دائماً وأبداً تظهر الحقيقة بين الكثير من الكذب، والحق دوماً يزهق الباطل وكلاهما يظهر فى ظرفه، مولود من سببه، يستمد قوته وضعفه من أيباب وجوده، وهكذا بدأت الحياة البشرية دائماً فى صراع باق طالما بقى البشر، وهكذا الحال دوماً يختلف البشر أينما وجدوا، والاختلاف وارد بين صحيحين كما قد يكون بين الصحيح والخطأ والأخطاء أيضاً تختلف. يعيش الإنسان بين الكثير من التفاصيل تفاصيل تحكمه وتفاصيل تتحكم فيه، وتظهر قدرته بسياسته للظروف وهكذا القيم حيث حياة البشر مع تعددهم واختلافهم هى مسرح كبير لتلك الصراعات بين تلك القيم، قيم بشرية وقيم دينية تسيطر عليها دائماً النسبية، والإنسان هو الفاعل فى جملتها إما سلباً أو إيجاباً إن اتسعت مداركه لإدراك دوره الفاعل وليس المفعول فيه. والسؤال الآن هل تتسع مصر الآن لذلك الاختلاف بين المصريين؟ المتابع للمشهد الآن يشق عليه أن يحسم الرأى والإجابة على هذا السؤال، حيث يعيش الكثير من المصريين تخوفاً كبيراً ومؤثراً من صعود تيار تغلب عليه القيم الدينية، فصار الدين فاعلاً حقيقياً فى تحديد التفاصيل التى تحدد مشهد حياتنا حالاً ومستقبلاً ولكن السؤال البديهى هل تصلح القيم الدينية فى الدين الإسلامى لتحكم تفاصيل حياة المصريين؟ فإن كانت الإجابة بنعم فالسؤال كيف؟ وإن كانت سلباً صار السؤال لماذا؟ تعلمنا أن الدين الإسلامى شرع ليكون خاتم الأديان ورسالته جاءت لتكون خاتم الرسالات بل إنه شرع لينظم حياة البشر مع اختلافهم وتعددهم وليس لكى يتحكم فيهم والإنسان يعيش حياته بين قول وفعل إيجاباً وسلباً، وهو فى ذلك تسيطر عليه إما أهواءه من ناحية وماديات الحياة ومتطلباتها من ناحية أخرى والشرع الإسلامى نظم من القواعد ما يكفى كى لا يكون الإنسان عبداً لأهوائه وغرائزه وهنا تنصرف العبادة لله سبحانه وتعالى، بالامتثال لأوامره ونكران نواهيه وهى عبادات تنفع البشر ولا تضرهم وهذا هو القدر الذى لا نحبز فيه الاختلاف. أما مسألة التعامل مع ماديات الحياة فتخضع لقدرة الإنسان على الإبداع والتفكير وهنا "الإنسان أعلم بشئون دنياه"، وعليه أن يستخدم قدرته وإمكانياته وكامل طاقته كى يصنع حضارته وتاريخه وله مطلق الحرية فى التعامل مع تلك الماديات التى ترضى طموحه غير أنه محكوم فى كل ذلك أن يضع فى اعتباره أنه ليس وحيداً فتغلب المصلحة العامة على الخاصة وهنا تظهر قيمة التعاون بين البشر.