من هم المصريون بالخارج؟ لو تركنا أذهاننا للتفكر فيهم دون أى نوع من التحامل عليهم، لو وضعنا أنفسنا فى أماكنهم، سنجد أنهم حرموا من أوطانهم لما عانينا نحن جميعا فى السنوات الماضية من فقر وتدهور اقتصادى وبطالة.. هل ارتكبوا ذنباً ببحثهم عن حياة أفضل؟ هل تركوا بلادهم لأنهم كرهوا العيش فيها؟ إنهم أكثر الناس حباً لهذا الوطن، وأنهم حريصون كل الحرص أن تكون مصر أفضل من البلاد التى هاجروا إليها بحثاً عن الاستقرار وتحسين ظروف المعيشة. هؤلاء منهم الطبيب الذى سافر ليجد فرصة عمل بعد أن لازم الأطباء منازلهم أو كانوا يتقاضون أجوراً غير منطقية لا تساعدهم حتى على إعانة أنفسهم، ومنهم أيضا العلماء ممن تم تجاهله ومنعه من ممارسة حقه العلمى والأدبى، واعتلاء المناصب فى الدولة، وغيرهم الكثيرون ممن ظلموا واستبعدوا وواجهوا القهر الاقتصادى والأدبى فى مصر على مدى ثلاثين عاما من الواسطة والمحسوبية، وتحت شعار "يلا ندمر شباب مصر". إن الهجرة خارج الأوطان أو السفر للعمل ليست بخطيئة فى حق الوطن، وإنما بحثا عن مكان يقدر إنسانية هؤلاء ويحترم عقولهم، لو كانت مصر بنظامها السابق تحتوى أبناءها ما تركوها أبداً لأنهم يعلمون ما هى مصر. أى دستور هذا الذى يحرم المصريون بالخارج من التصويت، إنهم أكثر الناس حرصاً على دعم هذا البلد.. استثناء هؤلاء المصريين يدل على نظرة ضيقة للأمور، حيث إن المصريين فى الخارج يتمتعون برؤية خارجية للأحداث فى مصر، مما يجعلهم قادرين على تقييم الأمور بوضوح، ويتعاملون أيضاً مع شعوب أخرى مما يؤدى إلى اتساع الأفق، وصحة اتخاذ القرارات تجاه وطنهم الذى حرموا منه سنوات طويلة، وهم أكثرنا حرصاً أن تحظى مصر بالرخاء والرقى كى تتثنى لهم فرصة العودة إلى أوطانهم، والإقامة فيه دون أن يكون لهم صفة أخرى يعاقبون عليها مثل صفة المصريين بالخارج.