طريقة التقديم في معهد معاوني الأمن 2024.. الموعد والشروط اللازمة ومزايا المقبولين    عمرو أديب ل عالم أزهري: هل ينفع نأخد ديننا من إبراهيم عيسى؟    ارتفاع أسعار النفط وسط توقعات بتقلص الإمدادات    طقس اليوم.. حار نهارا مائل للبرودة ليلا على أغلب الأنحاء.. والعظمى بالقاهرة 29    حكم الشرع في زيارة الأضرحة وهل الأمر بدعة.. أزهري يجيب    غرفة صناعة الدواء: نقص الأدوية بالسوق سينتهي خلال 3 أسابيع    شعبة الأدوية: نقص 1000 صنف بالسوق.. وطالبنا بتحريك الأسعار 25%    زاخاروفا ترد على تصريحات سوناك بشأن التصعيد النووي وقطع إمدادات الطاقة    مسؤول أمريكي: بايدن لا يرى أن إسرائيل ستحقق نصرا كاملا بغزة    شولتس يقلل من التوقعات بشأن مؤتمر السلام الأوكراني    مواعيد مباريات اليوم الثلاثاء 14-5-2024 في الدوري الإسباني والقنوات الناقلة    بديوي: إنشاء أول مصنع لإنتاج الإيثانول من البجاس صديق للبيئة    لهواة الغوص، سلطنة عمان تدشن متحفًا تحت الماء (فيديو)    عصابة التهريب تقتل شابا بالرصاص أثناء سفره بطريقة غير شرعية    ميتا تعترف باستخدام صور المستخدمين لتدريب أنظمة الذكاء الاصطناعي    برج الأسد.. ماذا ينتظر مواليده في حظك اليوم؟ (توقعات الأبراج)    الأوبرا تختتم عروض «الجمال النائم» على المسرح الكبير    وزير الإسكان العماني يلتقى هشام طلعت مصطفى    هل يجوز للزوجة الحج حتى لو زوجها رافض؟ الإفتاء تجيب    ما حكم عدم الوفاء بالنذر؟.. دار الإفتاء تجيب    ارتفاع تكلفة الواردات في كوريا الجنوبية وسط ارتفاع أسعار النفط    جوتيريش يعرب عن حزنه العميق لمقتل موظف أممي بغزة    طريقة عمل عيش الشوفان، في البيت بأقل التكاليف    هيئة الدواء تحذر من منتجات مغشوشة وغير مطابقة: لا تشتروا هذه الأدوية    رئيس شعبة الأدوية: احنا بنخسر في تصنيع الدواء.. والإنتاج قل لهذا السبب    سيات ليون تنطلق بتجهيزات إضافية ومنظومة هجينة جديدة    إجازة كبيرة للموظفين.. عدد أيام إجازة عيد الأضحى المبارك في مصر بعد ضم وقفة عرفات    "الناس مرعوبة".. عمرو أديب عن محاولة إعتداء سائق أوبر على سيدة التجمع    في عيد استشهادهم .. تعرف علي سيرة الأم دولاجي وأولادها الأربعة    لطفي لبيب: عادل إمام لن يتكرر مرة أخرى    بينهم أطفال.. سقوط 14 شهيدا في مجزرة مخيم النصيرات وسط غزة    تفحم 4 سيارات فى حريق جراج محرم بك وسط الإسكندرية    عاجل.. حسام حسن يفجر مفاجأة ل "الشناوي" ويورط صلاح أمام الجماهير    إبراهيم حسن يكشف حقيقة تصريحات شقيقه بأن الدوري لايوجد به لاعب يصلح للمنتخب    ميدو: هذا الشخص يستطيع حل أزمة الشحات والشيبي    «محبطة وغير مقبولة».. نجم الأهلي السابق ينتقد تصريحات حسام حسن    فريدة سيف النصر تكشف قصة بدلة الرقص وسر طلاقها (فيديو)    سلوى محمد علي تكشف نتائج تقديمها شخصية الخالة خيرية ب«عالم سمسم»    فريدة سيف النصر: «جوزي خاني مع صاحبتي وتعرضت للإهانة بسبب بدلة رقص» (فيديو)    «يحتاج لجراحة عاجلة».. مدحت شلبي يفجر مفاجأة مدوية بشأن لاعب كبير بالمنتخب والمحترفين    فرج عامر: الحكام تعاني من الضغوط النفسية.. وتصريحات حسام حسن صحيحة    سعر البصل والطماطم والخضروات في الأسواق اليوم الثلاثاء 14 مايو 2024    عيار 21 يفاجئ الجميع.. انخفاض كبير في أسعار الذهب اليوم الثلاثاء 14 مايو بالصاغة    مقتل وإصابة 10 جنود عراقيين في هجوم لداعش على موقع للجيش    أحمد موسى: مشروع مستقبل مصر سيحقق الاكتفاء الذاتي من السكر    برشلونة يسترد المركز الثاني بالفوز على سوسيداد.. ورقم تاريخي ل تير شتيجن    أول تعليق من " أوبر " على تعدي أحد سائقيها على سيدة بالقاهرة    الحماية القانونية والجنائية للأشخاص "ذوي الهمم"    "يأس".. واشنطن تعلق على تغيير وزير الدفاع الروسي    الحرس الوطني التونسي يحبط 11 عملية اجتياز للحدود البحرية    دعاء في جوف الليل: اللهم إنا نسألك يوماً يتجلى فيه لطفك ويتسع فيه رزقك وتمتد فيه عافيتك    رئيس مجلس أمناء الجامعة الألمانية: نقوم باختبار البرامج الدراسية التي يحتاجها سوق العمل    وصل ل50 جنيهًا.. نقيب الفلاحين يكشف أسباب ارتفاع أسعار التفاح البلدي    أطفال مستشفى المقاطعة المركزى يستغيثون برئيس الوزراء باستثناء المستشفى من انقطاع الكهرباء    فرنسا: الادعاء يطالب بتوقيع عقوبات بالسجن في حادث سكة حديد مميت عام 2015    «أخي جاوز الظالمون المدى».. غنوا من أجل فلسطين وساندوا القضية    عاجل: مناظرة نارية مرتقبة بين عبدالله رشدي وإسلام البحيري.. موعدها على قناة MBC مصر (فيديو)    إبراهيم عيسى: الدولة بأكملها تتفق على حياة سعيدة للمواطن    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عمرو عبد السميع يحاور محمد سليم العوا: الأقباط يشعرون بأنهم محرومون من بعض حقوق المواطنة ويجب منحهم حق بناء دور العبادة أتمنى أن تصدر الكنيسة تعليمات للأقباط بالذهاب إلى التصويت فى الانتخابات المقبلة
نشر في اليوم السابع يوم 11 - 10 - 2011

◄ فى تقديرك .. أى نوع من الرؤساء تحتاجه مصر فى اللحظة الراهنة، هل تحتاج إلى رئيس كامل الصلاحيات بالمعنى الذى خبرناه تاريخياً، أم أنها تحتاج رئيساً مقلم الأظافر؟
◄ لا هذا ولا ذاك.. فما شهدناه تاريخياً كان ديكتاتوراً وليس رئيسا كامل الصلاحيات، ديكتاتورًا باسم الثورة مرة، وديكتاتوراً باسم نصر أكتوبر مرة ثانية، وديكتاتورًا بالوراثة والقهر، وضرب الناس فى الشوارع بالآربى جى مرة ثالثة.
نحن نحتاج رئيسا قادرا على القيادة، لديه شخصية مؤثرة فى الناس داخلياً وخارجياً، إذا تكلم سُمع «بضم السين»، وإذا فكر يفكر باستقامة على نحو يبتغى وجه الوطن، ولا يستهدف المصالح الشخصية.
إذا وجدنا هذا الرئيس، سنسير فى الطريق الصحيح، لا يهم إذا كنا فى نظام رئاسى أو برلمانى، وأن يتسم بها فلن يخرجنا، وإنما سيؤدى بنا إلى مزيد من الانهيار، سواء كان رئيساً متردداً، أو خائفاً بشكل أكبر من اللازم من الشرق أو من الغرب، أو حاسباً حسابا مبالغا فيه من القوى السياسية الفاعلة فى البلد.
◄ ماذا تعنى تلك الجملة الأخيرة»؟
◄ يعنى المجلس الأعلى للقوات المسلحة - الآن - يتعامل مع القوى السياسية كما لو كانت هى صاحبة القرار، فميا صاحب القرار الحقيقى هو الشعب، أو الناس الذين صنعوا الثورة، وقاموا بها ونجحوا فيها.
◄ ولكن «الشعب» مفهوم مجرد جداً.. كيف سأتعامل معه؟
◄ هو مفهوم مجرد ولكنه ملموس أيضاً، إذ إن تجريده فى النظرية وليس فى التطبيق، فالذين كانوا فى الميادين بالملايين ليسوا معنى مجرداً، ولكنهم كانوا أشخاصًا بأعيانهم، والقتلى والشهداء والجرحى كانوا أشخاصاً بأعيانهم، والتوجه العام لتلك الثورة كان إنهاء النظام الديكتاتورى، وإقامة نظام ديمقراطى، وكل شىء يمثل عقبة فى طريق النظام الديمقراطى ليس من نبص الشعب، وكل شىء يقربنا إلى الديمقراطية هو من نبص الشعب، وهو ما عبر عنه المستشار طارق البشرى فى مقالته البديعة فى «الشروق» يوم الجمعة الفائت، حين قال: لقد صغنا التعديل الدستورى، وصنع المجلس العسكرى الإعلان الدستورى لنصل - فى نهاية المطاف - إلى الديمقراطية، ولكن ذلك لم يحدث، وهذا ما أقصده حين قلت إن المجلس العسكرى يعطى عناية أكبر مما ينبغى للقوى السياسية، فقد اجتمع مع 13 حزباً وقعوا بياناً بتوافقات معه، بينما نحن نحيا فى بلد به 47 حزباً، يعنى أخذ من الثلاثة عشر حزباً إقراراً على لا شىء. وتعامل بغير إدراك لحقيقة القوى المؤثرة فى الشارع.
◄ طيب.. حين يكون عندى عدد من مرشحى الرئاسة المحتملين، ثم يجتمع ستة منهم فقط على نحو متواصل، أو ليست تلك انتقائية ربما لا تدرك حقيقة القوى المؤثرة فى الشارع كذلك؟
◄ هذا ليس اختياراً انتقائياً، ولكنه اختيار مبنى على التفاهم، فقد وجد أولئك المرشحون مساحات للكلام والتفاهم بين بعضهم البعض فى ست جلسات حتى الآن من دون شجار.
◄ يعنى يا دكتور سليم ألا تقدر على التفاهم مع بقية المرشحين؟
◄ لا لا.. أنا أتفاهم مع كل الناس، ولكننى أقول بأن الستة حين تشاوروا وجدوا أنهم يستطيعون التفاهم على حد أدنى من المطالب، ومع ذلك لم نستطع الاستمرار فى التفاهم، وخرج البرادعى من ثانى اجتماع، طرح فكرة الدستور قبل الانتخابات، وخرج حازم أبوإسماعيل فى آخر اجتماع حين قال: «تقطع يدى ولا أوقع على جدولكم هذا»، فحتى ذلك القدر من الناس الذين تربطهم علاقات قديمة، والذين تعانوا مع بعضهم البعض فى مواقف كثيرة لم يستطيعوا الاستمرار فى التعاون.
◄ هذا المشهد لا يريح.. انظر ماذا ترى؟
◄ هذا مشهد ملىء بالسيولة، أو بالخيوط المتشابكة مثل بكرة التريكو، وقد رأيت - تاريخياً وفى أحيان كثيرة - تحويل تلك البكرة إلى كرة شراب، لأنها مستحيلة على الفك أو الحل!
◄ هل كنت تلعب كرة شراب فى الإسكندرية مسقط رأسك زمان؟
◄ نعم.. فى الشارع.
◄ فى أى مركز؟
◄ كنت ظهير دفاع «ضاحكاً» وأشجع الأهلى والاتحاد بكل قوة، ولو لعب الاتحاد مع أية فرقة أشجعه، أما إذا تواجه الاتحاد والأهلى فلا أشجع أحداً.
◄ كرئيس محتمل للجمهورية .. هل ستلعب مع الفرق السياسية بنفس تلك العقلية .. يعنى ستكون لك تفضيلات أو ميول؟
◄ لا.. أنا معترض على فكرة «اللعب السياسى»، السياسة ليست لعباً، وإنما هى جد من أولها إلى آخرها، وما يسمونه Game سياسى أو لعبة ديمقراطية هى عبث لا يجوز أن يكون معياراً للحديث عن حالة شعب مليئة بالمشكلات كما الشعب المصرى، أو بلد طريقه مفروش بالمطبات مثل مصر.
نحن محتاجون إلى سياسة جادة ومحترمة، صاحبها لا ينام الليل إلا قليلاً لكى يعمل بعد ذلك طيلة النهار.
نظرتى للسياسة ليست ميلاً أو تفضيلاً، وإنما هناك حقائق أو واقع يجب أن تراعى عند اتخاد القرار، فعندما لا أكون قادراً على توفير الحد الأدنى للأجور ينبغى ألا أعد الناس به، لا بل يجب القول بأننى غير قادر إلا على توفير ربع ذلك الاعتماد، وأوفره ولا أسرقه.
فى الحقيقة أنظر إلى السياسة على أنها جد، وبالتالى فإن كرة التريكو المعقدة التى نراها الآن، لن تصل بنا إلى طريق مستقيم، وإنما ستتواصل تعقيداتها حتى تشارف بنا طريقاً مسدوداً.
◄ وكيف تقبل - إذن - أن يأتى رئيس جمهورية دون صلاحيات كافية وتطلب منه حل خيوط الكرة؟
◄ من قال ذلك؟.. الإعلان الدستورى القائم فيه صلاحيات كافية لرئيس.
◄ أريدك أن تضع أصبعك على الجانب الأكثر إقلاقاً لك فى الاختلافات، والتمايزات، والتضاغطات التى تدور رحاها بين القوى السياسية فى مصر الآن؟
◄ أكثر ما يقلقنى هو الاتهامات.
هذا يتهم ذاك بالتخلف، ثم يرد عليه الآخر باتهامه بالجمود، ثم تتناثر اتهامات العمالة لأمريكا وأوروبا، وكفرانية الليبرالى أو العلمانى!
تلك الاتهامات لا يمكن أن تقبل ولا يمكن أن يمضى بها إلى الأمام مجتمع سياسى.
يمكن أن تقع خناقة فى حزب فتنشق جماعة على جسم الحزب الرئيسى وتخرج لتنشئ وعاءها السياسى المستقل، أما أن يسير بتلك الاتهامات إلى الأمام مجتمع سياسى بالكامل، أو مجتمع دولة، أو مجتمع أمة، فهذا مستحيل.
◄ هل نحن مؤهلون - نفسياً - للاستقالة من هذه الثقافة؟
◄ نعم نحن مؤهلون، وبالمناسبة فهذه ليست ثقافة الناس فى الشوارع الذين أعيش بينهم معظم الوقت، فأغلب الشعب يستهجن ما يدور من مشاحنات بين القوى السياسية، ويراها كلاماً فارغاً وتعكس خيبة كبيرة، وبخاصة حين تصير الأولوية لتكفير الناس أو للحجاب والنقاب، أو محاولة دمغ أو وصم الليبرالى بالكفر.
الشعب مؤهل للخروج من تلك الثقافة بسرعة، ولكن النخبة السياسية غير مؤهلة!
◄ ما هو السبب فى تقديرك؟
◄ هم لا يريدون للعملية السياسية أن تتحرك، ويبغون البقاء فى صدارة المشهد بشجاراتهم، واشتباكاتهم واتهاماتهم، فهذا هو مصدر انشغال الناس بكلامهم، وهذا هو مصدر التأثير على المجلس الأعلى للقوات المسلحة أو مجلس الوزراء.
كلما كنت طرفاً فى خلاف، أو وجهة نظر تعارض الجميع، كلما كان ذلك مصدرًا للشهرة.
◄ فى نطاق غير اللائق الذى تمارسة النخبة السياسية، أرجو أن يتسع صدرك قليلاً لما سوف أقول، فبعضهم يردد الآن أن الدكتور العوا هو رجل إيران فى الانتخابات الرئاسية المقبلة، وبعضهم - مثلاً - يقول إن الدكتور العوا إذا جاء رئيساً للجمهورية فسوف يشهد الأقباط أيامًا سوداء فى هذا البلد.. ما هو ردك المفصل على هاتين النقطتين؟
◄ لست رجل أحد.. إيران أو غير إيران.
عندى عشرات من العلاقات الطيبة مع المسؤولين فى دول، ولكنها علاقات شخصية، بعضها نتيجة نضال سياسى كان لى دور فيه، وبعضهما جاء من رحم فكر سياسى اقتنع به نفر من الناس.
عندى علاقات قوية جداً بعدد كبير من علماء إيران، من باب علم وليس من باب العمل السياسى، لأننى الأمين العام المؤسس لاتحاد علماء المسلمين، ولأننى اعترضت علانية - رغم أنى كنت أقوم بالتدريس فى بلد لا يمكن أن يقال بها كلام معارض - على كلام الحكام العرب الذين قالوا عام 1979 إنهم مع الشرعية فى إيران، وقت أن كانت تلك الشرعية تعنى الشاه محمد رضا بهلوى، وشهبور بختيار.
أعلنت - على عينك يا تاجر - لا يجوز أن نقول نحن مع الشرعية إذا اختار الشعب شرعية أخرى.
وبعد يومين جاء 11 فبراير الذى وصل فيه الخومينى وتبخرت شرعية الشاه وبختيار فى لحظة.
وعندما وضعوا مشروع الدستور الإيرانى كنت أول من اعترض عليه فى العالم وينتقده، ويرد على ثلاثة نصوص خطيرة وردت فيه، وبعثت ذلك الرد إلى خومينى نفسه، فى الطبعة الرابعة فى كتابى: «فى النظام السياسى».
◄ نعود إلى إيران..
◄ مسار علاقتى بإيران، أفضى بى إلى أن أنتقد الدستور، وأبعث بملاحظاتى إلى خومينى، وتعدل نصان من النصوص الثلاثة بناء على ما أرسلت، ودفعنى ذلك - بالطبع - إلى أن أحترمهم، فأنا رجل سنى ولست شيعياً، واعترضت على دستورهم الذى صاغوه بعد ثورة هائلة، ووجدوا اعتراضا على النصين السابق الإشارة إليهما فى محله فغيروهما.
وجاءت - بعد ذلك - الحرب الإيرانية/العراقية، وشكلنا مجموعة اسمها: «مجموعة الصلح والتوفيق العربية»، وزرنا كلا من إيران والعراق عدة مرات، وحاولنا أن نوقف النزيف المؤلم الذى استمر لعدة سنوات، وأخفقنا لأن الأسباب كانت أكبر من الدولتين، ولكن ذلك أسهم فى بناء وتقوية علاقاتى بالكثير من العراقيين، والكثير - أيضاً - من الإيرانيين.
وأرى - الآن - أن العلاقات المصرية/الإيرانية/التركية ضرورية جداً «سياسياً واقتصادياً».
علاقتى بإيران تقع فى ذلك المربع: «التوافق السياسى والاقتصادى بين مصر وتركيا وإيران لإنقاذ منطقة الشرق الأوسط بصناعة حزام قوة سياسية وتكنولوجية واقتصادية وبشرية حولها»، بدلاً من أن نبيت جميعاً ضحية لإسرائيل.
هذا هو تصورى الأول فيما يخص إيران، وتصورى الثانى أن على مصر دورا مهما جداً فى إصلاح العلاقات العربية مع إيران، فالبلاد العربية لديها موقف غريب جداً من طهران، إذ لديهم - أجمعين - سفراء فى إيران ولدى الخارجية الإيرانية سفراء عندهم.. إلا مصر!!، وعندهم تعامل تجارى ثقافى وحجاج مع إيران.. إلا مصر!
عندهم علاقات متعلقة بالبترول عبر منظمة أوبك، ومصر خارج أوبك وبالتالى هى بعيدة عن منظمة العلاقات تلك.
ومصر تتحمل عبء الغضب العربى من إيران والغضب الإيرانى من العرب فيما لا ناقة لها ولا جمل فى الأمرين. ومن ثم أنا أدعو إلى تصحيح هذا الوضع، فمصر زعيمة للعالم العربى.
◄ وماذا عن الأقباط؟!
◄ لو رأيت جريدة «التحرير» فى عدد السبت الفائت، لرأيت صورتى فى الصفحة الأولى تحت عنوان: «العوا فى ميدان التحرير: أين مطالب الأقباط؟».
كنت يوم الجمعة الماضى وسط الأقباط وليس أى طرف آخر فى الميدان، ومن أسبوعين كنت فى الأقصر وزرت الكنائس المسيحية كلها: «الأرثوذكسية والإنجيلية والكاثوليكية»، وعلاقتى بالأقباط الأفراد وسواء على مستوى الكهنة، أو على مستوى الشعب القبطى، كما هى لم تتغير لم تتأثر بشىء.. صحيح أن لغطاً ما نشأ حولها، حين تصديت للرد على تصريحات الأنبا بيشوى بما ضمنته - بعد ذلك - فى كتابى: «الفتح الإسلامى لمصر» وفى مقالات نشرتها فى «المصرى اليوم» و«الدستور» القديمة.
وأعتقد أن ذلك الموضوع انتهى، بدليل أننى لم أقف فى ميدان التحرير يوم الجمعة المنقضى إلا مع الأقباط، وكان بعضهم يرفع لافتة مكتوبا عليها: «أين حقوق الأقباط؟» فأخذتها منهم ورفعتها، والتقط الكثيرون تلك الصورة، وقلت لهم: «حقوقكم موجودة ومحفوظة».
◄ ما هى حقوق الأقباط التى ينبغى إقرارها؟
◄ الأقباط يشعرون أنهم محرومون من بعض حقوق المواطنة فى هذا البلد، ولديهم آراء فى حرمانهم من تقلد وظائف عامة بعينها، وبعض ذلك الكلام صحيح، والآخر غير صحيح، والصحيح منه لابد أن يعالج.
ولديهم استنكار لتلك النظرة غير اللائقة إليهم من بعض أبناء الشعب، وتلك لا يتم تصحيحها إلا عبر تغيير ثقافى سيستغرق سنوات، ولا ينفع فيها قرار فورى.
هناك أشياء سيئة وسلبية مزروعة فى العقول، مثل أن القبطى إذا كان يسير بدابته فى الصعيد، وصادف تجمعاً من المسلمين ينزل من على ركوبته ويسير على قدميه حتى يجاوزهم، ثم يعود إلى المطية من جديد.. هذا عبث لا علاقة له بالإسلام، أو الأخلاق أو الحضارة، لكن - للأسف - بعض بقاياه مازالت موجودة.
لابد أن نعطى للأقباط حقوقهم ونمكنهم من بناء دور العبادة، وأن تكون لهم كنيسة فى كل مكان به تجمع قبطى، ولا نقول لهم إذا كانت الكنيسة على بعد خمسين كيلو متراً، فاذهب إليها ماشياً.
هذا كلام فارغ «ليس له أى أساس فى الإسلام، ولا أعرف من أين أتى به من قرره فى مصر مفترضاً وجوبية وجود مسافة بعينها بين الكنيسة والأخرى.. الكنائس - فى بلدنا متلاصقة ولا يوجد بينا زعلان أو غاضب على ذلك التلاصق!
أصل العبادة فى المسيحية فى الكنيسة، بينما أصل العبادة فى الإسلام فى الشارع: «جعلت لى الأرض مسجداً و طهوراً»، وأنا من هنا لا أستطيع أن أحرم المسيحى من حق بناء الكنائس لأننى بذلك أكون حجرت على أدائه شعائره، أما المسلم فإن لم يجد مسجداً صلى فى الشارع، وصلاته صحيحة ليس فيها بطلان.
وحين تظاهر الأقباط فى ماسبيرو لأن كنيسة إدفو «ماريناب» احترقت فإن ملفاً خطيراً ينبغى النظر فيه، إذ إن الأخ المحافظ قال إن الكنيسة لم يكن لديها ترخيص، وفى مواجهة ذلك أظهرت الكنيسة أن لديها ترخيصا، وبمرافقة ذلك وصلت الحركة السلفية أمام المحافظة، معلنة أن أحداً لو أطاح المحافظ أو أقصاه سيكون هناك دم، ولو بنيت الكنيسة سيكون هنالك دم أيضاً!!
هذه طريقة متخلفة لحل نزاعات الشعوب.. النزاعات فى إطار الشعب الواحد لابد أن تُحل بالطريقة القانونية، ولو كان هناك ترخيص لبناء هذه الكنيسة فينبغى أن تبنى، وإذا كان الترخيص لبناء دار ضيافة فلتبن دار الضيافة، وليغضب من يشاء، فما دام هناك ترخيص قانونى يجب أن ينفذ.. هذا ما أتصوره بالنسبة لحقوق الأقباط.
كثير من الأقباط يشكون لى أن الأساتذه يتكتلون - مثلاً - ضد الأستاذ القبطى كى لا يصير عميداً أو رئيس قسم.
هذه مسألة أخلاقية، لا تتعلق بالدولة، ولكنها ترتبط بخلق أولئك الأساتذة، هؤلاء الأساتذة لابد أن يعيدوا النظر فى أخلاقهم.
البعثات الخارجية متوقفة الآن، ولكن حين كانت منتظمة كان بعض موظفى تلك الإدارة يفضلون التلميذ المسلم على المسيحى، هذه مشكلة متعلقة بالإدارة، وليست بالدولة أو القانون.
أنا أحاول باستمرار التفرقة فيما يتعلق بالعلاقة المسلمة/القبطية فى مصر - بين حق يحميه القانون، ويجب أن يحميه، وبين ما هو سلوكى أو أخلاقى.
◄ ما هو رأيك فى شكل علاقة الكنيسة المصرية بالسياسة؟
◄ الكنيسة المصرية منذ عام 1972 بدأ دورها السياسى يتغير على نحو محسوس، وذلك نتيجة صعود البابا شنودة بما له من فكر سياسى، وعلاقة قديمة بمجلس الكنائس العالمى «كانت سلبية ثم صارت إيجابية»، وعنده رؤية لتطوير حياة الأقباط فى مصر، وتمكينهم مما لم يكونوا ممكنين منه، وبالطبع عشنا مرحلة قوة سياسية هائلة بعد حرب أكتوبر، فحدث انكماش فى دور الكنيسة السياسى، ثم بعد معاهدة السلام مررنا بمرحلة ضعف سياسى، ثم تطورت الأمور بعد صدام البابا شنودة مع الرئيس السادات وعزله فى دير وادى النطرون، وتعيين لجنة الستة لتحل مكانه.. هذا كله أثمر حالة من الشحن السياسى الطائفى لدى الكنيسة والشعب القبطى، وبما أدى إلى معظم المشاكل التى نواجها الآن، «وليس كلها لأن بعضها جاء من كلام مثل الذى قال الأنبا بيشوى عن تحريف القرآن إذ لا يوجد مسلم حتى لو لم يكن يعرف من فرائض الإسلام شيئاً ويسمع مثل ذلك الكلام دون أن يغضب».
هذا هو موقفى من الأقباط وهو خلو من أى عداء.
◄ فيما يتعلق بالانتقال الديمقراطى الذى سوف يحدث فى مصر سواء بالانتخابات البرلمانية أو الانتخابات الرئاسية كيف يمكن أن تؤثر تلك العلاقة بين الكنيسة والسياسة على مجريات الأمور؟
◄ الشعب القبطى يستمع - بتقدير شديد وأحياناً بطاعة مطلقة - لما تقوله الكنيسة، فإذا وجهت شعبها إلى المشاركة فى الانتخابات فهذا غاية ما نتمناه، نحن نريد كل مواطن لديه حق التصويت أن ينزل ويشارك، حتى إذا وجهته إلى انتخابات فلان، بدلاً من علان، فهذا أيضاً إيجابى لأننا سنضمن أن قوة معينة تؤيد مرشحين بالذات، ومن ثم يجدون قوة شعبية تسندهم، مشكلة البرلمانات الماضية جميعاً أنها لم تأتِ بمساندة قوى شعبية، وإنما تشكلت بدعم وإرادة الاتحاد القومى، ثم الاتحاد الاشتراكى، ثم الحزب الوطنى، يعنى البرلمانات كانت نواة مغلقة على من يريده هؤلاء، أما الآن - لأول مرة - ستكون لدينا انتخابات حرة إن شاء الله، وبالتالى فإننى فى دائرتى مسنود بالمائة ألف صوت، الذين حصلت عليهم، والرئيس يسنده 22 مليون صوت يمثلون إرادة الناس، وبالتالى سوف يتصرف الرئيس بحرية.
أتمنى أن تعطى الكنيسة تعليمات صريحة إلى الأقباط بالذهاب إلى صناديق الانتخاب.
لا اعتراض لى على التدخل الكنسى فى اتجاه التصويت، ولكننى أريد ممارسة حق التصويت ابتداء.
◄ حتى لو قالت الكنيسة لناخبها انتخب على أساس طائفى؟
◄ حتى لو كان ذلك، فى هذه الانتخابات المقبلة، لأنها الخطوة الأولى نحو الديمقراطية، إذا قالوا قوموا بالتصويت على أساس طائفى، سيكتشفون الخطأ عند تشكيل البرلمان، لأنهم أذكياء مثل كل المصريين، ولن يكرروا ذلك الخطأ فى المرات المقبلة، ولكن إذا قالت الكنيسة لأقباطها لا تصوتوا فتلك مصيبة، لأنها ستردنا إلى وضع فيه كتلة من عدة ملايين من المواطنين معزولين، ولا يمارسون دورهم فى تشكيل الحياة السياسية، يعنى سنخسر كمية هائلة من أبناء الوطن، وسنخسر إسهامهم الخلاق فى بناء مستقبله.
الناس قالوا
◄ كلامك عن الناس يذكرنى بشعار بريطانى سياسى شهير هو: Listen -to -the - nation أو الإصغاء إلى الأمة وإصاخة السمع للناس وأنت تلف على الناس الآن من خلال حملتك وتزورهم فى القرى والنجوع ماذا أسمعوك.. ماذا قالو لك وليس ماذا قلت لهم؟
◄ فى كل اللقاءات أو الاجتماعات التى أذهب إليها، أتكلم ما بين ثلث ونصف ساعة، واستمع إلى الناس حوالى لساعة ونصف الساعة بحسب ما عند الناس.
الشعب قلق جداً على الحالة الاقتصادية، وقلق جداً أن تعود القوة الطاغية للنظام السابق عن طريق الداخلية والمباحث.
◄ والأحزاب التى يقال لها «الفلولية»؟
◄ هذه استحدث بعد آخر جولاتى، فالأحزاب الفلولية أعجوبة تناسلت فى ظروف ثلاثة أيام، وهى تحتاج إلى دراسة، فكيف لثمانية أحزاب أن تتوافق على قرارات خطيرة فى ظرف 72 ساعة؟!
الحزب الوطنى الديمقراطى، كان غير منظم وغير قوى وقت كان فى الحكم لتصارع القيادات، والآن كل قيادة من القيادات المتصارعة لمت مجموعة وكونت بها حزباً.
الحزب الوطنى كان ثلاثة ملايين ويمكن أن يتم تقسيمه إلى العديد من الأحزاب.
فمثلاً حسام بدراوى - هو صديقنا وله عندنا مودة- كان له توجه غير مرضٍ عليه فى الحزب، فمع من هم على شاكلته وأسس حزب الاتحاد، والأخ عبدالرحيم الغول - وهو برلمانى قديم - وجاء من عصبية ضخمة فى الصعيد، فاستطاع أن يجمع تلك العصبية ويصنع بها حزباً.. وهكذا.
الحزب الوطنى كان فرقاً وشيعاً، وبعضها مع جمال مبارك، والآخر بين بين، أو يتملق جمال مبارك وهو - فى الأصل والأساس - مع زكريا عزمى.
إفراز الأحزاب الفلولية دليل على حجم التمزق الذى كان سائداً فى الحزب الوطنى، ولو كانوا فريقاً واحداً لتجمعوا تحت قيادة أحدهم وقضى الأمر.
الناس غاضبون وقلقون من تلك الأحزاب جداً، وإن كنت بدأت أستمع إلى ذلك بعد زيارتى الأخيرة للمنوفية.
الناس منزعجون - أيضاً - من الضرائب هم مدركون للعجز المالى فى مصر، وقد استمعت إلى ذلك فى «مسطاى» «بلد قرب بركة السبع فى المنوفية» من فلاح بسيط محترم، وقد قال لى: «إنتو خايفين من البرلمان فيه.. ما ييجى أى برلمان.. اللى يلد علينا نخليه.. واللى ما يلدش نمشيه»!
ولكن المشكل فى نظر ذلك الفلاح هى من أين سيأتى الحاكم بالمال الذى تحتاجه الدولة، إن ذلك الوضع يعنى أن السلطة ستكسر وسط الشعب بالضرائب.
وأردف الرجل.. نحن لا نخشى الضرائب العقارية إذ ليس عندنا عقارات، ولكن نحن مرعوبون من ضرائب أخرى ستفرض على البيع والشحن والتوزيع.
الناس مرعوبون ألا تنتقل الحياة السياسية إلى الديمقراطية، ولكن إلى حياة أمنية يديرها الأمن السابق تحت أسمائه الجديدة.
وهم يضربون أمثلة لأن مقار أمن الدولة انتقلت إلى الأمن الوطنى، وبعض تلك الأمثلة منتج، وبعضها غير منتج، ولكن هذا - فى النهاية - شعور الناس.
◄ هل تعتقد أن كل من كان فى أمن الدولة ينبغى استبعاده؟.. يعنى أنا استوقفنى تصريح للدكتور البرادعى يقول بضرورة حل جهاز الأمن نهائياً، واستعواض القوة بتخريج دفعات سريعة من أكاديمية الشرطة كل ثلاثة أشهر.. ما رأيك؟
◄ لا يوجد بلد يضحى بالخبرات المتراكمة لديه ويبدأ إنشاء جهاز أمن من الصفر.
ما هو الأساس الذى سينبنى عليه جهاز الداخلية الجديد؟، هذا كلام غير دقيق من الناحية العملية.
الأربعون فى المائة من أمن الدولة الموجودون فى الأمن الوطنى ليسوا بالضرورة الذين أساءوا للداخلية، أو زوّروا الانتخابات، أو شاركوا فى التعذيب، ولا أسهموا فى اضطهاد القوى السياسية، لأن جهاز أمن الدولة كانت له مهام كثيرة جداً، فلا أنسى أبداً أن أحد قادة الجهاز السابق، ومازال حياً يرزق، قال لى إن من مهام الجهاز اختيار التعيينات من الفرّاش إلى شيخ الأزهر!
الذين قاموا بتلك الأدوار لم يكونوا- جميعاً- سيئين، إذ كان فيهم مخلصون، وصادقون، وهناك رجل اسمه اللواء أحمد رأفت - يرحمه الله- الذى قام بمبادرة الصلح مع الجماعة الإسلامية، أنقذ البلد من حرب لا تنتهى.
وأنا- بنفسى- سمعت الأولاد فى محاكمة رفعت المحجوب يقولون: «نحن قبيلتان.. الشرطة.. والجماعة الإسلامية، والذى يفنى الآخر هو الذى سيكسب الحرب»!
أحمد رأفت حولهم من 1990- 1994 إلى مواطنين صالحين يأمرون بالمعروف بالهدوء وينهون عن المنكر بالحسنى، وصاروا مثلنا، وأنت متابع للمراجعات، وتعرف ذلك التغير.
◄ نعم.. لقد قابلت الدكتور ناجح إبراهيم مؤخراً ووجدته غاية فى التوازن والانفتاح والطيبة..
◄ نعم.. هو شخص آخر، ولقد تعودت رؤية ناجح إبراهيم وكرم زهدى، ولكن هؤلاء ليسوا من كنت أقابلهم فى السجن!، وبينى وبينهم صلات فكرية بدأت بتكفيرى، وانتهت بأن بعضهم يعتبرنى شقيقه الأكبر.
لو كان أحمد رأفت حياً لأصبح له مكان فى قيادة جهاز الأمن الوطنى، ولكن ربنا لم يرد له أن يعيش، أو يرى ثورة 25 يناير ويحضر نتائجها.
هناك أناس طيبون فى الأمن الوطنى يجب أن يبقوا، وهناك أناس سيّئون خرجوا.
أنا غير قلق من جهاز الأمن الوطنى، ولكننى منزعج من أن المجلس الأعلى للقوات المسلحة لم يصدر- حتى الآن- قانون جهاز الأمن الوطنى.
أكبر خطأ فى حالة جهاز أمن الدولة أن قانوناً لم ينظم عمله، أو يحدد اختصاصاته وصلاحياته، ولا علاقته بالوزارة، فكل علاقات العمل فيه كانت شخصية وفوق القانون.
ولكن جهاز الأمن الوطنى حين أنشئ برئاسة اللواء حامد عبدالله، الذى خرج إلى المعاش، كانت أولى مهامه فى الأشهر الستة التى قضاها بمنصبه هى صياغة مشروع قانون، وأنا اطلعت عليه، وغيرى اطلع عليه، وصحيح أن فيه بعض المآخذ هنا أو هناك، وهو الآن بين يدى المجلس الأعلى للقوات المسلحة مع اقتراحات تعديله.
◄ وهل يصدر المجلس الأعلى هذا القانون قبل الانتخابات، أم ينتظر حتى يصدر عن برلمان منتخب؟
◄ هذا قانون يجب أن يصدر قبل الانتخابات، لأنه قانون ينظم الأمن، أما القوانين المتعلقة بالحياة الاجتماعية، مثل التأمينات، فيمكن تأجيلها.
◄ وما هو- أيضاً- الذى سمعته من الناس؟
◄ الناس قلقون من أن تضيّق التيارات الدينية عليهم فرص الحياة، وبالذات فى قطاع السياحة، وقد عقدت مؤتمراً فى سيدى كرير حضرته قبائل الجُميعات وأولاد على، وبعض الناس من المصطافين، وحين فرغت من الكلام قال لى واحد من الحضور إن ممثل أحد الأحزاب زارهم منذ فترة، وقال لهم إذا جاءكم سليم العوا انتبهوا إليه لأنه ضد السياحة، وسوف يعمم الخراب فى القرى السياحية، وتنعق البوم فى المنتجعات، وسوف يخرب بيوتكم.
وضحكت قائلاً إننى شخصياً أعيش فى قرية «المروة» على بعد كيلومترات من سيدى كرير، فكيف أسمح بتحويلها إلى خرابة؟!
الناس متخوفون نتيجة ما يشيعه السياسيون وبعض الإعلاميين عن نوايا الإسلاميين.
ومن ضمن مخاوف بعض العاملين فى قطاع السياحة أيضاً، ما أثاره شخص طلع علينا بفكرة غريبة تنادى بتغطية الآثار والتماثيل بالشمع.. وحين ذهبت مؤخراً إلى الأقصر وجدت الناس فى فزع وخوف حقيقى من انتشار مثل تلك الأفكار
قلت للخائفين إن الصحابة مروا ببلادنا، وبعضهم مدفون بالقرب من المناطق الأثرية فى جنوب مصر، ولم يمدوا يداً إلى تلك التماثيل، ولم يهدموها أو يطمسوها، وفى الحقيقة إن الذين طمسوها هم الرومان، حين محوا وجوه التماثيل المصرية، ووضعوا مكانها رؤوس الملوك الرومان.
تمويل
◄فى حاجة إلى قراءتك الموضوعية، أكرر الموضوعية، لحال مؤسسات المجتمع المدنى فى مصر، وبالذات فيما يخص قضية التمويل؟
◄ حال منظمات المجتمع المدنى فى مصر سيئ، والسبب الرئيسى لسوء الحال أن معظم تلك المنظمات تعمل وفقاً لأجندة الممول، فالذى يدفع يحكم، لا بل الذى يدفع يملك.
ومنذ سنوات طويلة- وقت أن كتبت لك رسالتى- وحتى الآن كلما دعيت إلى نشاط لإحدى منظمات المجتمع المدنى، ووجدت لافتة تقول نشكر السفارة الهولندية أو الفرنسية أو الألمانية أو منظمة كذا الأوروبية أو الأمريكية، أبدأ كلامى بأننى كنت أتمنى أن أجىء ولا أجد تمويلاً أجنبياً فى القائمة، وإنما أجد تمويلاً مصريا، وأقول: عندكم العربى والسويدى، وفلان وعلان، وأذكر ما يرد إلى رأسى من أسماء التجار، طالباً من المنظمة الداعية أن تلجأ إليهم، دون داع للالتجاء إلى السفارات الأجنبية، وفى كل مرة كان الرد الذى أتلقاه هو: «الدولة تأخذ تمويلاً ومعونات أجنبية»، ولكن ذلك قياس خاطئ من أوله إلى آخره، لأن الدولة تتحصل تلك المعونات والتمويلات فى إطار علاقات دولية، السيادة فيها مكفولة، والتعدى على السيادة سيكون بالغزو، أما منظمات المجتمع المدنى فتتحصل الهبات والمعونات فى إطار الاحتياج، ومد اليد، وليس فى إطار سيادة، ومن ثم فأنا معترض على ذلك من حيث المبدأ.
أما النقطة الثانية فهى أن اهتمام منظمات المجتمع المدنى- حتى قبل الثورة- كان اهتماماً ضيقاً حول شخص تعرض لسوء معاملة، أو للتعذيب، ولكن ليست تلك القضايا هى التى تستهلك جهد المجتمع المدنى، فقد كنت أتمنى- كما قلت لك فى الرسالة- أن تؤدى حرية المجتمع المدنى إلى حرية المجتمع ككل، وتؤثر فينا.
وهناك منظمات أخرى ظهرت بعد الثورة مازالت غامضة بالنسبة لنا، ولا نعرف فى أى طريق ستسير.
◄ ولكننا رأينا بعد الثورة تأثيراً واضحاً للمنظمات الخارجية المانحة على الموازييك أو المشهد السياسى فى مصر.. هل يمكن أن ترصده لى؟
◄ الأموال التى تم توزيعها والقادمة من جهات أجنبية هى محل تحقيقات النيابة، ونظر المحاكم، وتحقيقات فى النيابة العسكرية، وهناك إشارات كثيرة لمن كانوا يوزعون الأموال على المتظاهرين يوم الاعتداء على السفارة الإسرائيلية.
◄ دعنا من ذلك التحرك الميدانى أو العملياتية، ولنتكلم عن تأثير الأجانب على الخطابات السياسية لبعض القوى فى مصر؟
◄ كل اللخبطة الحادثة فى الخطاب السياسى «الدستور أولاً.. المبادئ فوق الدستورية.. فكرة تأجيل الانتخابات سنتين.. اقتراح أن يستمر المجلس الأعلى للقوات المسلحة ثلاث سنوات فى الحكم.. أن يأتى فلان رئيساً للوزراء بسلطات مطلقة وهو- نفسه- يعلن فى برنامج تليفزيونى أنه مستعد لقبول أى منصب بسلطات مطلقة.. ماذا يعنى هذا الكلام؟» كل ذلك بتأثير أجنبى.
◄ من هو ذلك الفلان؟
◄ هو الدكتور البرادعى، وهذا كله شغل أجانب، وينبغى أن يعرف الذى يخططون وينفذون ما يريده الأجانب، والناس الطيبون الذين يرددون ذلك الخطاب دون أن يدركوا أبعاده، لأن أحداً لم يخبرهم بماهية ما يطرحه عليهم، وجنسية التوجه الذى يدفع إليه.. هؤلاء الذين ينفذون من دون معرفة مغزى ما يوجه إليهم من خطاب أو تكليف يؤدون إلى تأخير التحول الديمقراطى فى البلد، وهذا ما يريده أعداء مصر.
التأثير الأجنبى الواضح فى مصر هو إحداث بلبلة فى كل يوم، إذ بعدما فرغنا من المبادئ فوق الدستورية وماتت تماماً، طلعوا علينا بوثيقة عليا إرشادية تتوافق عليها القوى السياسية وتلتزم بها، المقصود هو إشغالنا بمثل تلك المسائل، فيما لا قضية لنا سوى تسليم السلطة إلى المدنيين من العسكريين، وأن يتحدد موعد انتخابات الرئاسة، وأن تجرى الانتخابات البرلمانية بأسرع ما يمكن.
◄ بعبارة واضحة.. أريدك أن ترسم لى «بورتريه» للتأثير الأمريكى على الحالة السياسية المصرية بعد الثورة وعلى الحالة الانتخابية القادمة، وبصراحة هل لدى واشنطن تفضيلات فيما يخص مرشحى الرئاسة المصرية، وعلى وجه التحديد هل تفضّل أن يأتى الدكتور البرادعى مثلاً؟
◄ أمريكا دولة عظمى، ولها مصالح وتفضيلات فى كل مكان بالعالم، ابتداء من تعيين عامل المجارى إلى انتخاب الرؤساء.. وهى تفضل أن يأتى رئيس متوافق مع الفهم الأمريكى فى العالم عن أن يجىء رئيس يمكن أن يناقش ذلك الفهم، ولا أقول يعترض عليه، يعنى هى لا تريد من يقول فى هذا مصلحة لبلادى، أو فى ذاك مفسدة تلحق بها.
الذى يعتقد أن أمريكا- بمكانة الدولة العظمى الوحيدة فى العالم- يمكن أن تسكت عن منطقة من المناطق ولا تكون لها فيها رؤية، مخطئ تماماً.
أما أنها تفضل مرشحاً معيناً للرئاسة، فهذا يدخل فى العلم بالنوايا، ولم أرَ أثراً له على الأرض، ولكننى سمعت كلاماً من بعض المرشحين للرئاسة يدل على موالاتهم للرؤية الأمريكية/ الإسرائيلية، ولكننى- شخصياً وربما كان ذلك قصوراً منى- لم أشعر بأن الولايات المتحدة لم تحدد بعد، وبعد هذه مهمة جداً، أنها تؤيد شخصاً ضد الآخرين، وقد يأتى الوقت الذى يبين فيه ذلك.
◄ هل اتصل بك الأمريكان؟
◄ لا لم يحدث أبداً من بعد إعلان الترشح فى 28 يونيو حتى الآن، لم يتصل بى أى شخص أمريكى إلا الصحفيين والإعلاميين، أما السفارة وأفراد البعثة الدبلوماسية فلم يحدث منهم اتصال.
◄ هل تعتقد أن معجنة الانتخابات البرلمانية القادمة ستفضى إلى ظروف تيسّر الانتخابات الرئاسية أم تعوّقها؟
◄ الاثنان واردان، فإذا مرت الانتخابات البرلمانية بسلام فى ظل احترام الآخر، فسوف تسير الانتخابات الرئاسية بسلام، وإذا حدثت فيها مجازر مثل تلك التى حفلت بها انتخابات 2010، فسوف تؤثر على نحو سلبى فى انتخابات الرئاسة.
◄ وماذا تتوقع؟
◄ أتوقع أن تمر بسلام.
◄ علامَ بنيت توقعك؟
◄ على التخطيط الذى أعلن عنه المجلس الأعلى للقوات المسلحة لحراسة الانتخابات بأربعين ألف جندى وضابط، وأن الحراسة الحقيقية ستكون للجيش، وأنت تعلم أن الشعب المصرى يحترم القوات المسلحة، ولن يلعب معها كما يفعل مع الشرطة.
بعد هزيمة البوليس فى 28 يناير وانكسار «تابو» الخوف منه، أما وقوف الجيش مع الثورة فأدى إلى ازدياد احترام الناس له.. وأنا عندى اطمئنان أن الانتخابات ستمر بسلام ما دام الجيش يحميها.
◄ هذا عن حماية الانتخابات من العنف المباشر والبلطجية والضرب، فماذا عن تأثير الرشاوى الانتخابية التى لن يستطيع الجيش أن يفعل لها شيئاً، بينما يمكن أن تفضى بنا إلى وضع أكثر تعقيداً مما ينتجه العنف؟
◄ أنا لا أخشى الرشوة الانتخابية لأن الشعب ذكى، وهو يحصل على الفلوس، ثم يدخل لينتخب من يشاء، ولكننى أخاف تأثير العصبيات والقبائل والعائلات، والذى قد يأتى ببعض غير الصالحين، وإن كنت أثق فى أن العائلات الكبيرة ستغير الرموز السيئة التى كانت تعمل مع الحزب الوطنى، وتأتى بناس «نضاف» من أبنائها.
شريعة
◄ كنت عضواً فى اللجنة الدولية لإعادة النظر فى قوانين السودان أواخر الثمانينيات لمطابقتها بنصوص الشريعة الإسلامية، لكن البعض يرى أنها هى التى أفضت فى نهاية المطاف إلى انفصال الجنوب.. وهذا هو ما يقيس عليه البعض، ويقولون إن الدكتور العوا لو جاء فسوف يشهد الأقباط أياماً سوداً؟
◄ الذى يقول ذلك لم يقرأ القوانين، ولم يعرف بالقصة كاملة.
اللجنة شكلت عام 1986 برئاسة جعفر نميرى، وكنت عضواً فيها، ووضعنا مشاريع بستة قوانين، مدنى، وتجارى، وإدارى، وجنائى، ومرافعات، وقانون سلطة قضائية، وسابع لحماية الأمن القومى السودانى، لأن صراعاً كان مشتعلاً على الجنوب، وهجمات متبادلة تدور بين الطرفين.
وحين انتهينا قابلنا النميرى وشكرنا، وكنت المصرى الوحيد فى تلك اللجنة، وبعد شهرين اتصل بى أحد أعضاء اللجنة، وقال لى إن القوانين صدرت ولكنها ليست ما أعددناه، إذ ذهب النميرى إلى شيخ صوفى يعتقد فيه اسمه «أبو جرون» ومن أبنائه اثنان من المحامين، وأعطاهما القوانين فلخبطوها آخر لخبطة، ووضعوا فيها قطْع اليد والجَلد وغيره، وبدأت تطبق الحدود بقوانين لا يد لنا فيها، وقامت ثورة البشير، وسلّم السلطة لحكومة الصادق المهدى المنتخبة بعد سنة واحدة من الثورة، وشكّل لجنة دولية من ثمانية أفراد وأنا مقررها، لإعادة النظر فى قوانين نميرى، فنحن الذين ألغينا قوانين جعفر نميرى، ولسنا الذين أتينا بها، ولم يعد فيها قطع يد أورجل أو غيره.
يمكن أن تصدر القوانين دون تضمينها نصوصاً تطبق فيها الحدود لأن المجتمع غير مهيأ، وليس لأن الشريعة فيها تدرج.
الحدود عقوبات تحمى النظام الإسلامى فى المجتمع، وهذا النظام غير قائم، وحين تطبقها فى نظام غريب عنها تفسد المجتمع.
◄ ولو قام هذا النظام الإسلامى فسوف تطبق الحدود؟
◄ لما يقوم النظام الإسلامى يحلها ربنا، ولما يصير الناس مسلمين يحلها ربنا، ولما نشتغل وفقًا للشريعة الإسلامية يحلها ربنا، ثم إننا نسمى الحدود زواجر فى الفقة الإسلامى، يعنى موانع لارتكاب الجريمة، وليست عقوبة للجريمة ذاتها، يعنى هى عقوبات هدفها الردع العام.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.