المثقفون فى زمن النهضة المصرية كانت حكاياتهم لطيفة جدا، وكلما جاءت مناسبة للكاتب الكبير إبراهيم عبد القادر المازنى المولود فى شهر أغسطس 1889 والمتوفي أيضا فى أغسطس 1949 أتذكر حكايته مع "فاخرة". عبد القادر المازني شكّل مع الكاتب الكبير عباس محمود العقاد والشاعر عبد الرحمن شكرى جماعة أدبية أطلقوا عليها اسم الديون، لكن العقاد والمازنى سرعان ما انقلبا على شكرى، وظلت علاقتهما قوية حتى النهاية.
من الأمور اللطيفة فى حياة المازنى أنه كان شديد الارتباط بأمه حتى أنه وضعها فى مرتبة (النموذج الأعلى) لما يجب أن تكون عليه المرأة، وفى سنة 1910 تزوج المازنى لكن زوجته بعد 11 عاما رحلت فجأة تاركة له بنتا كان يحبها جدا اسمها "مندورة" لكنها ماتت فجأة أيضا بعد 7 سنوات تفرغ فيها المازنى تماما لخدمة ابنته. وتقول الحكايات رغم كثرة ما تردد عن غزوات المازنى النسائية إلا أنه لم يقل لأى امرأة (أحبك) اعتقاداً منه بأن هذه الكلمة سوف تجعله عبداً للمرأة التى ستسمعها منه، وقد كان يستعذب التحدث عن شعوره بالضعف والنقص أمام النساء .
أما عن الحب فى حياة المازنى فقد عرف الحب لأول مرة وهو فى الثالثة عشرة من عمره مع بنت الجيران فى السيدة زينب بعد أن أنقذ لها قطتها من فوق الشجرة وأصيب نتيجة هذه المغامرة ببعض الجروح البسيطة، وكان يجاهر بحب هذه الصبية وسط الأهل والجيران، وعندما كبر راح يكثر من مغامراته النسائية حتى ولو من باب (الصيت ولا الغنى) وذلك كسلاح جديد يؤكد به لنفسه وللآخرين أنه ليس (أقل) من غيره بل إنه يتفوق عليهم .. وقد أحصى العقاد حبيبات المازنى ووجد أنهن 17 حبيبة.
ومن الطريف بحياة المازنى العاطفية مغامرة عجيبة تعرض لها، ذكرها رجاء النقاش فى كتابه (عباقرة ومجانين) حيث استطاع شاب اسمه عبد الحميد رضا أن يوقع المازنى فى (فخ عاطفى) عندما أعطاه رسالة ادعى أنها من فتاة اسمها (فاخرة)، وقد انطلت الحيلة على المازنى وظل يتبادل الرسائل العاطفية الساخنة مع هذه السيدة المزعومة ورغم أنه تشكك بعض الشيء إلا أنه تمادى فى هذه المغامرة حتى أخذ عبد الحميد رضا رسائل المازنى إلى إحدى المجلات ونشرها.
لما نقرأ القصص هذه نضحك بصوت عالي ونتخيل كيف كان الكتاب يتصرفون فيها، الغريبة أنه مع التقدم التكنولوجي الرهيب حاليا، لكن الحكايات دى لا تزال تحدث.