أفرزت ثورة مصر نماذج عجيبة وغريبة من البشر, سماهم البعض "المتحولون"، ونعتهم البعض الآخر بالمتلونين وراق لفريق ثالث وضعهم فى على قمة هرم النفاق, وجميعهم سال "لعابهم" وهم يرون كعكة ثورة ال25 من يناير تسر الناظرين وتجرى الفرحة فى عروق مصرية نشف فيها الدم بفعل الخوف واليأس وطول الأمل فى انتظار نهار بلا أوجاع الأسعار، وليل بلا إرهاب أمن الدولة. هذه النماذج الغريبة باتت تسكن سطور الصحف و"تلبد" فى شاشات الفضائيات تدندن بأصواتها ال"الحميرية"، وتعظ بمرجعياتها الشيطانية, وقد كانت بالأمس القريب تسبح بحمد السلطان وتلبى دعوات الروتارى, وتبحث عن موضع قدم فى حضرة السيدة الأولى ولا تتردد لحظة فى التضرع للرجالات الحزب الوطنى لتنال البركة وشرف الصحبة على مقاعد الطائرة الرئاسية. حسنات الثورة المباركة كثيرة وأعظم من أن تحدها سطور مقال، ولكن أبرزها أنها منحتنا الفرصة بالمجان, لنرى وعلى "عينك يا تاجر" دراويش الثورة، وهم يأكلون على كل موائد الوطنية بعدما لعقوا أصابعهم فى حجر الوطنى وحقائبه الوزارية ولجانه وجرائده ودوائره. ولا أجد وربما الكثيرون كذلك, تفسيراً لركوب أصابع وذيول النظام السابق موجة التغيير, ومحاولتهم الانخراط فى صفوف الشعب المنتشى بثورته, رغم أن طينتهم غير طينتنا, وقد تكون قدرتهم على التحور تقف وراء ذلك, لكن أين حمرة الخجل يا عالم يا هوووه؟ وأعتقد أن قاموس أمثلتنا الشعبية سيتمدد كثيراً فى الفترة المقبلة ويشهد تعديلاً جبرياً على الكثير منها, فمن اختشوا لم يموتوا, بل سيعيشون ويعيثون نفاقاً وفساداً فى مجتمعنا, بقبح وبجاحة يحسدون عليها, والذى لا يرى من الغربال لن يكون أعمى بل سيمتلك عيون صقر تنهش أحلامنا, وتلصص على طموحاتنا, و"كسرة" الخبز فى يد المصريين سيراها المتحولون "كعكة" ولن يكتفوا بنصيب الأسد, ورغم كل ذلك ستبقى مكتسبات ثورتنا المباركة خالصة لنا ولن يأخذوا منها شيئاً حتى يرون حلمة أذنهم.