جامعة حلوان تستقبل وفدًا من المعهد الثقافي البريطاني    لجنة الانتخابات تعلن أسماء المرشحين بعد الانتهاء من الطعون والبت فيها    إقبال من الزوار على افتتاح المعرض المصغر للمتحف المصري الكبير في برلين    الرقابة المالية تختتم اجتماعاتها في لندن بلقاء نائب محافظ بنك إنجلترا    بعد زيادة السجائر.. "إي اف جي" تتوقع ارتفاع التضخم إلى 16.5% في يوليو    هيئة الدواء تطلق دستور دوائي كأول مرجع إقليمي بمواصفات عالمية    "الوطنية للطباعة" تعلن نيتها في إجراء الطرح العام الأولي للأسهم العادية ببورصة مصر    محافظ القليوبية يشارك في مناقشة مشروع الخريطة الرقمية التفاعلية لخريجي كريتيڤا    إيران: محادثات نووية مع الترويكا الأوروبية في إسطنبول الجمعة    هجوم "يوم الصفر".. ثغرة في مايكروسوفت استغلها قراصنة لاستهداف حكومات وشركات    مصدر يكشف لمصراوي موقف الأهلي من ضم أحمد حسن كوكا    محمد شريف يسجل هدف الأهلي الأول في مرمى الملعب التونسي    منتخب مصر للسلة يفوز على إيران في بطولة بيروت الدولية الودية    "رغبة اللاعب كانت حاسمة".. الإفريقي التونسي يخطف صفقة من الزمالك    نونيز يدخل دائرة اهتمام يوفنتوس    بيراميدز يستفسر عن موقف أحمد فتوح تمهيدًا لضمه (خاص)    نتيجة الثانوية العامة 2025 في الدقهلية على موقع فيتو    قرار عاجل من محكمة الاستئناف في قضية طفل البحيرة    عاد مبكرًا فوجد زوجته وشقيقه في غرفة نومه.. قصة خيانة هزت العمرانية    إطلاق اسم عبد القادر حاتم علي أحد معالم ماسبيرو    مي سليم تنشر صورة مع تامر حسني وتوجه له رسالة.. ماذا قالت؟    هل النية شرط لصحة الوضوء؟.. عضو بمركز الأزهر تجيب    ملتقى أزهري يكشف عن مظاهر الإعجاز في حديث القرآن عن الليل والنهار    هل يجوز عمل عقيقة واحدة ل3 أطفال؟.. أمين الفتوى يجيب    رمضان عبدالمعز: اللسان مفتاح النجاة أو الهلاك يوم القيامة    ولادة نادرة لطفل شمعي بمستشفى سنورس المركزي بالفيوم    البرجر زي الجاهز وبأقل التكاليف على طريقة الشيف آسيا عثمان    أخبار كفر الشيخ اليوم... فريق بمستشفى الجامعة ينقذ مريضة تعاني من ورم ضاغط على الوريد الأجوف العلوي    مهرجان القاهرة الدولي للطفل العربي يعلن عن لجنة تحكيم مسابقة التأليف المسرحي    وزير الخارجية يلتقي مفوض الشئون السياسية والسلم والأمن بمفوضية الإيكواس (صور)    السيطرة على حريق بعقار مكون من 3 طوابق أمام محطة قطار سرابيوم دون إصابات    أمجد الشوا: غزة تجاوزت مرحلة الكارثة وسوء التغذية يهدد حياة آلاف الأطفال    حلال أم حرام؟.. عالم أزهري يوضح حكم أرباح السوشيال ميديا    افتتاح كنيسة جديدة ورسامة شمامسة في بوخوم بألمانيا    أول ولادة لطفل شمعي من الدرجة المتوسطة بمستشفى سنورس المركزي بالفيوم    سعر الدولار اليوم الإثنين 21-7-2025 أمام الجنيه المصرى فى ختام التعاملات    بابا الفاتيكان يحذر من التهجير القسري لسكان غزة: «نناشد وقف الحرب»    أمجد الشوا: العالم بات يتعامل بلامبالاة خطيرة مع ما يحدث في غزة    تغطية مصرف عزبة أبو الجدايل بكفر الشيخ تمهيدًا لرصف الطريق    برلماني: مصر قطعت الطريق على "حسم" الإخوانية.. والأجهزة الأمنية تسطر نجاحًا جديدًا    وزير الثقافة يجتمع بمقرري لجان المجلس الأعلى ويؤكد: آلية جديدة تعيد للمجلس دوره كعقل مفكر للوزارة    10 انفصالات هزت الوسط الفني في 2025 (تقرير)    دارين حداد: "المداح نجح بالتعب مش بالكرامات"    شعبة الأدوية تحذر من بوادر أزمة في سوق الدواء وتستغيث برئيس الوزراء    "الدراسات العليا" بجامعة قناة السويس يفتح باب القبول والتسجيل لبرامجه "دبلوم - ماجستير - دكتوراه"    تفاصيل اختطاف قوة إسرائيلية لمدير المستشفيات الميدانية في غزة    النفط والضرائب والسوق السوداء.. ثلاثية الحوثيين لإدارة اقتصاد الظل    المؤبد لطالب وشقيقه بتهمة قتل سيدة بمركز البلينا فى سوهاج    اليوم.. أولى جلسات محاكمة 39 متهما ب«خلية العملة»    تقارير تكشف مصير جارسيا من الرحيل عن ريال مدريد    الجامعة الألمانية تفتتح نموذجاً مصغراً للمتحف المصري الكبير في برلين    فات الميعاد.. أحمد مجدي: شخصية مسعد تعبتني.. وبحاول أتخلص منه لحد دلوقتي    وزير العمل: التأمين الطبي لعمال «الدليفري» من ضمن أشكال السلامة المهنية    «مدبولي» يهنئ الرئيس السيسي بمناسبة ذكرى ثورة 23 يوليو    سوداني يوجه رسالة شكر للمصريين على متن «قطار العودة»: «لن ننسى وقفتكم معنا» (فيديو)    أوكرانيا: مقتل شخص وإصابة اثنين آخرين في أحدث الهجمات الروسية    تعرف على حالة الطقس اليوم الإثنين فى الإسماعيلية.. فيديو    الشناوي يتحدث عن صعوبة المنافسة على الدوري.. وتأثير السوشيال ميديا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



خالد عبدالناصر يرحل بأسراره عن دوره فى تأسيس تنظيم ثورة مصر ضد عناصر الموساد فى القاهرة.. عشق شعر أمل دنقل وأدب نجيب محفوظ والغيطانى وعاش بين ثنائية ابن الزعيم ومساره السياسى الخاص
نشر في اليوم السابع يوم 17 - 09 - 2011

بين كونه ابنا لجمال عبدالناصر، ومحاولته شق طريق سياسى خاص به، مضت حياة خالد جمال عبدالناصر الذى توفى الخميس الساعة الرابعة والنصف، وجاءت الوفاة بعد معاناة مع المرض استمرت شهورًا طويلة، وأجرى خلالها عملية جراحية صعبة فى لندن، ثم عاد إلى القاهرة، لتداهمه الغيبوبة الكبدية أكثر من مرة، وتم نقله بعدها إلى المستشفى ليدخل فى العناية المركزة، فى شبه غيبوبة كاملة حتى وفاته.
عاش خالد «62 عاما» الذى كان أستاذًا كلية الهندسة جامعة القاهرة، بين ثنائية الابن الأكبر «الذكور» لجمال عبدالناصر، ومحاولته شق طريق سياسى خاص به، فى الأولى ظل والده يسكنه سياسيّا وإنسانيّا، وفى الثانية حاول أن يتخذ لنفسه مسارًا سياسيّا يحفر من خلاله اسمه الخاص، وذلك بالخروج إلى ساحات العمل السياسى منذ مطلع الثمانينيات من القرن الماضى، حين خطب أمام نحو 10 آلاف فى حديقة نقابة المحامين عام 1982 فى ذكرى ميلاد جمال عبدالناصر، وكرر بعدها الأمر نفسه فى أكثر من مناسبة، بالإضافة إلى مشاركته فى المظاهرات التى خرجت تضامنًا مع الجندى سليمان خاطر والذى قتل سبعة جنود من الإسرائيليين أثناء خدمته الليلية على الحدود، وكذلك خروجه فى مظاهرة أخرى ضد الغارة الإسرائيلية على مقر منظمة التحرير الفلسطينية فى تونس، وكانت أمام جامعة القاهرة، وشارك فيها وقتها عدد من الرموز مثل الراحلين إبراهيم شكرى، رئيس حزب العمل، وفتحى رضوان، لكن خالد بلغ الذروة فى اتهامه فى قضية تنظيم ثورة مصر المسلح، وكان الاتهام أنه القائد السياسى للتنظيم، أما محمود نور الدين فكان قائد التنظيم عسكريّا، ونفذ التنظيم أربع عمليات مسلحة، منها ثلاث ضد عناصر من جهاز المخابرات الإسرائيلى «الموساد»، والرابعة كانت ضد أمريكى يعمل فى السفارة الأمريكية، لكنها لم تنجح، وأسفرت العمليات الثلاث عن مقتل اثنين إسرائيليين، وبالرغم من السرية الشديدة التى أحاطت بالتنظيم، والتى أدت إلى فشل الأمن فى اكتشافه، فإن شقيق محمود نور الدين هو الذى تطوع بالإبلاغ عن التنظيم، ومع التحقيقات المكثفة التى أجريت معه، والتى شاركت فيها عناصر أمنية من السفارة الأمريكية، قال أحمد عصام إن خالد هو مؤسس التنظيم، لكن محمود نور الدين نفى ذلك.
وقبل الكشف عن القضية خرج خالد إلى يوغسلافيا التى كانت قائمة وقتئذ، وعاش فيها ثلاث سنوات، تحت رعاية القيادة اليوغسلافية، وهى القيادة التى رافقت الزعيم اليوغسلافى تيتو، الذى ارتبط بعلاقة وطيدة مع جمال عبدالناصر، وتواصلت هذه العلاقة بين أسرتى الزعيمين بعد وفاتهما.
فى يوغسلافيا كان خالد موضع رعاية من رؤساء وقادة عرب، وتعد رحلة منفاه الاختيارى ليوغسلافيا نموذجًا تطبيقيّا فى ثنائية تكوينه السياسى، فبينما كان موضع اهتمام القادة العرب، والذى امتد إلى تدخلات منهم لدى الرئيس المخلوع حسنى مبارك، وكان على رأسهم الشيخ زايد رئيس دولة الإمارات الراحل الذى أرسل خطابا إلى مبارك مفاده أن خالد ابن لكل رئيس عربى، وكذلك فعلت القيادة الكويتية، والقيادة الجزائرية واليمنية والرئيس الفلسطينى الراحل ياسر عرفات، وكان ذلك يتم على خلفية أنه ابن جمال عبدالناصر الذى يتمتع برصيد شعبى ورسمى هائل لدى الدول العربية، أقول بينما كان الأمر يسير على هذا النحو كان الشطر الثانى فى هذه الثنائية يشغل خالد على نحو كبير، وذلك فى سياق المستقبل السياسى له، ووفقًا لآراء كثيرة سمعها من الكثيرين الذين زاروه فى يوغسلافيا، كانت النصيحة بأن مسار العمليات المسلحة فات أوانه، ومن هنا كان انشغاله بكيفية ممارسة العمل السياسى، لكن معادلة الوضع الحزبى وقتئذ لم تكن بدرجة الحيوية التى تستوعبه لكونه ابنًا لزعيم كبير.
وفى يوغسلافيا ظل خالد يزود نفسه بالمعرفة، حيث كانت القراءة هى همه الأول، وتلقى هناك طرودًا للكتب فى السياسة والشعر والأدب والتاريخ، أرسلها إليه الكاتب الكبير محمد حسنين هيكل، وهناك افتتن بشعر أمل دنقل، وخاصة قصيدة «لا تصالح» وقصيدة «زرقاء اليمامة»، وكان يرددهما كثيرًا لزائريه، كما كان يعشق أدب نجيب محفوظ وجمال الغيطانى خاصة رائعته «التجليات».
كانت أقصى الأحداث ألما لدى خالد، وهو فى يوغسلافيا، وفاة أمه السيدة الجليلة تحية عبدالناصر، ويومها، كما قال لى، أغلق حجرته على نفسه ساعات طويلة ودخل فى بكاء طويل، لأنه لم يرَها منذ زيارتها الوحيدة له، وحين دخل فى أحضانها، علقت قائلة: «كل ده يا بنى عشان اتنين صهاينة»، ومع ألم الأم كان خالد، وكما قال، يعد أبناءه تحية وماجدة وجمال للمستقبل، وحصلت تحية على رسالة الدكتوراه من الجامعة الأمريكية عن أدب ماركيز، وتخرجت ماجدة وجمال فى الجامعة نفسها إلى فضاء العمل، وكما قال، كانت أبواب المحبة مفتوحة لهم بفضل جمال عبدالناصر.
عاد خالد إلى القاهرة ليواجه محاكمته والتى انتهت ببراءته لإنكاره الاتهامات الموجهة ضده، ليبتعد بعدها فترة عن العمل السياسى، لكنه كان حريصًا بين الحين والآخر على إبداء رأيه فى القضايا المطروحة، وكان طوق النظام عليه شديدًا إلى درجة متابعة تحركاته شخصيّا، واتصالاته مع الآخرين.
قبل يوغسلافيا، وبالتقريب منذ منتصف السبعينيات، دخل خالد فى علاقة متوترة مع الرئيس الراحل أنور السادات، وكان وقتها يدرس الدكتوراه فى لندن، ومع اشتداد حملة الهجوم على جمال عبدالناصر دخل فى حيرة عميقة، شملت سؤالاً جوهريّا قاله لى، وهو: لماذا يترك السادات كل هذا الهجوم على عبدالناصر، وقد كان فى تنظيم الضباط الأحرار الذى قاده جمال عبدالناصر، كما كان معه فى السياسات التى اتبعت؟ وأذكر أنه زاد على هذا السؤال بقوله: كنت أضرب أخماسًا فى أسداس من كيف يفعل السادات ذلك، وهو لم يكن فقط ضمن المشاركين لسياسات عبدالناصر، وإنما كنت أراه فى منزلنا على الدوام، وعلى أثر ذلك، وكما قال خالد، توجه إلى السادات ليسأله عن سبب هذا الهجوم، لكن السادات ظل يراوغ فى الإجابة، قائلاً له: «أصل هدى أختك يا خالد بتهاجمنى»، وعلى أثر هذه المقابلة لم يلتقيا مرة أخرى.. من هذه المقابلة مع السادات خرج خالد إلى سؤال آخر، وهو كيف له أن يتعامل كابن مع هذه الحملة ضد والده؟ وقد كان السؤال جوهريّا عنده، خاصة أن هذه الحملة أدت إلى إصابته بمرض القولون العصبى، حتى توصل إلى قسمة تمثلت فى الفصل بين جمال عبدالناصر كزعيم سياسى صاحب تجربة هى ملك لأمته العربية، وبين عبدالناصر كأب، وفى الأولى يحق للجماهير أن تقيمها وتنقدها سياسيّا، أما الثانية فلابد من مقاومتها شخصيّا لأنها تمس سمعة أب عاش حياته زاهدًا، ورحل دون أن يمتلك عقارًا أو مالاً.
تميز خالد من بين أشقائه بأنه كان الابن الذى حملت صوره مع والده وهو يلعب معه الشطرنج وهى اللعبة التى كان يحبها عبدالناصر، كما كان اسمه «أبو خالد» فى عشرات الأغنيات الوطنية فى الخمسينيات والستينيات، ولهذا ظل قريبًا من قلوب الجماهير، لكن الثنائية التى حكمته اصطدمت أخيرًا برحلة المرض التى بدأت معه قبل سنوات وبالتحديد عام 2002 حين أصيب بورم فى المخ تعرض بسببه إلى جراحة دقيقة فى فرنسا، ليدخل بعدها فى مشاكل صحية أخرى، ظلت معه حتى فاضت روحه إلى خالقها. فرحمه الله رحمة واسعة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.