مع تزايد الدعوات للنزول يوم 25 يناير للمطالبة بتسليم السلطة التنفيذية، من المجلس العسكرى لمجلس الشعب المنتخب لحين إجراء انتخابات رئاسية، بدأت التسريبات والأخبار تتوارد عن ما يسمى بمجلس الدفاع الوطنى. ومجلس الدفاع الوطنى كان موجودا فى دستور 71 ولكن كان مسيطرا عليه من مؤسسة الرئاسة وقد كان مهمشا فى معظم الوقت، وكان يرأسه مبارك ويضم رئيس الوزراء، ووزراء كل الوزارات السيادية، والخدمية الهامة، ورؤساء كل المؤسسات الأمنية كالمخابرات العامة والحربية وجهاز أمن الدولة، ورئيسى مجلسى الشعب والشورى، والقومية المتخصصة، بالإضافة إلى شخصيات أخرى من مؤسسة الرئاسة. ولعلنا نتذكر خبر انعقاد مجلس الدفاع الوطنى وحالة الاستنفار فى يناير 2011، بالتزامن مع ثورة تونس، ولعلنا نتذكر الأخبار التى انتشرت عن نصيحة جهات سيادية لمبارك بضرورة حل مجلس الشعب وإجراء تعديل وزارى قبل ثورة 25 يناير لتلافى قيام ثورة فى مصر. ولا يوجد اعتراض إن كان دوره استشاريا أو مساعدا على دعم اتخاذ القرار وتوضيح المعلومات لأجهزة الدولة المختلفة، خصوصا فى القرارات المصيرية، ولكن ما يتسرب الآن هو عن مجلس دفاع وطنى فيه أغلبية عسكرية، و«يدير» الملفات السيادية، وتتواجد فيه مجموعة غالبة من القيادات العسكرية.. بالإضافة لرئيس توافقى بين العسكر والأغلبية البرلمانية، وهو مهم لضمانة الأداة التنفيذية فى وزارات الدفاع والداخلية والإعلام والمالية. وهذه التسريبات أو الأخبار تم ربطها بالطبع بأخبار أخرى، عن فكرة الخروج الآمن ووضع المجلس العسكرى والقيادات العسكرية بدون محاسبة وأعلى من أى قانون، والحديث عن مجلس دفاع وطنى «يتولى ويصدر قرارات» فى شؤون الأمن القومى ويتواجد فيه القيادات العسكرية «وليس كممثل استشارى عسكرى»، ووضعية خاصة بالجيش وعدم رقابة من البرلمان على ميزانية القوات المسلحة. وهو ما يعتبر وصاية عسكرية بكل وضوح وهو ممارسة للسياسة من وراء ستار، وهو نموذج لا تعرفه أى دولة ديمقراطية أو حتى دولة تبدأ فى تثبيت الديمقراطية. وهذا المخطط لن يتم قبوله من الثوار ولا حتى بأى محاولة للوصاية، فنحن نسعى لدولة مؤسسية تعلو فيه قيم الشفافية والمحاسبة والمكاشفة.