انطلاق المرحلة الثانية من البرنامج القومي لتنمية مهارات اللغة العربية بمدارس بورسعيد    قرار وزاري يمنح موظف ب كفر الشيخ صفة الضبط القضائي (تفاصيل)    وزارة التضامن تقر قيد 3 جمعيات في محافظتي القليوبية والفيوم    رسميا.. سعر الدولار مقابل الجنيه اليوم الأحد 26 أكتوبر 2025 في البنوك    أسعار الخضار والفاكهة اليوم الأحد في أسواق أسوان    محافظ المنوفية يتفقد أعمال تطوير ورفع كفاءة بكورنيش حى شرق شبين الكوم    تأخير الساعة 60 دقيقة.. ضبط الأجهزة على التوقيت الشتوي في مصر 2025    رئيس مجلس الدولة الصيني: بكين مستعدة للعمل مع أعضاء الآسيان    ماذا على جدول ترامب فى جولته الآسيوية؟.. صفقات وسلام وتهدئة لحرب تجارية    بوتين يعلن عن نجاح اختبار صاروخ بوريفيستنيك المجنح النووى    مصطفى عسل يتوج بلقب بطولة الولايات المتحدة للاسكواش 2025    لإعدادهم نفسيًا.. تقرير يكشف طريقة فليك في اختيار تشكيل برشلونة    "هيتجنن وينزل الملعب" | شوبير يكشف تطورات حالة إمام عاشور وموقفه من تدريبات الأهلي    «كنت بربيهم».. تفاصيل ضبط سيدة بتهمة تعذيب طفليها داخل حمام منزلها في الغربية    تقلبات فصل الخريف.. الأرصاد تحذر: سحب وأمطار متوقعة فى هذه المناطق    «الداخلية»: مقتل 4 عناصر في تبادل إطلاق النيران مع الشرطة في أسوان    ربة منزل تنهي حياة ابنها لتعاطيه مخدر الآيس فى بولاق الدكرور    «الداخلية» تكشف حقيقة فيديو إطلاق النار داخل قرية في أسيوط    عالمة مصريات فرنسية: المتحف المصري الكبير دعوة للعالم لاكتشاف ثراء الحضارة المصرية    عمرو الليثي: "يجب أن نتحلى بالصبر والرضا ونثق في حكمة الله وقدرته"    تعرف على مواقيت الصلاة بمطروح اليوم 26 اكتوبر وأذكار الصباح    مدبولى: متابعة دورية من الرئيس السيسى لجهود تطوير منظومة الرعاية الصحية    وزارة الصحة: اعتماد البرنامج العلمى للنسخة الثالثة للمؤتمر العالمى للسكان والصحة والتنمية البشرية    عاجل- التضامن تخصص 12 ألف تأشيرة حج لأعضاء الجمعيات الأهلية لعام 2026    حالة الطقس اليوم الأحد في السعودية .. سحب رعدية محلية جنوب غربا    الهلال الأحمر يدفع بأكثر من 400 شاحنة محملة ب10 آلاف طن مساعدات إلى غزة    اعتقال 19 فلسطينيا ومواجهات مع الجيش الإسرائيلي في الضفة الغربية    رئيس جامعة المنيا: «وطن السلام» رسالة مصرية تؤكد دور الدولة في صناعة السلام    د. فتحي حسين يكتب: الكلمة.. مسؤولية تبني الأمم أو تهدمها    وزارة التعليم تكشف تفاصيل صرف المستحقات المالية لمعلمى الحصة برياض الأطفال    المستشار محمود فوزى يوضح أهم القواعد المنظمة لتشكيل اللجان النوعية بالشيوخ    عدم إعادة الاختبار للغائب دون عذر.. أبرز تعليمات المدارس للطلاب مع بدء امتحانات أكتوبر    مجلس طب قصر العيني يوافق على إنشاء أقسام تخصصية دقيقة في الجراحة    مدفوعة الأجر.. موعد إجازة افتتاح المتحف المصرى الكبير    بعد تصدره التريند.. التفاصيل الكاملة لمسلسل «كارثة طبيعية» بطولة محمد سلام    القومي للترجمة يقيم صالون "الترجمة وتحديات التقنية الحديثة" في دورته الأولى    روزاليوسف.. قرن من الصحافة الحرة وصناعة الوعى    «واشنطن بوست»: ترامب يصعد التوترات مع كندا برفع الرسوم الجمركية    مراسم تتويج مصطفى عسل وهانيا الحمامي ببطولة أمريكا المفتوحة للاسكواش    مواعيد مباريات اليوم الأحد 26-10- 2025 والقنوات الناقلة لها    بتروجت: وافقنا مبدئيا على انتقال حامد حمدان للزمالك في يناير    هل تغير سعر الفائدة على شهادات بنك مصر؟ وما الشهادات المتاحة؟    أطعمة تعزز التركيز والذاكرة، أثناء فترة الامتحانات    7 ملايين و180 ألف خدمة طبية خلال حملة 100 يوم صحة بالإسكندرية    طب قصر العيني: ضوابط وآليات للتدريس الإلكتروني Online وإتاحة مقررات إلكترونية    موعد بدء شهر رمضان 2026 في مصر وأول أيام الصيام    أسعار اللحوم الحمراء اليوم الأحد 26 أكتوبر    أسعار البيض اليوم الأحد 26 أكتوبر    «لأول مرة من 32 سنة».. ليفربول يسجل رقمًا كارثيًا بعد سقوطه أمام برينتفورد    صابر الرباعي يحيي ذكرى محمد رحيم بأغنية «وحشني جدًا» في ختام مهرجان الموسيقى العربية    أسعار الفضة في مصر اليوم الأحد 26 أكتوبر 2025    النائب خليل: مصر بقيادة السيسي منارة للسلام وصوت للحكمة    هشام عباس وميريهان حسين وياسر إبراهيم يشاركون أحمد جمال وفرح الموجى فرحتهما    اشتباكات بين الجيش السوري و"قسد" شرق دير الزور    مواقيت الصلوات الخمس في مطروح اليوم الأحد 26 أكتوبر 2025    بداية شهر من الصلابة.. حظ برج الدلو اليوم 26 أكتوبر    محمد الغزاوى: أخدم الأهلى فى جميع المناصب ونمتلك أقوى لاعبى اسكواش بأفريقيا    مواقيت الصلاه اليوم السبت 25 أكتوبر 2025 في المنيا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



السينما حذرت.. فمتى يهتم المسئولون؟
نشر في اليوم السابع يوم 06 - 04 - 2011

لن ينتهى دور السينما فى الكشف عن أهم قضايا المجتمع المصرى، فجاء حديثى فى مقال سابق عن دورها فى الكشف عن قضايا الفساد السياسى، والذى تركز فى الأنظمة السابقة التى حكمت مصر، وما اتسمت به من أوجه الفساد مثل إساءة استخدام السلطة والتعذيب والرشوة والمحسوبية وانتهاك حقوق الإنسان وغيرها، والآن أشير إلى دور السينما كمرآة تعكس خطر الانهيار فى مصر، وتوجه رسالتها إلى النظام الحاكم، والتى تمثل إنذارا لنا لابد من الانتباه له، لذا يهدف المقال إلى مناقشة البعد الاجتماعى والاقتصادى فى بعض الأعمال الفنية وليس جميعها.
ومنها فيلم "حين ميسرة" الذى قدمه المخرج خالد يوسف، وكان أكثر الأعمال الفنية جرأة وارتباطا بالواقع، كما كان أكثرها إثارة للجدل، لأنه طرح قضيتين فى غاية الأهمية، الأولى هى "مجتمع العشوائيات"، هذا المجتمع الذى يمثل دولة داخل الدولة المصرية، لأن له طبيعة مختلفة عن طبيعة المجتمع المصرى سواء على المستوى الأخلاقى أو الثقافى أو المادى أو الاجتماعى أو السياسى أو الأمنى، مما جعله دوله أخرى تختلف عن الدولة الأم، وتحكمها قوانين الغاب والفوضى والفقر والجهل، وهى القضية التى تمثل أحد أهم قضايا الرأى العام والتى اهتمت بها منظمات حقوق الإنسان داخل وخارج مصر، لأن المناطق العشوائية وما بها من فقراء تمثل إحدى المشكلات التى يجب أخذها فى الاعتبار عند دراسة عناصر الخلل الاقتصادى والاجتماعى والسياسى فى أى دولة، وخصوصاً فى عملية التنمية والمشاركة السياسية، فوجود أكثر من ألف منطقة عشوائية فى مصر يسكن بها ملايين المواطنين ممن يفتقرون لسبل الحياة الكريمة اجتماعياً واقتصادياً وسياسياً لا شك أنه يُعطل أى تقدم أو تنمية مجتمعية.
وتعرض الكاميرا الفنية فى فيلم "حين ميسرة" منطقة عشوائية فى مصر القديمة، يسكن بها نصف مليون مواطن مصرى، يفتقدون حقوقهم الأساسية سواء الاجتماعية مثل المسكن المناسب والمشرب والمأكل والخدمات الاجتماعية المناسبة وحق التملك وحق التعليم والتمتع بصحة جيدة، أو الحقوق الاقتصادية مثل الحق فى وظيفة مناسبة ودخل مناسب والحق فى التنمية من خلال توزيع عادل للناتج القومى، أو الحقوق الثقافية والتى افتقدها مواطنو العشوائيات حيث نجد انهيار منظومة القيم والعادات والتقاليد لديهم، نظراً للظروف المُتدنية التى يحياها المواطن فى هذه المناطق، كما يفتقدون الحق فى الحصول على المعلومات بكافة أنواعها ووسائلها، أو الحقوق السياسية مثل الحق فى تنمية الوعى السياسى والمشاركة السياسية، حيث افتقد مواطنو العشوائيات للوعى السياسى والثقافة السياسية مما دفع البعض لأن يستغل جهلهم أثناء الانتخابات بشراء أصواتهم مقابل المال الذى هم فى حاجة إليه، فضلاً عن تهميشهم واستبعادهم من جانب السلطة السياسية، وبالتالى تتناقض هذه الأوضاع مع حقوق الإنسان التى نص عليها الإعلان العالمى لحقوق الإنسان -والذى صدقت عليه مصر- حيث تنص المادة 25 من البند 1 على أن "لكل شخص الحق فى مستوى معيشة يكفى لضمان الصحة والرفاهية له ولأسرته، وخاصةً على صعيد المأكل والملبس والمسكن، والعناية الطبية وصعيد الخدمات الاجتماعية الضرورية، وله الحق فى أن يأمن من الغوائل فى حالات البطالة أو المرض"، ولا شك أن هذه الأوضاع أيضاً تتناقض مع نصوص الدستور الذى ظل يحكم مصر 30 عاماً، وكأنه لم يحكم، وكأن نصوصه كانت موضوعة لتحكم دولة أخرى أو ليبكى عليها المصريون، حيث نصت المادة ال 16 من الدستور الموقوف على " تكفل الدولة الخدمات الثقافية والاجتماعية والصحية، وتعمل بوجه خاص على توفيرها للقرية فى يسر وانتظام رفعا لمستواها، كما نصت المادة ال17 على " تكفل الدولة خدمات التأمين الاجتماعى والصحى، ومعاشات العجز عن العمل والبطالة والشيخوخة للمواطنين جميعا، وذلك وفقا للقانون"، فكيف تكون هذه النصوص موجودة فى الوقت الذى كانت تتزايد فيه العشوائيات فى مصر؟
أما القضية الثانية التى يعرضها الفيلم "قضية أطفال الشوارع"، وهم النتاج الصادر عن العشوائيات وغيرها، ويفتقدون كل حقوقهم سواء فى الحماية أو التعليم أو الصحة أو التنشة السليمة، مما يجعلهم مواطنين غير صالحين، وحاقدين على المجتمع الذى أهملهم، حيث أصبحوا ضحية الظروف القاسية التى نشأوا فيها والتى تسببت فى قتل براءتهم بكل وحشية وظلم، مما جعلهم يكتسبون عادات مخالفة تماماً لعادات المجتمع الأصلى، وبالتالى يخسر المجتمع موردا هاما من الموارد البشرية وهو الاستفادة بطاقة هؤلاء الأطفال، حينما يصبحون شبابا وذلك لتنمية المجتمع، وبالتالى يتعارض هذا الإهمال لهم مع حقوق الطفل المذكورة فى الإعلان العالمى لحقوق الإنسان، حيث نصت المادة 25 بند 2، على أن: "للأمومة والطفولة الحق فى الرعاية والمساعدة ولجميع الأطفال حق التمتع بذات الحماية الاجتماعية سواء ولدوا فى إطار الزواج أو خارجه"، وكانت توجد مادة أخرى فى الدستور المعُطل وهى المادة رقم 10 "تكفل الدولة حماية الأمومة والطفولة، وترعى النشء والشباب، وتوفر لهم الظروف المناسبة لتنمية ملكاتهم"، ولم تلتزم الحكومة المصرية بالإعلان العالمى الذى صدقت عليه، ولا بنصوص الدستور المصرى الذى كان يحكم البلد، حتى سقطت وسقط معها الدستور.
فأصبحت العشوائيات الآن وما بها من فقراء الشرارة الموجودة فى المجتمع المصرى، نتيجة لظروف الحياة بها، وأخطر ما ينتج عنها هو "الجهل" الذى يمثل العدو الأساسى لأى مجتمع، ويمثل الآفة التى تأكل أساسات المجتمع حتى تقضى عليه، وتصل به إلى الانهيار، ويزداد هذا الخطر كلما زاد عدد المناطق العشوائية، ولا نغفل أنها أصبحت تربة خصبة لتجارة المخدرات من جانب كثير من شبابها الذين يجدون فى هذه التجارة مورداً للمال، وأيضاً تربة خصبة لنمو حركات التطرف الإرهابى الناقمة على المجتمع، نظراً لقسوة الظروف التى عاشوها، ولا شك أنهم سيمثلون خطراً داهما يمكن أن يندفع للقيام بثورة للحصول على حقوقهم، ولكنها ستكون ثورة تخريبية انتقامية نتجت عن فاقدى الوعى، وكارهى المجتمع والدولة التى حرمتهم من حقوقهم الأساسية، وأدت لانعدام قيم المواطنة لديهم، وغياب فكرة الحق والواجب.
أما الفيلم الآخر هو "عايز حقى"، فقد حمل رسالتين بطريقة كوميدية ساخرة، فالأولى وجهها للنظام الحاكم السابق، حيث طالب المواطن بحقه فى التنمية الاقتصادية من خلال توزيع عادل للناتج القومى، وناقش قضية الخصخصة أو بيع القطاع العام من جانب الحكومة، وما ينتج عنها من حصول كل مواطن على حقه فى ثمار التنمية، حيث تساءل عن حقه فى أموال بيع القطاع العام، والتى وفرها له الدستور، ولكن غفلها أو تغافلها النظام الحاكم، الذى لم يعتد بنص المادة ال 30 من الدستور الموقوف، والتى تنص على " الملكية العامة هى ملكية الشعب، وتتأكد بالدعم المستمر للقطاع العام، ويقود القطاع العام التقدم فى جميع المجالات ويتحمل المسئولية الرئيسية فى خطة التنمية"، ولا أساس لهذا النص، ولا أساس لتجمل الحكومة السابقة لأى شىء خاصةً المسئولية الرئيسية فى خطة التنمية، فعلى الرغم من أنها هى التى وضعت سياسات الخصخصة إلا أنها فشلت فشلا ذريعا فى تحقيقها، ولم نجد أى دلائل للتنمية، لكى نقتسم ثمارها، أما الرسالة الثانية فهى "إعلاء قيمة الانتماء للوطن وتغلبها على المصلحة الشخصية"، حيث يظهر العمل الفنى أنه رغم حصول مواطن بسيط على توكيلات أكثر من 51% من الشعب للتصرف فى الأملاك العامة، وأيضاً رغم ما حققه المزاد العلنى من أرقام قياسية تفوق ما كان يتوقعه هذا المواطن البسيط، إلا أن قيمة الانتماء تغلبت على طموحاته، وفضل عدم التفريط فى شبر واحد من أرض هذا البلد مهما يكن الثمن.
الأمر الذى يدفعنا لأن نوجه رسالة هامة للنظام الحالى والنظام القادم، بأن ينتبه لأمرين، الأول هو التنبه لخطر العشوائيات وتزايدها، وعليه ألا يتأخر فى إعطاء قاطنيها حقوقهم، وأن يعاملهم كمواطنين مصريين لهم آدميتهم، وألا يتبع سياسة النظام السابق التى قد تؤدى لانهيار هذا البلد، وقيام ثورة تخريبية، وأن يحمى أطفال الشوارع من خطر العيش بالشوارع، وعدم إهدار الثروة البشرية، والأمر الثانى أن يكون عادلاً فى توزيع الناتج القومى على المواطنين، لأن النظام القوى يقوى بشعبيته وبقدرته على الوصول إلى جميع المواطنين، وأن يعطى الفقراء حقوقهم، ويقضى على الفجوات بين طبقات المجتمع، لأن حصول المواطنين على حقوقهم يزيد من إحساسهم بالمواطنة والانتماء، وبأنهم جزء من تنمية المجتمع، ولابد من مشاركتهم فى هذه التنمية بالعلم والعمل والحفاظ على العادات واحترام الدين وحب الوطن بكل صدق ووفاء، فهذه رسالتى للنظام الحالى مهما استغرق من مدة فى الحكم، وللنظام القادم حينما يأتى، إن أراد أن يحمى مصر وشعبها من خطر الانهيار.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.