حسب المؤشرات الأولية لنتائج الاستفتاء على التعديلات الدستورية، اختار نحو 70% من المصوتين التعديلات الدستورية، ما يعنى أن إجراء انتخابات برلمانية خلال ستة أشهر، ويختار البرلمان القادم لجنة من مائة شخص خلال ستة أشهر أيضا لكتابة دستور جديد للبلاد، فى نفس الوقت الذى تجرى فيه انتخابات رئاسية لاختيار رئيس جديد لمدة أربع سنوات فقط. ورغم وجود بعض الأخطاء خلال الاستفتاء، وليس التجاوزات، مثل تأخر فتح لجان بعض المحافظات، وعدم ختم بعض بطاقات الاقتراع بخاتم اللجنة العليا للانتخابات، وكذلك استمرار الدعاية من المعارضين والموافقين طيلة يوم الاستفتاء بالمخالفة للقانون، فإن تلك الأخطاء لا تؤثر بأى حال من الأحوال على العملية الديمقراطية التى يمكن اعتبارها تاريخية فى الحياة السياسية المصرية. وكل ما أرجوه فى هذه اللحظة أن تتجاوز القوى السياسية مرحلة تبادل الاتهامات بشكل سريع، وتركز على الانتخابات البرلمانية المقبلة، التى تعنى انتهاء المرحلة الانتقالية، وبدء مرحلة جددة من الاستقرار السياسى، يقرر فيها المصريون شكل دولتهم لعشرات السنين القادمة. ورغم أن الإخوان المسلمين والسلفيين والجماعات الدينية دعوا أنصارهم للتصويت ب"نعم" على التعديلات الدستورية، فلا يمكننا، بأى حال من الأحوال، اعتبار نتيجة الاستفتاء تصويت على اختيار مصر لجماعات أو تيارات دينية، فكما كتبت أمس كثيرون من أقاربى ومعارفى صوتوا لصالح التعديلات الدستورية، رغم أنهم فى أى انتخابات قادمة لن يمنحوا أصواتهم للإخوان المسلمين. وفى اعتقادى المتواضع أن معظم من صوتوا ب"لا" اختاروا الاستقرار، والانتقال السريع من الحالة الثورية إلى الاستقرار، بغض النظر عن القوى السياسية التى دعت للتصويت ب"نعم" أو "لا"، لذا يجب علينا جميعا احترام رغبة الأغلبية، وعدم التشكيك فيها. وإذا كانت الأغلبية قد صوتت ب"نعم"، فإنها لم تحسم اختياراتها فى مجلس الشعب القادم، ولا أعتقد أن معظم من خرجوا من منازلهم أمس منتمون أو مرتبطون بأحزاب سياسية أو جماعات دينية، وهو ما يعنى أن الشارع المصرى مفتوح لأول مرة للعمل السياسى، وللانضمام إلى الأحزاب السياسية، للمشاركة بكثافة فى الانتخابات القادمة، وعلى القوى السياسية العاقلة أن تتجاوز سريعاً خلافاتها الداخلية، وتنظر إلى هذه الكتلة التصويتية الكبيرة التى ظلت طوال عمرها صامتة ثم قررت أن تتكلم. لو كنت رئيس حزب، أى حزب، أو أشرع فى تكوين حزب سياسى، لسارعت بالنزول إلى الناس فى القرى والنجوع والشوارع والأحياء العشوائية والراقية، وبدأت حوارات مع الناس، وشرعت فى اختيار مرشحى حزبى للانتخابات فى هذه اللحظة وبدأت فى دعمهم، فالشارع متعطش للسياسة والمشاركة فى العمل العام، وعلى الأحزاب جميعها أن تخرج من شرانقها قبل فوات الآوان. [email protected]