يشهد حى الأزهر بمنطقة الحسين حالة من الرواج الثقافى والإبداعى على مستوى العام، أما فى شهر رمضان، فيكون المذاق ذا طعم أكثر حلاوة وبه إطلالة وروح الشهر الكريم. حين تغادر مسجد الحسين وتمر تحت النفق تجدك أمام حارة بيت الهراوى وزينب خاتون، يجذبك منظر الأطفال الصغار وهم يحملون فوانيس رمضان بأشكالها المختلفة مرددين أغانى رمضان "وحوى يا وحوى، مرحب رمضان، أدونا العادة"، وهو تقليد مازال صغار هذه المنطقة يفعلونه، يحملون الفانوس ويطرقون الأبواب ويوقفون المارة طالبين العادة ، وهى أى شيء يوزع عليهم: حلوى، نقود، ابتسامة . لا تتعجب إن وجدت أحد المثقفين ينحنى على الأرض يقبل طفلا، ويجلس بقدم ونصف على أحد الأحجار بالشارة ويصفق ويغنى معهم ويلتف حوله الأطفال مرددين "أهلا رمضان أهلا رمضان". تحاول أن تكمل طريقك لبيت الهراوى أهم البيوت الأثرية المشهورة بها القاهرة، سمى باسمه الحالى نسبة إلى آخر ملاكه عبد الرحمن بك الهراوى الذى غادره سنة 1921. تجتاز هذا الممر الضيق الذى يواجهك فيه البيت ببنائه الفريد، وتود معرفة صبر من بناه فالبيت بأكمله نتاج كثير من التعديلات, فإذا كان الجزء الأكبر يرجع إلى سنة 1731، فالباقى يرجع إلى نهاية القرن السادس عشر، والمدخل يرجع إلى القرن التاسع عشر. ستجد فى هذا الممر وعلى الجانبين وجوها كثيرة، هرولت لبيت الهراوى لقضاء إحدى السهرات الرمضانية، وسوف تجد أيضا كثيرا من كاميرات التليفزيون تختاره مكانا لتصوير برامج رمضان، قد تقابل شافكى المنيرى أو منى الحسينى، لكنك تبحث فى 3 قاعات يتضمنها البيت، وستجد كافة القاعات مجهزة للعرض، فتختار أن تجلس فى القاعة التى تتصدر مدخل البيت، لتطل عليك المشربيات بروعة العصر. ستبحث عن مقعد وسط القاعة، ولن تجد، فالمصاطب المفروشة بالسجاد جزء أصيل من المكان ستجلس بصعوبة وسط أكثر من 70 شخصا، لتستمتع بالبرنامج اليومى (ليالى بيت الهراوى الثقافية). ستشارك فى الرقص وأنت تشاهد الرقصات الصوفية، وتجدك تتمايل معهم لتخرج ما بداخلك من مخزون الطاقة، وتهيم وأنت تنشد معهم أجمل الكلمات الروحانية، ستجد من بجوارك يخرج سفير إعجاب وأخرى ترقص وترقص لتصبح جزءا من اللقطة، وآخرين تتعالى أصواتهم مرددين مدد مد يا حبيب الله. ستخرج وأنت مبتسم وراضى وتعود فى اليوم التالى لتجد فرقة التنورة لإحياء التراث وزيهم المميز، وكيف يبدعون فى رفع التنورة لأعلى ليثور المتفرجون مصفقين، وأنت تسمع أجزاء من السيرة الهلالية لابن عروس والأبنودى، وتسمع أغانى الصعيد مع دنيا مسعود . لتغادر الغرفة وتدخل قاعة عرض أخرى لتسمع عزف نصير شمة الذى أطلق اسما ببيت العود العربى على بيت الهراوى وحوله إلى مركز للحفاظ على فنون العزف على العود وقبلة يقصدها المعلمون، وراغبو تعلم العزف على الآلة العربية العريقة. لتجدك فى مكان أجمل ما يميزه تقديم العروض الفنية الجميلة، وتقديم الغناء الأصيل والفقرات الرائعة من غناء مصرى أصيل مثل الفنان على الحجار أو فقرات لفرقة الورشة الرائعة وغيرها، وأيضاًَ إقامة الندوات الفنية والثقافية، وبين الشعر والموسيقى والغناء يحلو السهر فى رمضان.