ربما يكون من المواهب القليلة والنادرة فى مجال التقليد، فما من شك من القدرة الفائقة التى يمتلكها الفنان أو الإعلامى أو المقلد ماجد القلعى الذى استطاع فرض اسمه فى وقت قصير على ساحة المقلدين التى تعانى من الإهمال رغم انجذاب الجمهور إليها. فالقلعى ليس جديدا على التقليد، فقد كان يقدم حفلات فى التليفزيون المصرى، وعرف بتقليده لعدد من الفنانين مثل حسين فهمى وعبد الوارث عسر وعماد حمدى ووحيد سيف ومصطفى فهمى، إلى جانب الوجوه النسائية التى برع فى استحضار لزماتهن مثل ميمى شكيب ومارى منيب وسناء جميل. وحينما أتيحت له فرصة الظهور فى برامج خاصة برز كأحد أفضل الموجودين على ساحة التقليد، حينما بدأ فى تقليد الإعلامى محمود سعد فى برنامج اليوم يومك والذى كان يذاع على قناة نايل كوميدى والذى مكنه من تقديم عدة شخصيات من خلال البرنامج كالشيخ خالد الجندى ويونس شلبى ومفيد فوزى وحسين فهمى والتى كان يؤديها بإتقان شديد من خلال أصواتهم وحركاتهم ولزماتهم المعروفة عنهم، فطبق أصول التقليد الصحيحة والتى تتجسد فى الشكل العام للشخصية، بالإضافة لصوتها ولزماتها. ولكن مع قيام ثورة 25 يناير واختفاء الخطوط الحمراء للحرية وإزالة سقفها ظهر القلعى ببرنامج جديد وهو"لخبطة" من إنتاج قناة الحياة ليعيد تقديم شخصيات سبق وأن قدمها، ولكنها ممزوجة بتغيرات الثورة الجديدة مثل المكالمة الشهيرة بين محمود سعد ووزير الإعلام السابق أنس الفقى فى برنامج مصر النهارده والتى ذكر فيها الفقى أن سعد يتقاضى نحو 9 ملايين جنيه سنويا كأجر له، بالإضافة إلى تقليده لعدة شخصيات ظهرت مع الثورة مثل محمد البرادعى مرشح للرئاسة والرئيس الليبى معمر القذافى مع "التوك توك" الشهير والمفاجئة الكبرى تقليده للرئيس السابق لمصر محمد حسنى مبارك، والذى ظهر وهو تارك منصبه، لكنه يتحدث من نفس المنصة التى كان يلقى خطبه من عليها، فضلا عن الفنانة الراحلة سناء جميل والتى قام بتقليدها فى شخصية فضة المعداوى كمقدمة برامج وهى ممسكة بيدها "شيشة" وتتهكم على "تامورة" بسخرية شديدة وعلى أغانيه وما حدث له فى ميدان التحرير حينما تعدى عليه الثوار. ولكن ما يقدمه القلعى يرتقى بعض الأحيان إلى التطاول على الشخصية التى جسدها ربما يكون من منطلق الكوميديا والسخرية من موقف ما أو حدث اشتهرت به تلك الشخصية ولكن تلك التهكمات ربما تكون زادت على الحد، وأصبح لسان حال الكثير من معارضى البرنامج أنه ليس معنى سقوط النظام، وارتفع سقف الحريات إلى أعلى مدى ومرحلة لم نعشها من قبل أن يكون ذلك مبررا للتهكم على شخصيات بعينها. فمرشح الرئاسة د/ محمد البرادعى تناوله القلعى فكان على مستوى الشكل مطابق له وكذلك نبرة الصوت، ولكن كان محتوى التقليد غير لائق، حيث أكثر من "التأتأة" التى عرف بها البرادعى وكذلك المصطلحات الإنجليزية، وكأنه غريب عن مصر، كما أوحت الفقرة أن البرادعى لا يفقه شيئا عن مصر ويخطئ فى أسماء أشهر الأماكن بها، بالإضافة إلى تهكمه مما حدث للبرادعى فى منطقة المقطم أثناء الاستفتاء حينما تم رشقه بالحجارة وهو الذى يعد إشارة إلى تبنى الموقف المعارض للبرادعى والذى يتهم بجهله بمصر والمصريين. أما الفنانة القديرة الراحلة سناء جميل أو "فضة المعداوى" فأخرجها القلعى فى شكل سيئ للغاية، حيث معروف أن سناء جميل جسدت أفضل أدوار حياتها فى مسلسل "الريا البيضا" فى دور المعلمة "فضة" السيدة الشعبية، ولكن القلعى جعلها مقدمة برامج تكشف ملفات أمن الدولة فيسقط فى يدها ملف "تامورة" ويظل القلعى يتهكم على المطرب الشاب. أما المفاجأة فكانت فى تقليد القلعى للرئيس السابق حسنى مبارك بطريقة أذهلت عدد كبير من المشاهدين، حيث تحدث عن مصطفى محمود ودوره فى لم شمل الأغلبية فى إشارة منه على مسجد مصطفى محمود الذى تجمع عنده عدد من مؤيدى الرئيس السابق، وقال لو كنت فى الحكم لقلدته قلادة عظيمة. جاء المضمون ضعيفا للغاية على الرغم من الموهبة الكاسحة للقلعى الذى ربما يتمكن من إظهار قدرات أكثر مما رأينا، ولكن إذا توفر لديه مضمون جيد وهادف، لأن التقليد الآن أصبح من أهم وسائل التعبير عن الرأى.