المتابع للأحداث والمتتبع للتطورات الجديدة والمتسارعة التى تقع فى البلاد لا يجد صعوبة فى تصور عدد من السيناريوهات المحتملة لما هو قادم من أحداث.. فالوضع الآن ينذر بخطورة محتملة على مصير مصر فى المرحلة المقبلة.. حيث نجد الثوار من ناحية مقتنعين بوجهة نظر معينة – وبالطبع لا يقبلون بغيرها انطلاقاً من مبدأ من ليس معنا فهو ضدنا- ويعتصمون من أجل تحقيق مطالب بعينها.. ونجد الحكومة على الجانب الآخر تسعى إلى تهدئة المواطنين ببعض المسكنات ضعيفة المفعول والتى من الصعب أن ترضى الثوار خصوصاً فى ظل اقتناعهم بعدم إمكانية تحقيقها على أرض الواقع.. فمثلاً يطالب المتظاهرون بإقالة الضباط المتهمين بقتل الثوار ومحاكمتهم علماً بأن هذا اختصاص قضائى بحت وأنه إذا ثبت تورط أى شخص فى أية جريمة سيقوم القضاء بدوره فى تحقيق العدالة ولن يتوانى القضاء عن أداء الدور المنوط به مهما حدث ويجب ألا يتأثر بأى شئ، إلا أننا بهذا الشكل نضغط على القضاء والذى يجب أن يكون منزهاً تماماً عن أية تحيزات. كذلك يطالب البعض برحيل الدكتور عصام شرف على الرغم من أنهم هم الذين اختاروه، ولكنه أثبت مع مرور الوقت عدم قدرته على تسيير المرحلة الانتقالية بالسرعة المطلوبة وبرغم أننى أشعر بالصدق عندما يتحدث الدكتور شرف – وهو الإحساس الذى افتقدناه على مدار الثلاثين سنة الماضية– إلا أنه يجب الاعتراف أن الدكتور شرف لن يستطيع إدارة تلك المرحلة.. فهو الرجل المناسب فى التوقيت غير المناسب.. وهو كاللاعب المهارى الذى ينزل أرضية الملعب وفريقه متقدم بهدفين أو أكثر على الفريق المنافس ولكنه لا يستطيع أن يقود الفريق لتغيير ملامح المباراة بالكامل، إننى مسيحى لا أحزن على ما يحدث... ولا أجده مستغرباً لأنه كان متوقعاً تماماً خصوصاً بعد نجاح الثورة فى توحيد الأمة المصرية بطرفيها وأسقطت النظام الفاسد .... طبيعى أن يسعى بواقى النظام إلى تغذية روح الفتنة بيننا من ضرب كنيسة هنا إلى الاعتداء على مسجد هناك مستغلين فى ذلك سذاجتنا مسلمين ومسيحيين فى إحداث تلك الفتنة، ولكننا لن نسكت على هذا ولا يجب أن نصمت أبداً. وإذا تتبعنا الأحداث الأخيرة التى وقعت فى ميدان التحرير وأريد أن أخص بالذكر منع الموظفين فى مجمع التحرير من أداء عملهم وكذلك الأحداث التى وقعت فى مدينة السويس ومحاولة البعض وقف الملاحة فى القناة وكلنا يدرك مدى تأثير هذا على مصر وعلى علاقتها الدولية خصوصاً فى هذا التوقيت.. إذا تتبعنا ذلك نجد أن تلك التصرفات تدخل فى حيز الطيش السياسى وتجرنا إلى مواجهة محتومة مصيرها غير معلوم مع الجيش المصرى الذى يجب أن نؤازره فى تلك الفترة تحديداً حتى لو كان لدينا ملاحظات على أدائه وطريقة إدارته للمرحلة الانتقالية إلا أننا يجب أن نتجنب الصدام معه ليس خوفاً منه ولكن خوفاً على مصير الوطن حتى لا يتحول مصيرنا فى النهاية كالدول المجاورة مثل ليبيا واليمن وسوريا... كذلك أيضاً يجب ألا نجبر القوات المسلحة على اتخاذ مواقف ضد المواطنين وضد المتظاهرين تحديداً، خاصة أن اللواء طارق المهدى طلب مؤخرا إجراء استفتاء سريع بين أفراد الشعب المصرى من خلال القنوات الإخبارية لمعرفة مدى موافقته على تصرفات شباب الثورة وبالتحديد إغلاق مجمع التحرير ومنع موظفيه من التوجه لمقار عملهم داخله وهو ما هددوا بتكراره فى عدة أماكن!! .. فمثل هذه الأمور تشير إلى أن الجيش من المحتمل أن يقف فى وجه الثوار ويستخدم العنف فى مواجهتهم من منطلق الحفاظ على الوطن وبتأييد من الشعب المصرى (الغلبان). قبل أن نفكر فى كيفية الهدم يجب أن نضع فى الاعتبار أن الأغلبية ستؤيدنا عندما نحدد طريقة البناء وآلياتها وإلا سندخل فى نفق مظلم يقف فيه الشعب ضد الشعب ويضطر الجيش للتدخل لحسم الأمر والحفاظ على الوطن وإعلان الأحكام العرفية.. يجب أن ندرك قبل الهدم أن الثورة إذا كانت محمودة بين طبقة المثقفين، فهى مذمومة بين طبقة البسطاء.. وأنها إذا كانت مرغوبة فى المدن فهى ملعونة فى القرى.. وأنها إذا كانت مفيدة للداخل، فهى ضارة للخارج.. ومتربص بها من "الآخر". لا بد أن نراهن على وعى المواطنين حتى نضمن تأييدهم وكلنا يعلم مدى وعى المواطنين بالأحداث وأقصد هنا البسطاء من الناس والذين يمثلون القاعدة العريضة من الشعب المصرى الذى جل ما يتمناه هو لقمة العيش ولنا فى الاستفتاء على التعديلات الدستورية عبرة وعظة... وبالتالى إما أن نضمن تأييدهم وإما أن نتعقل فى التصرفات التى تجرنا إلى معاداتهم.