أعربت المنظمة العربية لحقوق الإنسان، فى بيان لها اليوم السبت، عن قلقها من الأحداث المؤسفة التى تشهدها مصر منذ مساء أمس الأول الخميس، على خلفية الأحداث الاحتجاجية على المذبحة المفزعة التى شهدها استاد بورسعيد مساء الأربعاء وراح ضحيتها 74 شهيداً. وتنوعت هذه الأحداث بين اشتباكات متواصلة فى محيط وزارة الداخلية بوسط القاهرة، والتى شملت مختلف الشوارع المؤدية إلى مقر الوزارة، وأدت إلى سقوط ثلاثة قتلى وإصابة ما يزيد على ألف من المتظاهرين ورجال الأمن، نتيجة للاشتباكات التى شملت الاستخدام المكثف للغازات المسيلة للدموع من جانب قوات الأمن لمنع المتظاهرين من الوصول لمقر الوزارة، ورد المتظاهرون بالإلقاء الحجارة تجاه حواجز الأمن. وقال البيان، شهدت مدينة السويس أحداثا دامية، سقط خلالها ستة قتلى، وورد أن أغلبهم بأعيرة نارية، بينهم أربعة سقطوا فى الساعات الأولى من صباح اليوم، السبت، وقد أيدت مصادر ميدانية مستقلة للمنظمة ما أعلنته المصادر الأمنية بالسويس حول وجود عناصر مسلحة لا ينتمون للمدينة، وورد أن بعضهم يحمل بنادق آلية، وكذلك لم تفلح الوساطات السياسية فى وقف تداعى الأحداث التى تعد الأسوأ خلال اليومين الماضيين. فيما امتدت التظاهرات الاحتجاجية إلى العديد محافظات البلاد، فقد شهدت الإسكندرية بعض الاشتباكات فى محيط مديرية أمن الإسكندرية، وقامت مجموعات من القوى السياسية بالتدخل لوقف هذه الاشتباكات التى استمرت حتى منتصف الليل، على نطاق أضيق، نتيجة استمرار العشرات من الصبية فى الهجوم على قوات الأمن، بينما قام الآلاف بالتجمهر أمام المنطقة الشمالية العسكرية بالمدينة فى وقفة احتجاجية سلمية امتدت لبضعة ساعات. وعلى هامش هذه التظاهرات والمواجهات، وقعت بضعة جرائم أمنية متنوعة على نحو يفاقم المخاوف من تداعيات استمرار المواجهات والاشتباكات، وجاء من أبرزها حادثة اقتحام قسم شرطة المرج بالأسلحة النارية، وفرار 27 من السجناء الخطرين. وترى المنظمة أن استمرار الاشتباكات والمواجهات بين قوى الأمن وبعض مجموعات من المحتجين سلمياً يفتح الباب على احتمالات تدهور واسع فى حال استمرارها، مشددة على تمسكها بمطالبها التى أعلنتها صباح الخميس 2 فبراير الجارى، والتى تضمنت مطالبة المجلس الأعلى للقوات المسلحة بإقالة وزير الداخلية ورئيس جهاز الرياضة، مع الترحيب بتلبية مطالبها بإقالة كل من محافظ بورسعيد ومدير أمن بورسعيد ورئيس اتحاد كرة القدم، مع ضمان التحقيق مع جميعهم فى أوجه التقصير فى مسئولياتهم واحتمالات تورط بعضهم. كما طالبت ضرورة إلغاء مسابقات كرة القدم للعام الحالى، وليس فقط وقفها لأجل غير مسمى، والنظر فى تبنى وسائل تقصير المرحلة الانتقالية إلى أقصى مدى ممكن، وتجديد دعوتها التى أطلقتها فى 19 ديسمبر الماضى الإسراع بإجراء الانتخابات الرئاسية وتسليم السلطة لرئيس منتخب. ومع الترحيب بتلبية مطلبها بتحفظ النائب العام قيادات ومسئولى أمن بورسعيد، قيد التحقيق، فإنها تجدد مناشدتها انتداب قضاة للتحقيق فى هذه الجرائم، على أن تسميهم الجمعية العمومية لمحكمة الاستئناف وليس رئيس المحكمة المفوض، على نحو يضمن الثقة فى استقلالية التحقيقات، وعدم استبعاد فرضية المؤامرة فى التحقيقات، خاصة فى ضوء ما تكشف من مؤشرات أولية وشهادات خلال اليومين الماضيين، والدعوة لضمان الشفافية فى التحقيقات وتمكين منظمات حقوق الإنسان من متابعة التحقيقات والاطلاع على تطوراتها. وأكدت المنظمة على مساندتها الكاملة للتظاهرات والاعتصامات السلمية التى تشهدها العديد من مناطق البلاد، ومشاركتها فى التنديد والإدانة للتقصير الأمنى والسياسى الذى شهدته أحداث استاد بورسعيد المروعة، إلا أنها تتمسك بالطبيعة السلمية للاحتجاجات، وبضرورة بذل جهود فاعلة ومكثفة لاحتواء الموقف الراهن وإقناع المحتجين بضرورة التراجع عن الاشتباك مع قوى الأمن، والعودة إلى رفاقهم فى ساحات وميادين الاعتصام لحين تلبية مطالبهم المشروعة. ودعت المنظمة المجلس الأعلى للقوات المسلحة ورئيس مجلس الوزراء ورئيس مجلس الشعب ووزير العدل للعمل معاً بشكل عاجل وبالتشاور مع الأحزاب والقوى السياسية ومنظمات حقوق الإنسان لإصدار تشريع متكامل يضمن إجراء إصلاحات جذرية شاملة لجهاز الشرطة على نحو يلبى مطالب الثورة. كما طالبت ضرورة التجاوب مع مطالب جماعات حقوق الإنسان بتبنى منهج وأدوات العدالة الانتقالية التى تكفل إجراء المحاسبة لمرتكبى جرائم وانتهاكات حقوق الإنسان على نحو شامل، يكشف حقائق ما شهدته البلاد قبل وأثناء وبعد ثورة 25 يناير المجيدة ويسمح باتخاذ الإجراءات الواجبة لمنع تكراره، ويقود لمحاسبة حقيقية كاملة، ويحقق الردع الواجب بمنع إفلات الجناة من العقاب كلياً أو جزئياً، ويفتح الطريق أمام إنجاز مصالحة وطنية تتجاوز عثرات الماضى وتنصف الضحايا. وأضافت أن التغافل عن مطلب العدالة الانتقالية السبب الأساسى فى رفع حدة الجدل غير المبرر حول معايير تصنيف شهداء الثورة، ومشروعية الإجراءات الثورية فى مهاجمة قطاعات شعبية للمراكز الأمنية المائة التى جرى استهدافها اختياراً من بين أكثر من 1200 مركز أمنى عبر البلاد على خلفية رمزيتها للتعذيب والفساد وإساءة استخدام السلطة ودورها القمعى، مع ضرورة وجود آلية ملموسة لحوار فعال ومنتج بين السلطات الحاكمة بمختلف روافدها وبين كافة القوى السياسية والحركات الثورية على نحو يوقف التشكيك المتبادل ويعزز الثقة وينهى اتهامات الشيطنة المتبادلة ويوقف الاحتقان المتواصل.