أثارت تصريحات الداعية السلفى أبو إسحاق الحوينى عن الجوارى والجهاد والرقيق، تعجب ودهشة فريق كبير من المثقفين، ودعا فريق آخر إلى عدم التعليق عليها، فيما اعتبرها بعض منهم "إيفيه" وعلقوا عليها ب "إيفيه" مماثل. قال الدكتور عمار على حسن الباحث والناشط السياسى إن الإخوان كان لديهم خطاب معين فى مرحلة الصبر والضعف، وكان يقوم على التودد ويخفى المواقف الحقيقة للجماعة التى تحدد علاقتها بالدولة والمجتمع، ولكن بعد الثورة بدأ الإخوان يشعرون بالتمكن، ومن ثم أخذوا يطرحون بعض أفكارهم بحرية ودون قيد، وبدأت تظهر بعض الآراء التى كانوا يخفونها عن المجتمع حتى لا يتعرضوا إلى نقد، ومن ضمن هذه الآراء ما يعرضه صبحى صالح، وهذا الرجل قد لا ينظر إلى كل ما يقال باعتباره وجهة نظر للإخوان، ولكن فى النهاية هذا قيادى كبير داخل الجماعة وكان عضوًا سابقًا فى البرلمان أولى به أن يعبر تعبيرًا مسئولاً عن موقف الجماعة من القضايا المطروحة وليس بهذه الطريقة التى تسىء إليه، وتسبب فزعًا شديد للمجتمع. وتابع حسن: "قد يطلب من الإخوانية أن تتزوج من الإخوانى لدواع أمنية، لكن أن يقال إن هذا نتيجة لأن الإخوانى أرقى من غيره فهذه "عنصرية" مرفوضة تمامًا، وعلى صبحى صالح أن يعتذر لكل المسلمين". وحول رأيه فى تصريحات أبو إسحاق الحوينى، قال حسن: "من وجهة نظرى أنه لا يستحق التعليق؛ لأنه يعيش خارج الزمن وكلامه لا ينطلى على طفل ويسىء إلى الإسلام، وأعتقد أن كل هذه التصريحات ومنذ نجاح الثورة بدأت تفقدهم التعاطف وتحيد من خوف المجتمع، ولا شك أن هذا سوف يؤثر على مستقبلهم السياسى". الروائى إبراهيم عبد المجيد اعتبر، كلام الحوينى عن الرقيق والجوارى، والجهاد كوسائل لحل المشكلات الاقتصادية، للدول الإسلامية، نكتة كبيرة، وقال عبد المجيد ل "اليوم السابع": يجب أن يتم تعيين الحوينى ضابطا، ويتم تشكيل كتيبة من رفاقه من السلفيين الذين يستمعون له، ويتفقون مع آرائه، ونعطيهم سيوفا، ونرسلهم إلى الحدود كى نتخلص منهم. وأكد عبد المجيد أن هذه التصريحات عبثية، ولا يمكن مناقشتها، والاستماع إليها، ومناقشتها يعلى من شأنها ويضفى عليها أهمية. ورفض الروائى يوسف القعيد التعليق على هذه التصريحات للحوينى، وكذلك مناقشة آراء المحامى الإخوانى صبحى صالح، مضيفا فى تصريحات خاصة ل "اليوم السابع": "هدف هؤلاء الناس الوحيد، أن نزداد منهم رعبا، كى يتضخموا، فخوفنا منهم هو الذى يسمح بذلك، لأن الإخوان يرددون هذا الكلام منذ عام 1928، وبدلا من أن نتحول لمعلقين على ما يقولونه، يجب أن نتجمع، فى صيغة ما، ونفعّل من خلالها دورنا". وأضاف القعيد: "لا يجب أن نسمع ما يقوله هؤلاء أو أولئك، وطبعا لا أدعو إلى حزب جديد، أو إلى ائتلاف ما، وإنما ننشغل بأحاديث هؤلاء بعمل حقيقى، يدفع برسالة كبيرة للمجتمع". ولفت القعيد النظر إلى أن مشكلة المثقفين فى انعزالهم، كأفراد، مضيفا: "لا نطيق أن نعمل معا، وليس لدينا مظلة مثل المظلة التى يعمل هؤلاء أسفلها، ونكتفى بالبكاء على الأطلال، والتعليق على ما يقوله هؤلاء، لن يحل أو ينفع لمواجهة أفكارهم". وقال الروائى حمدى أبو جليل، إنه كان يظن تصريحات الحوينى "إيفيه" أو دردشة بينه وبين أصدقائه، حتى قرأها على موقع "اليوم السابع"، مضيفا: "لكنى فوجئت أن كلامه حقيقى، والمشكلة ليست فيه، لكن المشكلة أن له جماهير عريضة، وهذا شىء خطير جدا". وتابع أبوجليل: أنا أهدى تصريحات الحوينى للشاعر سعد عبد الرحمن رئيس الهيئة العامة لقصور الثقافة عله يدرك أن عمله فى الثقافة الجماهيرية، ليس توزيع المكافآت، وإنما إشاعة الثقافة فى الأقاليم، فليس عمل الثقافة هو الشئون المالية، لعدد محدود فقط من الموظفين، وإنما تفعيل خطاب المثقفين مع الناس. وأضاف: هذا يجب أن يكون من خلال اتحاد الكتاب، وأكد أبو جليل أنه لم يفاجأ من تصريحات صبحى صالح، مشيرا إلى أنه عبر عن فلسفة الإخوان المسلمين، مضيفا: هناك قيادات إخوانية تغلف كلامها، وتجعله مقبولا، لكن الحقيقة فيما قاله الرجل وصفوت حجازى وعصام العريان عندما اجتمعوا فيما سبق، تحدثوا عن إقامة الدولة الإسلامية، والخلافة، مضيفا: "فهم جميعا يعتبرون أنفسهم المتحدثين الرسميين باسم الحقيقة المطلقة، لكن الغريب، أنه تم اختيار صبحى صالح، ليكون عضوا فى لجنة تعديل الدستور". ولفت أبوجليل النظر إلى أن جماعة أدباء وفنانين التى ينتمى إليها، سيكون لها دور فى مواجهة هذه الأفكار، متابعا: "لكن يجب علينا أولا أن نقوم بتفعيل دور اتحاد الكتاب، عبر انضمام الكتاب الشبان إليه، ونطالب جميعا بتغيير قانونه". وقال الدكتور جمال فرويز أستاذ الطب النفسى إن تصريحات صبحى صالح وأبو إسحاق الحوينى لا تنبع إلا من وجهة نظر ترى أنها الأقوى وتعيش عصرها الذهبى، وتعمل بمنطق اضرب "دماغك فى الحيط" وهو ما يعبر عن فكر عنصرى سواء داخل جماعة الإخوان والسلفيين. وأوضح فرويز أن التوصيف النفسى لما يحدث هو الإملاء من الطرف الأقوى على الطرف الأصعب، حيث إن الجماعات الدينية سواء الإخوان أو السلفيين يشعرون بالقوة، وأنه لا يوجد غيرهم على الساحة حاليًا ينازعهم فى مأربهم التى يثنون إليها، وحيث إن جماعة الإخوان جماعة مغلقة فهى ترى أنه لا يناطحها أحد وتستشهد بآيات القرآن الكريم فى غير موضوعها، مشيرًا إلى أن هذه التصريحات ترسم لنا مدى عمق الشخصية الإخوانية والسلفية، وهى فى الطب النفسى الشخصية "البارونيدية" التشكيكية ذات الإحساس بأنها الأفضل وما غيرها دون ذلك، وتتملكها العظمة، وكل من هو عكسها فهو مرفوض. وأضاف "فروزير" أشعر وكأن الثورة قامت لنلغى الحزب الوطنى ونأتى بالجماعات الدينية بدلاً منها، وما يزيد من القلق هو أننا لم نر موقفًا من المجلس العسكرى ضد هذه التصريحات التى تثير بلبلة الشارع المصرى، قائلا: هذه التصريحات تذكرنى بموقف بوش حينما قال فى حربه ضد أفغانستان أنها حرب قلوب ومن ليس معنا فهو ضدنا، وما يفعله السلفيون والإخوان يشبه موقف بوش حينما اعتبر نفسه مرسلا من الرب.