توالت الانتقادات والاستنكارات العالمية للهجوم الذى قام به بعض الشباب المنقاد وراء جماعات الإرهاب التى تريد أن تحول مصر إلى لبنان آخر يحتل المتطرفون فيه سيناء ويقومون بشن حروبهم على الداخل والخارج تماماً كما يفعل حزب الله فى لبنان.. والفارق هنا أنها ستكون جماعة مصرية سنية بدلا من حزب شيعى لبنانى، ولكن الخطة واضحة المعالم. فبدلا من أن تقوم إيران بشن حرب مباشرة على إسرائيل فإنها تريد مع حماس وقناة الإرهاب المعروفة وحزب الله شن حرب تحت ستار مقاومة العدو مستغلة فى ذلك حماس بعض الشباب المنقاد وغير الواعى الذى راح يلوم إسرائيل على كل شىء بدءا من طلاق والديه ونهاية بضياع مستقبله فى ظل أنظمة فاسدة مستبدة أهدرت الفرصة تلو الأخرى لتقدم هذا البلد. الحقيقة الواقعية على الأرض الآن أن إسرائيل دولة لا يصنفها المجلس العسكرى كدولة عدو أو حتى مصدر قلق، بدليل وجود تمثيل دبلوماسى كامل بين البلدين واتفاقيات تعاون اقتصادية بل أمنية، إضافة إلى اتفاقيات ثلاثية وغيرها، أضف إلى هذا أن مصر دولة مهمة وفعالة فى المجتمع الدولى وعضو ملتزم فى الأممالمتحدة ودولة محورية ذات ثقل دولى لم تحظ به أى دولة عربية أخرى فى تاريخها وبالتالى عليها احترام القوانين والمواثيق والمعاهدات الدولية التى ارتبطت بها، ومنها المعاهدات الخاصة بحماية الدبلوماسيين على أراضيها. السؤال الملح هنا هو هل إسرائيل عدو أم صديق لمصر؟.. فإذا كانت دولة عدوا لنا فعلى صانع القرار قطع العلاقات معها فورا وغلق سفارتها وطرد دبلوماسييها، أما إذا تركناهم فعلينا احترام الاتفاقيات الخاصة بهم وغيرهم، ليس من أجل عيون إسرائيل ولكن من أجل باقى دول العالم التى تتوقع منا أن نحترم اتفاقياتنا الدولية. لقد نقلت ثورة 25 يناير مصر نقلة ملموسة دبلوماسيا ودوليا على جميع المحاور، فراح العالم أجمع بداية من أوباما وانتهاء ببسطاء الشعوب يتمثلون بالمصريين فى حضارتهم، وخصوصا طريقة إدارة ثورة الشباب والحفاظ على الأرواح والممتلكات فى ظل غياب الأمن والقيادة السياسية والعسكرية، وأصبحنا جميعا فخورين مرة أخرى بأن ننسب أنفسنا إلى مصر العظيمة صاحبة حضارة الفراعنة وحضارة 25 يناير.. ولكن جاء حادث الاعتداء على السفارة الإسرائيلية وإنزال العلم ثم الهجوم عليها واحتلالها وتفريغ محتوياتها فى الشارع وقيام قنوات الإرهاب ببث هذا الحدث للعالم أجمع ليشوه صورة هذا الشعب الجميل وهذا الشباب الراقى الواعى الذى حمى مصر لمدة 18 يوما. والسؤال الآن هو من المسؤول عن تشويه سمعة مصر بهذا الشكل وعن دفع الشباب إلى الاعتداء على السفارة فى ذات اليوم الذى خرجت فيه الملايين داخل التيار الليبرالى فى جميع محافظات الجمهورية لتصحيح مسار الثورة ولإثبات قوتها داخل الشارع، ولكن جاءت هذة الخاتمة السيئة لتشويه صورة الشباب وإبعاد التركيز الإعلامى فى مصر وخارجها عن نجاح التظاهر السلمى والتركيز على أحداث السفارة.. وأخيرا لا أعلم لماذا انسحب الأمن من أمام السفارة فى البداية بل من محيط التحرير كله؟ لم يعلن المتظاهرون فى التحرير عن نية التصادم مع قوات الأمن إذا تواجدت وكان عليها التواجد لحماية الأرواح والممتلكات، إن المسؤولية الكاملة تقع على عاتق من شجع الشباب على اقتحام السفارات الأجنبية من شيوخ الزفة ونطاطين الثورة الذين طالبوا باقتحام السفارة الأمريكية لإخراج عمر عبد الرحمن وكذلك تقع المسؤولية على المسؤولين الذين كرموا من قام بتسلق السفارة وإنزال العلم، فإذا عومل هذا كالبطل فمابالك بالذى يقتحم ويحرق السفارة بما فيها!