جامعة جنوب الوادي تشارك في الملتقى العلمي الثاني لوحدة البرامج المهنية بأسيوط    رئيس الحكومة يناشد المواطنين ترشيد استهلاك الكهرباء: لازم نفهم إننا في مركب واحدة    خبير اقتصادي: الدولة المصرية تتعامل بمرونة واستباقية مع أي تطورات جيوسياسية    جيش الاحتلال الإسرائيلي: نتحرك بحرية في طهران    المشدد 15 عاما للمتهم بقتل خفير أثناء تأدية عمله في الشرقية    عاجل.. السجن المؤبد لمتهمة وبحيازة مواد مفرقعة بالهرم    تاجيل الافتتاح الرسمي للمتحف المصري الكبير للربع الأخير من العام الجاري    اختيار مصر للاستفادة من برنامج CIF لخفض الانبعاثات بالقطاع الصناعي بقيمة مليار دولار    إزالة 60 حالة تعدٍّ بأسوان ضمن الموجة ال 26    وزير الصحة يعتمد خطة التأمين الإسعافية لامتحانات الثانوية العامة    وزير الدفاع الباكستاني يدين الهجوم الإسرائيلي على إيران    أهم أخبار الكويت اليوم السبت 14 يونيو 2025    بريطانيا تنفي تقديم الدعم لإسرائيل في الهجوم على إيران    غياب نجم إنتر عن كأس العالم للأندية بسبب حرب إيران وإسرائيل    هيئة الرقابة النووية تنفي أي تغير أو زيادة بالخلفية الإشعاعية في مصر    رئيس جامعة قناة السويس يتابع أعمال سير امتحانات كلية الزراعة    السجن المشدد 10 سنوات لتاجر سلاح خزن الأسلحة داخل مطعم بالسادات وفيلا بالشيخ زايد    القوات المسلحة تنظم زيارة للملحقين العسكريين إلى عدد من المنشآت.. صور    ثقافة الإسماعيلية تنفذ أنشطة متنوعة لتعزيز الوعي البيئي وتنمية مهارات النشء    غدا.. بدء التقديم "لمسابقة الأزهر للسنة النبوية"    فضل صيام أول أيام العام الهجري الجديد    محافظ المنوفية يدشن القافلة الطبية والغذائية بالمجان لعمال منظومة النظافة    وزير الصحة يعتمد خطة التأمين الإسعافية تزامنًا مع بدء امتحانات الثانوية العامة    توقيع بروتوكول تعاون بين جامعة كفر الشيخ وأمانة المراكز الطبية المتخصصة في مجالات الرعاية الصحية والتعليم    أحدث ظهور ل ميرنا نورالدين أمام البحر.. والجمهور يعلق (صور)    رئيس الوزراء يتفقد مركز تنمية الأسرة والطفل بزاوية صقر    رئيس الوزراء يتفقد مدرسة رزق درويش الابتدائية بزاوية صقر الطلاب: البرنامج الصيفي مهم جدا لصقل المهارات    "القومي للأشخاص ذوي الإعاقة" ومؤسسة "شجرة التوت" يطلقان فعاليات منصة "القدرة على الفن - Artability HUB"    يسرى جبرى يرد على من يقولون إن فريضة الحج تعب ومشقة وزيارة حجارة    تل أبيب تلوّح بالهيمنة الجوية على طهران.. فهل تغيّر إيران معادلة الرد؟    غدا .. انطلاق فعاليات مؤتمر التمويل التنموي لتمكين القطاع الخاص    "أبدى مرونة".. مصدر بالزمالك يكشف ليلا كورة تطورات المفاوضات مع السعيد    فنانو المسرح يودعون المخرج سعيد عزام: «ربنا يعوضك في آخرتك عن دنياك»    إجرام واستعلاء.. حزب النور يستنكر الهجمات الإسرائيلية على إيران    طلب إحاطة يحذر من غش مواد البناء: تهديد لحياة المواطنين والمنشآت    إيران تؤكد وقوع أضرار في موقع فوردو النووي    تأجيل محاكمة " أنوسة كوتة" فى قضية سيرك طنطا إلى جلسة يوم 21 من الشهر الحالي    مواطن لرئيس الوزراء: "بنتي اتعمت".. ومدبولي: "هنعمل اللازم فورًا"    نجاح استئصال جذرى للكلى بالمنظار لمريض يعانى من ورم خبيث بمبرة المحلة    وكيل تعليم الإسماعيلية يجتمع برؤساء لجان الثانوية العامة    استعراض خطير على الطريق الدائري بالقاهرة.. والشرطة تتمكن من ضبط السائق    ضبط 3 عاطلين وسيدة بتهمة ارتكاب جرائم سرقات في القاهرة    نجم الأهلي: لن نبخل بنقطة عرق أمام إنتر ميامي    "الحياة اليوم" يناقش آثار وتداعيات الهجمات المتبادلة بين إسرائيل وإيران    جوليانو سيميوني: جاهزون لمواجهة باريس سان جيرمان    ريال مدريد يحصن مدافعه الشاب راؤول أسينسيو بعقد حتى 2031    خاص| سلوى محمد علي: سميحة أيوب أيقونة فنية كبيرة    «عمال الجيزة»: اتفاقية الحماية من المخاطر البيولوجية مكسب تاريخي    الطبيب الألماني يخطر أحمد حمدي بهذا الأمر    مدرب إنتر ميامي يراهن على تأثير ميسي أمام الأهلي    إحالة عامل بتهمة هتك عرض 3 أطفال بمدينة نصر للجنايات    خاص| محمد أبو داوود: «مشاكل الأسرة» محور الدراما في «فات الميعاد»    الصحة: قافلة متخصصة في جراحات الجهاز الهضمي للأطفال ب«طنطا العام» بمشاركة الخبير العالمي الدكتور كريم أبوالمجد    أسعار الخضروات في سوق العبور للجملة اليوم السبت 14 يونيو    جماهير الأهلي توجه رسائل مباشرة ل تريزيجية وهاني قبل مباراة إنتر ميامي (فيديو)    معاذ: جماهير الزمالك كلمة السر في التتويج ب كأس مصر    «الإفتاء» توضح كيفية الطهارة عند وقوع نجاسة ولم يُعرَف موضعها؟    ما حكم أداء النافلة بين الصلاتين عند جمع التقديم؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



هموم الحركة الإسلامية وتحدياتها
نشر في اليوم السابع يوم 27 - 01 - 2011

حركات الإسلام السياسى لم تُعن بأمور الناس الحياتية ولم تشاركهم معارك مواجهة الغلاء وتفاوت المستوى بين الطبقات
وردتنى دعوة كريمة من مركز دراسات الشرق الأوسط بالعاصمة الأردنية عمان للمشاركة فى ورشة تحضيرية لمؤتمر سيعقد فى أواخر العام هناك حول «حركات الإسلام السياسى فى الوطن العربى.. الواقع والتحديات والآفاق», والحقيقة قد أعجبتنى الفكرة، وأعجبنى أكثر أن يهتم مركز معنىّ بالدراسات المستقبلية بالإعداد والتحضير لمؤتمر كبير قبل عام من انعقاده، ويندب للجنته التحضيرية خبراء من أمصار مختلفة، وأيضا من مدارس فكرية مختلفة، وهو يحقق من طرق عدة أهدافا مجتمعة تحتاج إليها هذه الحركات بشكل رئيس، ويحقق الثقة والمصداقية فى نخبتها المثقفة لدى كل المعنيين بمتابعة أمورها، فهو يرمى إلى توفير فرصة الحوار الموسع والعام بين حركات الإسلام السياسى وقياداتها والباحثين والخبراء العرب، والنخب السياسية الحاكمة.
كما يبذل جهدا مميزا فى البحث الجاد عن مشروع عربى إسلامى نهضوى شامل، يجسر العلاقة بين هذه الحركات والحكومات العربية من جهة، وبينها وبين القوى السياسية الأخرى من جهة أخرى.
ويؤدى هذا المؤتمر من خلفيته إلى دعم التوجه السياسى المستنير فى صفوف حركات الإسلام السياسى، وتشجيعه على تحقيق طموحاته، وتطوير ذاته، ليكون عاملا إيجابيا فى بناء مشروع الأمة، وتحقيق أهدافها.
كما أنه يعمّق خدمة البحث العلمى فى مجال حركات الإسلام السياسى فى عمق المسائل المطروحة، وبعيدا عن العموميات، سواء فيما يتعلق بالمهتمين بالتعامل مع حركات الإسلام السياسى، أو فيما يتعلق بقيادات حركات الإسلام السياسى، للاستفادة منها فى تقويم المسيرة، وتسديدها بما يحقق أهداف الأمة العامة.
أكثر نقطة تعرضت للبحث ودار حولها النقاش، هو ما يتعلق بالعنوان وتسميته «حركات الإسلام السياسى»، والتى اعتبرها البعض غير مسلم بها وهى مثيرة للنقاش، لا يقبلها أغلب من تُطلق عليهم الحركات والأحزاب الإسلامية، فضلا عن الهواجس حول الجهات التى أرادت شيوع المصطلح لتوحى بوجود إسلام غير سياسى، أو وجود أنواع متعددة من الإسلام، كأن نقول «الإسلام الصوفى» أو «الإسلام الدعوى» أو «الإسلام الاجتماعى» أو «الإسلام الجهادى» أو غير ذلك مما يمكن أن يقال بقدر ما يوجد من تيارات إسلامية تختلف فيما بينها من حيث الاهتمام والوظائف والأولويات.
لكننى أعتقد أن هذه الهواجس مبالغ فيها بدرجة أو بأخرى، لأن المؤتمر المزمع عقده فى نوفمبر المقبل معنىّ ببحث أوضاع وأحوال الحركات التى تُعنى بالشأن العام، أو ذات النظرة الشمولية للإسلام دينا ودنيا، لذلك تكون الدلالة واضحة لها بالمصطلح.
وقد كانت الورقة البحثية واضحة الدلالة بتحديدها أنها «هى الحركات الإسلامية التى تعمل على الوصول إلى الحكم، أو التأثير الفاعل فى القرار السياسى بالمشاركة السياسية، أو عبر صناديق الاقتراع وبرامج التغيير والإصلاح الاجتماعى والسياسى، أو بالمقاومة المسلحة ضد الاحتلال أو الاستعمار خلال الفترة 1990-2010، وإطارها الجغرافى هو الوطن العربى». وهو تعبير دقيق إلى حد كبير.
وقد كانت الأحداث التونسية حاضرة فى ذهنية الباحثين، وهى تُحضّر لمؤتمر كبير يعنى بهموم الحركة الإسلامية وتحدياتها، وكان التساؤل بارزا وكبيرا: ما مدى تأثير الانتفاضة التونسية على مستقبل الحركات الإسلامية؟ وما تأثيراتها على ذهنية الإسلاميين؟ وهل هذه الانتفاضة تمثل نموذجا كاملا يمكن نقله لمختلف دول العالم العربى؟ وما العوامل القوية التى دفعت لها؟ وما مدى قدرتها على تحقيق أهدافها؟ فأهم ما يميز الانتفاضة التونسية أنها أبطلت الانطباع الذى كان سائدا لدى الكثير فى العالم العربى باستحالة القيام بثورات سلمية فى الوطن العربى كتلك التى أطاحت بعدد من الأنظمة فى أوروبا الشرقية، فقد أصبح الحكام العرب اليوم فى حالة خوف وتوجس كبير من ردة فعل الجماهير تجاه الأوضاع المزرية التى يلاقونها فى معيشتهم وكرامتهم، وباتت الجماهير أكثر جرأة على المطالبة بحقوقها بالوسائل السلمية، كما مثّلت هذه الانتفاضة ضربة موجعة للنخب التى يئست من التغيير، فاتجه بعضها إلى الانطواء والانزواء، وبعضها للتشدد والتوتر، وبعضها للخضوع والاندماج، كما أعطت دفعا قويا للنخب التى بقيت ثابتة إلى ضرورة المقاومة السلمية للأنظمة العربية الفاسدة.
وقد دارت المناقشات حول تقسيم تلك الحركات المعنية بالبحث إلى ثلاثة أصناف: أولها الحركات التى شاركت فى العملية السياسية ووصلت لمرحلة المشاركة فى الحكم بصورة أو أخرى. أما الثانية فهى الحركات التى تشارك فى العملية السياسية، ولم تصل لمرحلة المشاركة فى الحكم، وأخيرا الحركات التى يغلب عليها طابع مقاومة الاحتلال، وتشارك فى العملية السياسية.
لا يمكن أن نغفل أن حركات الإسلام السياسى صارت رقما صعبا فى مجتمعاتها، وحققت نقلات نوعية، وأصبحت تشكل القوة الشعبية الأولى فى كثير من البلدان العربية، وانخرطت فى تجارب برلمانية، واجتهد بعضها فى تقديم تجارب حزبية بمحاولة تقديم مشروعات تأسيس أحزاب، وخاضت تجربة نقابية طويلة، لكن أهم ما يمكن أن يُعنى به مثل هذا المؤتمر فى حدوده ونطاقه هو سبر أغوار فشل تجارب مثل هذه الحركات فى الحكم! فقد بقى النموذج السودانى صارخا فى الدلالة على نقد التجربة، حتى لم يبق أحد من داخل النموذج على الدفاع عنها، وتشكل أزمات العلاقة بين طرفى السلطة فى فلسطين هاجسا مزيدا فى إطار المخاوف التى تُثار فى هذا الصدد.
لا شك أن تحديات كثيرة تواجه حركات الإسلام السياسى، منها ما يعد داخليا، وضرورة تحرير كثير من المسائل العالقة فى ذهنية تلك الحركات، والتى تتعلق فى كيفية إدارة ملفات مختلفة حتى تحقق الإقناع المناسب، أو الثقة الكافية لتواصلها مع مجتمعاتها فى نظرتهم للتعددية وقبول الآخر وآليات العمل السياسى، لكن أكثر التحديات التى تواجهها، وتحتاج هى إلى إفراد سبل لمواجهتها فيما لو بقيت راغبة فى الاستمرار وتجاوزها، فهى معنية بالتأكيد بتحديد أطر لعلاقاتها بأنظمة الحكم، بدلا من ترك العلاقة فى إطار الغموض الذى يمكن لأقطاب الاستنزاف فى الطرفين من استمرار التوتر الناشب بينهما.
كما أن العلاقة مع الغرب تحتاج لنظرة ورؤية موضوعية وواقعية فى آن واحد، ومما يسهل من صياغة هذه الرؤية الجزم بأن الغرب ليس واحدا فى خندق العداء للإسلام، أو يمكن التواصل مع جوانب منه ضمن قواسم إنسانية عامة، والحفاظ على الهوية، والقدرة على الإحاطة بمشروعات استعمارية معاصرة.
أهم ما يمكن أن يوجّه لحركات الإسلام السياسى أنها لم تعنَ بأمور الناس الحياتية، ولم تشاركهم معارك مواجهة الغلاء، وارتفاع الأسعار، وتفاوت المستوى بين الطبقات، فقد كانت هذه الرؤية هى التى ألهمت الشعب التونسى انتفاضته.
إن تنظير مشروع نهضوى لا يجب أن يكون مقصورا على مجال التنظير الفلسفى فقط، بقدر ما يحتاج لاجتهادات حركية تتوفر لديها القدرة على تحقيق التراكم المطلوب، للإفادة التطبيقية على أرض الواقع.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.