ثورة الشباب التى اندلعت يوم 25 يناير هى الأمل الذى حلمنا به طيلة سنوات عمر عشناها فى الوعى المغيب، لقد أردنا كل يوم أن نعيش فى دولة مدنية لا فرق فيها بين من يدين بأى دين، أو حتى لا يدين بأى دين، حلمنا أن نعيش فى دولة إنسانية تحترم الإنسان أيًا كان، نعم ظللنا نعيش فى توهان عجيب، وحتى يتصور البعض الكابوس الذى عشناه وما زلنا نعيشه، عليه أن يقف فى طابور الخبز الذى كان يومًا ما أسمر، وكلنا هذا الطابور، عليه أن يذهب للعلاج بمستشفيات التأمين الصحى. لقد رأيت مرضى فى سن الشيخوخة يأتون يومًا بعد الآخر، وأسبوعًا تلو الآخر وهم يضعون أكياس البول طيلة مدة لا يعقل علميًا ولا إكلينيكيًا كيف يتحملونها ليأخذوا دورهم فى العلاج، وهم بهذه الأكياس التى تسمى (قسطرة) أو شىء من هذا القبيل يتممون إجراءات دخولهم المستشفى، ليست هذه الإجراءات داخل مستشفى واحد، بل يتجولون فى أنحاء المدينة ليأخذ منهم هذا المستشفى عينة دم، وهذا المركز عينة بول، ليضيع اليوم، ليكون فى الغد مستشفى آخر لتحليل الكبد، هل هذه آدمية؟ هذا كابوس؟ ولكن من هوله كنا نغرق فى اللاوعى، والصورة الأكثر غرابة، هى العلم وكيف يكون؟ هل يعقل أن المناهج تتبع مركزاً واحداً فى كل محافظات مصر ضاربين عرض الحائط الاختلاف البشرى والطبيعى لكل محافظة مصرية، وكل هذه المناهج أبعد ما تكون عن الواقع المعاش، وضعها السادة خبراء المناهج ولا أعلم من أين أتت هذه الخبرة، هل يصدق أحد أن الفقراء يدفعون قوت يومهم - لما يتوهمونه علمًا - للدروس الخصوصية؟ والمدرس بريئة من هذه الدروس، لأن المناهج لن تفهم بين تلك الجدران المشوهة وهذا التكدس البشرى الذى لا يليق بالمواشى، ذلك الإهمال العلمى والأكاديمى الذى تتم به العملية التعليمية من (ساسها لراسها) أى من الحضانة للجامعة. أتمنى أن تزيل عنا ثورة 25 يناير هذا الكابوس، لأمل نفيق عليه، المركزية يا سادة قد طحنتنا، من أين تأتى لنا الحكومة بهؤلاء المحافظين؟ وعلى ماذا يحافظون؟ هل يتصور أحد أن يأتى لكل محافظة، محافظ (هوه وحظهم)؟ لماذا لا ينتخبون من يحكمهم؟ يا شباب التحرير، استمروا حتى نستفيق نحن الذى غمرنا الكابوس على أمل أنتم من صنعتموه.