسلحة قد أصدر هذا المرسوم بقانون فى 3 يناير الماضي، غير أنه لم ينشر فى الجريدة الرسمية إلا فى ملحق صدر فى يوم 12 يناير. ويسمح القانون للحكومة بناء على توصية الهيئة العامة للاستثمار بالتصالح مع أى مستثمر فى أى من الجرائم الواردة فى قانون العقوبات تحت عنوان "اختلاس المال العام والعدوان عليه"، وتشمل الاختلاس والاستيلاء على الأموال بغير حق وتسهيل ذلك للغير والتربح واستغلال النفوذ والإضرار بالمال العام والإهمال فى صيانته أو استخدامه. وأجاز القانون للحكومة إتمام هذا التصالح فى أى مرحلة من مراحل المحاكمة ما لم يصدر بحق المستثمر حكم نهائى. وقال الدكتور عمرو عادلى، مدير قسم العدالة الاقتصادية والاجتماعية بالمبادرة المصرية للحقوق الشخصية: "إن إصدار هذا القانون الخطير بمرسوم عسكرى بناء على توصية من الحكومة وقبل أيام من انعقاد مجلس الشعب المنتخب يعد إهداراً صريحاً لسيادة القانون ومؤشرا بالغ الخطورة على النوايا الحقيقية للحكومة الحالية فى صيانة مصالح المستثمرين حتى ولو كانت على حساب المال العام وبالمخالفة للقانون، وفى الدفاع عن شبكات الفساد والمصالح الموروثة من عصر مبارك، والتى لم تسقط بسقوطه". وأشارت المبادرة إلى المرسوم صدر فى توقيت مريب، موضحة أن مذكرة المبادرة المصرية تتضمن قائمة بعدد من أوجه العوار التى احتواها هذا القانون المعيب، من بينها الخلط العمدى بين المخالفات الإجرائية والإدارية التى يجوز التصالح فيها مع المستثمر وبين الجرائم المالية من اختلاس ورشوة وعدوان على المال العام، والتى لا يجوز التصالح فيها بحال من الأحوال بل يجب توقيع العقوبة على مرتكبها إعمالا للقانون واحتراما لسيادته على الكافة. كما ينص التعديل على أن يرد المستثمر فى حالة التصالح كافة الأموال أو المنقولات أو الأراضى محل الجريمة للدولة أو ما يعادل قيمتها السوقية وقت ارتكاب الجريمة، وليس وقت التصالح، دون النظر لفروق الأسعار ولا لاحتمال استغلال المستثمر وانتفاعه بالمال العام محل الجريمة، بل ودون النظر للقيمة التى فقدها الاقتصاد الكلى والمجتمع عامة من جراء جريمة المال العام هذه. وانتقدت مذكرة المبادرة المصرية إسناد القانون المعيب مهمة التفاوض والتصالح فعليا مع المستثمرين المدانين أو الخاضعين للمحاكمة إلى الهيئة العامة للاستثمار، وهو إسناد ينطوى على قدر كبير من تعارض المصالح، حيث يسند التصالح إلى جهة مختصة بالترويج للاستثمار لا الرقابة عليه، وهو ما يشكل خطورة فى نظر أن توصية الهيئة ستكون دوما فى التساهل مع المستثمرين، لأن مهمتها أصلا هى جذب الاستثمار وزيادته، بينما كان من الأحرى أن يسند القانون مسألة التصالح برمتها لجهة رقابية من حيث الاختصاص. كما انتقدت المذكرة نص المرسوم بقانون على أن تكون قرارات لجنة التصالح التى يشكلها رئيس الوزراء ملزمة وواجبة التنفيذ، وهو ما يهدر كافة أشكال الرقابة القضائية على السلطة التنفيذية ويسد الطريق تماما أمام حق أى من المتضررين فى اللجوء للقضاء. وانتهت المذكرة بحث نواب الشعب، وخاصة أعضاء اللجنتين التشريعية والاقتصادية، على استخدام صلاحيات المجلس التشريعية والرقابية فى مراجعة وإلغاء المرسوم بقانون رقم 4 لسنة 2012 فى ضوء كل أوجه العوار الدستورية والقانونية التى جاء بها، وتداعياته الاجتماعية والاقتصادية الخطيرة التى من شأنها أن تنال من أهداف الثورة فى تحقيق العدالة الاجتماعية. وأكدت المبادرة المصرية فى مذكرتها على أن أى تعديل لهذا القانون لا يجب أن يتم إقراره إلا بعد تلافى كل هذه المثالب والتداعيات. ديسك فهيم.