انتقدت أوساط سياسية وعسكرية إسرائيلية رفيعة تصريحات "مائير داجان" رئيس جهاز الموساد السابق التى أدلى بها مساء أمس خلال ندوة عقدتها الجامعة العبرية بمدينة القدسالمحتلة حول الملف النووى الإيرانى والأوضاع الحالية بسوريا والعلاقات المصرية الإسرائيلية. وقال مصدر إسرائيلى رفيع "بالرغم من أن أقوال داجان تعكس تماماً جميع الخيارات أمام إسرائيل الموضوعة على الطاولة فى تعاملها مع طهران، ومن غير الواضح السبب الذى دفع رئيس جهاز الموساد السابق قول هذا فى ظهوره العلنى الأول أمام الرأى العام الإسرائيلى، مضيفاً "هذه المهاترات تكشف ولو عن قليل من الخلافات داخل القيادة السياسية الأمنية فى إسرائيل حول القضية الإيرانية وكيفية العمل ضدها". وعلَّق رئيس لجنة الخارجية والأمن فى الكنيست شاوؤل موفاز، على تصريحات داجان قائلا "إسرائيل لا يمكنها أن تسمح لإيران بامتلاك السلاح النووى، وهذا ما تعتقده الدول الغربية التى باتت اليوم تفهم القضية بصورة أفضل". وبخصوص الجدل حول الخيارات المطروحة لمنع إيران من امتلاك السلاح النووى، رأى موفاز أن خيار العمل العسكرى هو آخر الخيارات، مضيفاً "ما عدى ذلك من الخطأ الدخول إلى جميع التفاصيل والتساؤلات، فنحن لا نعلم متى سيحدث هذا، وإن كانت السبل الأخرى ستمنع إيران من امتلاك سلاح نووى". وفى السياق نفسه وجه وزير الدفاع الإسرائيلى إيهود باراك، انتقادا لداجان بسبب التصريحات التى أدلى بها أمس بشان إيران، مضيفاً أن داجان ساهم كثيرا فى تعزيز امن إسرائيل على مدى السنين ولكنه غير متأكد مما إذا كانت أقواله صحيحة. وأضاف باراك انه يجب على الجهات الأمنية المختصة طرح توصياتها على المستوى السياسى الذى هو الوحيد المخول صلاحية اتخاذ القرارات. فيما أعرب وزير المالية الإسرائيلى "يوفال ستاينيتس" عن أسفه لتصريحات داجان، قائلاً "إنه كان من الأفضل لو لم يكن يدلى بها"، مؤكداً أنه مع ذلك فأن داجان أدى مهام منصبه رئيساً للموساد على أحسن وجه. وكان قد قال مائير داجان، رئيس جهاز "الموساد" السابق فى أول خطاب علنى له منذ اعتزاله رئاسة الموساد حول الأوضاع الجارية فى مصر إنه حسب تقديره فليس هناك فرصة لكى تسيطر جماعة "الإخوان المسلمين" على السلطة فى مصر، موضحاً أن النظام الحاكم سيظل ممسكاً بزمام الأمور كما كان، موضحاً أن ما حدث فى مصر لم يكن انقلاباً. وأضاف داجان أن العلاقات المصرية مع إسرائيل لن يطرأ عليها أى تغير ملموس، لأن هذا يعارض المصالح الاقتصادية ومصالح أخرى. وذكرت صحيفة يديعوت أحرونوت، الإسرائيلية، أن رئيس جهاز الموساد السابق "مائير داجان" الذى أنهى مهامه قبل 4 أشهر، أصدر بعض التصريحات هزت الأوساط السياسية والأمنية داخل إسرائيل فيما يتعلق بالشأن الإيرانى وتوجيه ضربة عسكرية ضدها، وذلك بعكس ما اعتاد عليه المسئولون الإسرائيليون بالقول بأن جميع الخيارات موضوعة على الطاولة فيما يتعلق بطهران بما فيها الخيار العسكرى، حيث أكد على رفضه أن تكون إيران دولة نووية. وأعتبر الرئيس السابق لجهاز الموساد فكرة قيام سلاح الجو الإسرائيلى بمهاجمة المنشآت النووية الإيرانية فكرة "غبية" جداً، ولا تعطى الأفضلية لإسرائيل. وأضاف داجان، أنه بخلاف العراق الذى كانت إسرائيل قد دمرت مفاعله النووى عام 1981 فقد تمكنت إيران من نشر منشآتها النووية فى أنحاء مختلفة من أراضيها، مما يصعّب شن هجوم عليها. وأضاف أن أى هجوم إسرائيلى من شأنه إشعال فتيل الحرب مع إيران ملمحاً إلى قدرة إيران ووكيلها حزب الله على استهداف إسرائيل بالصواريخ على مدى أشهر، محذراً أيضاً من احتمال انضمام سوريا إلى هذه الحرب. ورأى رئيس الموساد السابق أن الحل يكمن فى المجتمع الدولى، الذى يجب عليه أن يعتبر المشكلة الإيرانية كمشكلة دولية، وأن يستمر فى العمل لعرقلة التطور النووى فى إيران. وأوضح داجان خلال ندوة عُقدت بالجامعة العبرية بالقدسالمحتلة إلى التغييرات الإقليمية، معتبراً أنها تعكس الشروخ التاريخية فى المجتمعات العربية ولا يجوز اعتبارها ثورية. وعن الأوضاع فى سوريا حبّذ داجان فكرة الإطاحة بنظام بشار الأسد فى سوريا، قائلاً إنها تتماشى مع المصالح الإستراتيجية الإسرائيلية كونها ستمنع استمرار نقل المساعدات الإيرانية إلى حزب الله وتراجع النفوذ الإيرانى وتعزيز المحور السنّى، مضيفاً "الأسد والطائفة العلوية فى سوريا، سيقاتلون حتى النهاية، لأنه ليس لديهم خيار ثالث بين الانتصار والموت، وهم يفهمون هذا جيداً". ورأى داجان أنه لا يوجد تسونامى تغيير فى منطقة الشرق الأوسط، مشيراً إلى أن كل ما يحدث يدل على انشقاقات تاريخية فى المجتمع العربى، وأن حاجز الخوف تم رفعه ولا يمكن إخفاء ما يقع من أحداث. وفيما يتعلق بقضية الجندى الأسير لدى حركة حماس "جلعاد شاليط"، أكد داجان على أنه يؤيد إتمام صفقة التبادل ولكن ليس بأى ثمن، قائلاً: "هناك أمور لا تسمح الحكومة لنفسها القيام بها". وبخلاف آراء كبار المسئولين بالنظام الأمنى والعسكرى والسياسى الإسرائيلى، ممن يعتقدون أنه بالإمكان إطلاق سراح أسرى فلسطينيين قال داجان أنه فى أعقاب صفقة التبادل مع حزب الله قُتِل الكثير من الإسرائيليين.