من حق 28 محافظا فى مصر، أن يشدوا شعورهم حينما يتابعون فواتير رجال الأعمال – أبناء لجنة سياسات الحزب الحاكم - التى ينثرونها تحت أقدام النساء، لتنبع البركة الحديثة فى مصر اليوم من ينابيع الجنس والفساد. واحد من هؤلاء المحافظين، اللواء محمد شعراوى محافظ البحيرة، الذى يحق له أن يشمئز "قرفا" ويفرك أنيابه غيظا على الملايين الخمسين التى صرفها هشام طلعت مصطفى على سوزان تميم خلال عامين، لأن الرجل "مزنوق" فى أقل من هذا المبلغ لرصف طرق وإدخال كهرباء فى مناطق عديدة من الأراضى الصحراوية التابعة لحزام المحافظة، أو رصف طريق التوفيقية الرئيسى الذى تحول إلى مهلكة تحت عجلات أكثر من 2000 شاحنة تستخدمه يوميا، لنقل خيرات مزارع مديرية التحرير إلى أسواق الدلتا. أعرف من هذه المناطق أو المشاريع، مشروعا واحدا يحتاج خمسة ملايين فقط لرصف طرقه وإدخال الكهرباء إليه ليصبح بإذن الله جنة من جنان مصر التى وعد الله بها المتقين، وهو مشروع ال 36 ألف فدان فى منطقة الجعار (وادى النطرون - غرب الطريق الدولى). المساحة الهائلة (36 ألف فدان) تحتاج 720 بئرا ارتوازيا لتخضيرها، وفقا لتعليمات المحافظة وأنظمة الدولة الهادفة لإثبات الجدية فى التعامل مع الأراضى الصحراوية. ولأن الدولة لا تلقى بالاً للأهالى الذين نزحوا من المدن المعمورة والقرى المأهولة، وباعوا الغالى والنفيس من أجل التوسعة فى الصحراء، لم يتم إنشاء سوى 20 فى المائة من هذه الآبار التى تعمل بمولدات السولار. لكن لو أن الكهرباء موجودة، أو تبرع رجل مثل هشام طلعت مصطفى بخمسة ملايين جنيه لمحافظة البحيرة، أو الإسماعيلية، أو أى محافظة فى الصعيد، أو أى محافظة من تلك التى تملك ظهيرا صحراويا يسد جوع مصر، لكان تبرعه نبيلا، بدلا من رعاية سيقان سوزان تميم التى باعته فى أقرب محطة ل "البودى جارد" العراقى، لمجرد أنه وسيم. لو أن كل خمسة ملايين جنيه ساهمت فى نماء مشروع حجمه 36 ألف فدان، لكانت الملايين الخمسين التى ضاعت فى تسمين سيقان سوزان تميم قد أحيت 360 ألف فدان بإذن الله. وبالمناسبة، ومن واقع الخبرة العملية، فإن كل فدان يفتح بيتا مكوناً من 6 أفراد حسب إحصائية 1996، وكل فدان يستوعب عاملين زراعيين، ومعنى ذلك أن الملايين الخمسين كانت كفيلة بفتح 360 ألف بيت، وهى كفيلة رسميا بإعالة 2 مليون و160 ألف نسمة، كما تفتح فرص العمل لنحو 720 ألف عامل، وتنتج 3.6 مليون أردب قمح، بما يساوى 5.58 مليون طن قمح. ولأن مفتش تموين خبيراً أكد لى أن كيلو الدقيق ينتج 10 أرغفة من خبز الدولة المدعوم، فمعنى ذلك أن الملايين الخمسين "بتوع" هشام طلعت مصطفى، كانت كفيلة بالتسبب فى إنتاج أرغفة خبز تغطى شوارع مصر. الحسبة تجعل العقل "يشت" من الرأس، لأن المسألة ستدخل فى حسبة "برما" التى بدأت بالبيضة، لتنتج فرخة، ثم مجموعة فراخ تنتج خروفا، وبعدها قطيعا، قبل أن ينسكب حليبها كما انسكب دم سوزان فى دبى، لنخسر الأخضر واليابس ويجف الضرع والزرع بأمر الجنس. هذا عن القمح وحده، فما بالك بما تنتجه هذه المساحة سنويا من برسيم، وطماطم وباذنجان، وذرة، أو زيتون، أو بطاطس، وغيرها من خيرات الله. وهذا عن هشام وحده، فما بالنا لو عثرنا فى مصرنا على "المليون هشام" الذين ورد ذكرهم فى مقال الكاتب عماد عمر بعنوان "بلد المليون هشام" فى موقع اليوم السابع، بتاريخ 10/9/2008، وتصدى كل منهم لهذا المشروع القومى، بخمسة ملايين جنيه فقط، أى بمبلغ فاتورة هشام لسوزان فى سفرية واحدة، أو كان كل هشام فى مصر مسلم أو مسيحي، يحمل ذرة دم حارة مثل الدماء التى تجرى فى عروق الأمريكى بل جيتس؟ بل جيتس اعترف بأن مكاسبه التى بلغت أكثر من 50 مليار دولار (250 مليار جنيه) جاءت من الشعب الأمريكى، فاكتفى منها بقيمة الإنجاز، وأعادها للشعب مرة أخرى، ليواصل رحلة شيقة وشاقة ومحترمة لجمعها من جديد، وتلك قيمة العمل من أجل الثمرة، شرط أن تكون ثمرة قيمة إنسانية وليست قيمة منحطة يجنيها رجل أعمال فارغ من حضن امرأة. لو ظهر فى البر والبحر مليون هشام، وأظنه رقم متواضع جدا فى مصر، لاختفى فيها الجائعون والمرضى، واختفى منها الكبد الوبائى والعجز الجنسى الذى يصيب الولدان بسبب الاكتئاب والفقر والتلوث البيئى، والعيش فى بيئة نهبها رجال الأعمال، وطاروا إلى جزرهم الغناء، كل يغنى على "سوزانه". الحسبة كبيرة، والمصيبة أكبر فى شاب لم تنتجه طفرة، بل كان ثمرة كفاح وعصامية حقيقية من أب عاش بسيرة طلعت حرب، ومات قبل أن يقتله هشامه النزق بالزيجات الغامضة والفساد الضارب فى العظام، والمغطى بالجشع غير المبرر. ماذا لو رهن هشام تلك الفاتورة لإنتاج القمح والبيض والحليب لأطفال مصر، وماذا لو ستر بها أهالى الدويقة فى غرف آمنة نسبيا؟ شخصيا: أعرف كما كبيرا من القرى المصرية الغارقة فى الظلام والصرف الصحى، وتحتاج إلى أقل مما كانت سوزان تنفقه شهريا على المجوهرات من حسابات هشام طلعت مصطفى، كى تنيرها الكهرباء، وكى يعيش أهلها فى مأمن من أمراض الملاريا والبلهارسيا والكبد الوبائى. لو أن فى مصر مليون هشام "لكن بدون سوزان"، لكانت مصر كلها "رحاب" و"ياسمين" و"مدينتى"، ولم تكن فى مصر "دويقة" ومنشية ناصر، وغيرها من أماكن العشوائيات فى مصر، وكانت مساحتها المزروعة قد زادت بمقدار مليون فدان سنويا، بدلا من استيراد 60 فى المائة من احتياجاتها من القمح، ولكانوا سببا فى عودة أبناء مصر المهجرين فى الخارج يصارعون "قلة القيمة" بحثا عن رزق، وهربا من البطالة. اللهم ارحم المهندس طلعت مصطفى، الذى كان مثلا يحتذى فعلا، وأفسد ابنه المدلل تاريخه المشرف فى كتاب منظومة مصر المعمارية الحديثة، فحرمه بذلك من أن يبنى له تمثالا، على غرار طلعت حرب بانى نهضة مصر الاقتصادية. الفرق بين طلعت مصطفى وطلعت حرب أن الأخير مات قبل أن يظهر من ظهره ولد مثل هشام طلعت مصطفى، أحد الذين أحيلت لهم خيرات البلاد فنثروها تحت أقدام النساء، حين غاب عقله فى حب امرأة.