أجازت أمانة الفتوى بدار الإفتاء المصرية للمسلم التعامل مع غير المسلم بأنواع العقود سواء كانت عقود تبرعات كالهبة والهدية والوصية، أو كانت عقود معاوضات كالبيوع والإجارة والزواج بشروطها المعروفة شرعا. وأوضحت فى الفتوى أن المشاركة بين المسلم وغير المسلم لا تختلف فى حكمها عن تلك العقود، موضحة أن سبب كراهة بعض أهل العلم لها هو الخوف من قيام الشريك غير المسلم بمعاملة أو تجارة غير جائزة فى دين الإسلام. وفى تأكيدها على جواز الشراكة بضوابطها الشرعية ردت الفتوى على القائلين بكراهة الشراكة مع غير المسلم بسبب قيامه ببعض المعاملات غير الجائزة شرعا بأنه إذا كانت هذه هى العلة فلا بأس حينئذ بالمشاركة مع الاحتراز؛ فإن العلة إذا زالت زال المعلول. وأكدت على أن هذا الشرط يصير من ضوابط تلك الشراكة بمعنى أن يحترز المسلم من أن يسهم بماله فى الاتجار فى شىء محرم شرعا، أو أن يكون عرضة لمعاملة محرمة وأما من علّلَ تحريم المشاركة بخبث كسب غير المسلم لبيعهم ما لا يجوز عندنا، كالخمر والخنزير وخلافه، فقد ردت الفتوى بأن النبى -صلى الله عليه وسلم- قد عاملهم مع علمه بما ذُكِر. وفى تأكيدها على طبيعة الدين الإسلامى المنفتحة أشارت الفتوى إلى أن الله تعالى خلق الناس جميعا ليعيشوا فى تعارف ووئام، وليكون البر والعدل فى المعاملة هو الأساس بينهم؛ ولو كان الذين يتعاملون مع المسلمين من غيرهم، مدللة بقوله تعالى: "يأيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبًا وقبائل لتعارفوا" وقوله تعالى: "لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم فى الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم إن الله يحب المقسطين". ولفتت الفتوى إلى أن النبى - صلى الله عليه وسلم- هو خير من طبق القرآن فى الحياة، مؤكدة أنه قد عمل بهذه المفاهيم من السماحة واليسر والوفاء فى حياته الخاصة والعامة كفرد من أفراد المجتمع وكقائد لدولة الإسلام، ومن كلا الأمرين نأخذ التشريع والأسوة الحسنة، ففى حياته الخاصة مات - صلى الله عليه وسلم- ودرعه مرهونة عند يهودى كما رواه البخارى عن عائشة رضى الله عنها، وفى الصحيحين عن ابن عمر - رضى الله عنهما- أن النبى - صلى الله عليه وسلم- عامل أهل خيبر، وهم غير مسلمين. وانطلقت الفتوى من ذلك مؤكدة أن فقهاء الأمة قد فهموا هذا الأمر وحرصوا عليه وأَصَّلوه، معددة آراء فقهاء المذاهب فيها، وخلصت فى النهاية إلى أنه تصح المشاركة بين المسلم وغير المسلم، مع ما ذُكِر من ضوابط. الجدير بالذكر أن دار الإفتاء المصرية أكدت فى فتوى سابقة أن الاعتداء على الكنائس بالهدم أو الحرق أو ترويع أهلها محرم فى الشريعة الإسلامية وفاعله خصيم رسول الله يوم القيامة لقوله صلى الله عليه وآله وسلم: "ألاَ مَنْ ظلم مُعاهِدًا أو انتقصه أو كلَّفه فوق طاقته أو أخذ منه شيئًا بغير طِيبِ نفسٍ فأنا حجيجه يوم القيامة" أي: خصمُه ، وبهذه الأخلاق والقيم والمبادئ السامية سار المسلمون سلفاً وخلفاً عبر تاريخهم وحضارتهم وأخلاقهم النبيلة التى دخلوا بها قلوب الناس.