حينما يحل الظلام وتتوارى الشمس خلف التلال حتما سيبزغ فجر يوم جديد . فجأة اكفهرت السماء ، وغابت الشمس وسط ضوء النهار ،اشتدت هبوب الرياح ، رعداً و برقاً يخطف الأبصار ، هطلت الأمطار بغزارة، تلفت حولى يميناً ويساراً ، تطلعت إلى السماء لعلى ألتمس منها أن تقلع. مادت بى الأرض ماذا أفعل فى مثل هذا الطقس الملبد بالغيوم ولا يستقر على حال، على مقربة منى أبصرت أضواءاً تتلألأ ، بدأت تظهر رويداً رويداً ، منزل صغير وسط الصحراء أمامة مظلة من الجريد تتساقط منها مياه الأمطار. ترامى الى أذنى صوت من الداخل . - تقدم يا حاج ، تعال إلى هنا . دلفت إلى الداخل احتمى بالمظلة من هبوب الرياح وانهمار المطر . القيت السلام على الجمع ، تصفحت الوجوه المبللة ، بالخارج أتوبيس يبدو أنه معطل وقد التف حوله فتية يبدوأ أنهم يحاولون إصلاحه . بادرنى أحدهم : - إلى أين أنت ذاهب ياحاج ؟ - إلى القاهرة إن شاء الله . - وأنتم . - نحن كذلك إلى القاهرة . - ما اسمك ؟ - أحمد . تقدم أحدهم نحوى عرفنى بنفسه . - أنا الدكتور أيوب . فجأة علا صوت من أحدى الغرف . إمرأة تتلوى من شدة الألم ، ممسكة بجنبها الأيمن . صاح أحدهم. هل من طبيب هنا ؟ اخترق أحدهم الجمع وهم يفسحون له الطريق ، اقتربت منها فتاة فى العشرين من عمرها، ابتسمت المرأة. - لا تقلقى يا أمى ستكونين بخير ، كلنا معك ، أنا طبيبة أيضا ، وهذا خطيبى مهندس إدوارد . فجأه انقطع التيار الكهربى ، أظلم المكان ، ساد الصمت لحظات ، قطع هذا السكون صوت نسائى. - يا جماعة لازم نصلح الكهرباء ، قد تحيط بنا الحيوانات الضالة من بُعد. تحت أنوار الموبايل انهمر الفريق،البعض لمعالجة المرأة والآخر لإصلاح الكهرباء ومن بالخارج لإصلاح الأتوبيس . اقترب الرجل العجوز منى كأنه يريد أن يجد مخرجاً لما نحن فيه. - تصور أن السائق تركنا ولم نعثر عليه ، سائق الأتوبيس تركنا إلى اين لانعرف. - لعله يعود . - لا ، لا أشعر من بداية الرحلة أنه لن يكمل معنا الطريق. تركنى واتجه ناحية الشباب . - يا شباب سواعدكم معا لندفع الأتوبيس الى الأمام ليضئ لنا المكان لنهتدى الى ما نفعل . اندفع الجميع بقوة ناحية الأتوبيس وسط صيحات الرجال والنساء والأطفال، فدب الحماس فى الجميع. اشتدت الرياح ومعها زاد هطول الامطار، القلوب تدق بقوه وجلة من الخوف من المجهول ومن الظلام، أمل ورجاء ودعاء الى الله ان تنقشع الغمة. اقترب الرجل العجوز من الضابط الواقف فى العراء تحت تلك الاجواء الصعبة. - يابنى الا تأتى تحت المظلة لتحتمى بها ! -هز رأسة وأردف قائلا : -لاعليك يا أبى واجبى ان اقف بالخارج لاحمى من بالداخل لا تعصف بنا الرياح ولا يؤثر فينا هبوب الرمال ولا لهيب الشمس كلما زادت الاعاصير حولنا اشتد عودنا. ابتسم العجوز وربت على كتفة. - نعم يابنى انتم الدرع الواقى وحماة الوطن. اضيئت الانوار، هلل الجميع مكبرين اقتربت فتاة من العجوز ممسكة بكوب شاى وأبتسامة رضا - تعلو ثغرها. - تفضل ياجدو اشرب قليل من الشاى على فكرة أنا أعمل صحفية وعن قريب سأزف الى خطيبى - سيوفقك الله يابنتى وسأحضر حفل زواجك. اقترب الجميع من المهندس،العيون تتطلع الية،ارتفعت الاكف الى السماء تتضرع الى الله أن يخرجهم من هذا الكرب وتلك المحنة التى تكاد ان تعصف بهم.علا صوت المحرك تعانق الجميع فى حب جارف،زغاريد النساء تملأ المكان الاطفال يتراقصون، بدأ الجميع يركبون الاتوبيس اقترب الضابط من العجوز وعينية تشع بالفرح. - هل تود ان تقود الأتوبيس يا أبي ابتسم العجوز - لايابنى هذا دورك ان تقود بنا انت من سيكمل الرحلة وليوفقكم الله.