تمر اليوم الذكرى الأولى لرحيل العالم المصرى الكبير أحمد زويل، الذى حصل على جائزة نوبل فى الكيمياء سنة 1999، وهنا نستعرض معا كتابه المهم جدا "عصر العلم"، والذى هو بمثابة سيرة حياة وعلم الدكتور زويل. فى 13 أبريل 2004 ، كتب نجيب محفوظ مقدمة كتاب عصر العلم للدكتور أحمد زويل الحاصل على جائزة نوبل، هذه المقدمة تقل عن 100 كلمة وفيها "كنت أتمنى لو أنى أستطيع القراءة، فأقرأ هذا النص كلمة كلمة، وهو يستحق ذلك لخطورة الموضوع وعظمة الكاتب، ولكن الأستاذ المسلمانى لخّصَ لى ما فى الكتاب، وهو هدية للكاتب العربى عن تاريخ شخص شرفنا فى العالم كله فى جهاده العلمى، وما يزال يبحث، وأنا أتنبأ له بأنه سيأخذ جائزة نوبل مرة أخرى فى بحثه العلمى الجديد، فما يزال شاباً معطاءً، وأعطى لنا دروساً وآراء مفيدة فى نهضتنا، نرجو أن نستفيد منها، وأن تكون منارة للجميع. وتحياتى للعمل وصاحبه، وتهنئة للقارئ العربى". بينما كتب أحمد المسلمانى فى يناير 2005 مقدمه بعنوان "ظاهرة أحمد زويل" الفصل الأول من الكتاب بعنوان "بين النيل والمتوسط.. البداية" يبدأ الدكتور زويل فيه حكاية حياته من أولها، من لحظة ميلاده، والتى كانت عام 1946 ميلاديا فى مدينة دمنهور عاصمة محافظة البحيرة، ثم يحكى عن فترة طفولته التى كانت فى مدينة دسوق، والذى هاجر إليها أبوه من بلده الأصلى الإسكندرية، بسبب الحرب العالمية الثانية. ويتحدَّث زويل عن طفولته، ويتحدّث عما أثّر عليه فى مرحلته هذه، فتحدّث عن النيل وأثره فى نفسه وهو طفل، وعن مسجد سيدى إبراهيم الدسوقى وأثره البالغ فى نفسه، وعن أجواء مدينة دسوق الاجتماعية الحميمة، ويبدأ فى الكلام عن رحلة التعليم الأساسى، والتى زامن بدايتها أحداث ثورة 1952 عندما كان أحمد زويل يتهيأ لدخول الصف الأول الابتدائى، ويذكر الرسالة التى أرسلها إلى الرئيس جمال عبد الناصر عندما كان فى العاشرة من عمره، ثم يورد نص الرسالة التى جاءته من الرئيس جمال عبد الناصر ردا على رسالته، ثم يبدأ فى ذكر أم كلثوم – التى كان لها دور كبير فى حياته وأثر عميق فى شخصيته بصوتها وبأغانيها، وبداية ظهورها فى حياته فى تلك الفترة، وقد ذكرها فى الكتاب كثيرا بعدها. ثم يأتى أحمد زويل للمرحلة الثانوية، ويحكى عما بها من ضغط نفسى، ثم يمر إلى ما بعد الامتحان وظهور النتيجة وتتاح الفرصة أمامه للالتحاق بجامعة القاهرة أو جامعة الإسكندرية، وجاء له التنسيق بترشيحه للالتحاق بكلية العلوم جامعة الإسكندرية، لينتقل زويل من دسوق إلى الإسكندرية فى مرحلة جديدة من حياته . وسارت المرحلة الجامعية بالنسبة لزويل على أفضل ما يرام، وقضاها متفوقا، وأنهاها وتخرَّج منها ب "رتبة امتياز مع مرتبة الشرف الأولى"، وتم تعيينه معيدا بكلية العلوم، ثم أعد رسالة الماجستير فى ثمانية أشهر فقط، وأراد زويل أن يكمل دراسته فى أمريكا، فأرسل إلى ثلاث جامعات هناك، وجاءه رد من جامعة بنسلفانيا فى فيلادلفيا، ووقع على أوراق سفره الدكتور عبد الرحمن الصدر نائب رئيس جامعة الإسكندرية فى ذلك الوقت. وقبل أن يسافر تزوج الدكتور زويل على عجل، واشترى تذكرتين له ولزوجته، وسافر بعد زواجه بأيام قليلة مباشرة .. إلى أرض جديدة .. إلى فيلادلفيا . وفى الفصل الثانى "إلى بلاد الأحلام.. الطريق" يبدأ فى حكاية وصوله إلى فيلادلفيا، ويحكى عن جامعة بنسلفانيا، وعن أولى لياليه هو وزوجته هناك، والتى باتها فى بناء يشبه الكنيسة يتبع للجامعة ؛ لعدم امتلاكه مكانا للمبيت فيه، ثم فى شقة خاصة بزميل له، وبدأ زويل دراسته وأبحاثه، وواجه عقبات فكرية وثقافية كثيرة – باختلاف أنواعها، إلا أنه استطاع التغلب عليها كلها بمرور الوقت، حتى أكمل دراسته لدرجة الدكتوراه. ويذكر الدكتور زويل هنا موت جمال عبد الناصر المفاجئ فى ذلك الوقت، والأثر الحزين لذلك فى نفسه، ثم انتصار السادس من أكتوبر وما بعثه من سعادة وفخر وأمل. ونظرا لأن دراسة الدكتور زويل كانت فى تقدم مستمر فقد اجتهد للحصول على منحة ما بعد الدكتوراه، وبعد مكاتبة خمس جامعات، جاءه ردود منها كلها، وقرر الالتحاق بجامعة بيركلى.
عصر العلم
الفصل الثالث "الأيام الذهبية فى كاليفورنيا.. الانطلاق": فى بيركلى فى كاليفورنيا، انطلق الدكتور زويل فى تجارب لأبحاث أكبر، وبدأ فى السفر وإلقاء الندوات والمحاضرات هنا وهناك. وهنا يذكر الدكتور زويل وفاة سيدة الغناء العربى السيدة أم كلثوم، والتى مثلت نقطة حزن فى نفس الدكتور أحمد زويل . ثم بدأ الدكتور زويل فى مصيره : هل يرجع إلى مصر أم يبقى فى أمريكا؟، وحسم أمره بالتقدم إلى صفوة جامعات أمريكا وأكثرها تقدّما، فإن تلقى عرضا استمر، وإن لم يتلَقَّ عروضا رجع. وبالفعل تلقى عرضا بعد فترة من جامعة تعد أفضل جامعات العالم، جامعة كالتك – أو معهد كاليفورنيا للتكنولوجيا – والتى كانت تضم قائمة طويلة من العلماء البارزين فى الكيمياء والبيولوجيا والفلك والجيولوجيا والهندسة. وأكمل الدكتور زويل على نطاق أوسع فى كالتك، وقد خصصت له ميزانية أبحاث جيدة، ومع الوقت زاد عدد أعضاء مجموعة دكتور زويل العلمية، وخصصت لهم الجامعة مزيدا من المختبرات، و أصبح الدكتور زويل أكثر وأكثر انشغالا بالطبع، فبجانب مسئولياته الأكاديمية انشغل بإلقاء المحاضرات أكثر فأكثر . وبعد أن وصلت أبحاث مجموعة الدكتور زويل إلى نتائج طيبة وأثارت إعجاب العلماء، تم النظر فى تثبيت الدكتور زويل كأستاذ مساعد بالجامعة، ثم تم تثبيته بالفعل، إلا أنه فى تلك الفترة حدث الطلاق بين الدكتور زويل وزوجته إثر فترة عصيبة بينهما، نتجت عن اختلاف فكريهما واختلاف ثقافتيهما، وقرر الدكتور زويل أن يكرِّس حياته كليا للعلم. وفى عام 1982 حصل زويل على درجة الأستاذية فى الفيزياء الكيميائية، ثم حصل على بعض الجوائز منها جائزة ألكسندر فوت هومبولت. فى تلك الفترة كان الدكتور زويل يبحر بسفينة العلم، يكشف آفاقا جديدة. الفصل الرابع "الطريق إلى نوبل .. الوصول" : كان عمل الدكتور زويل يقع "فى قلب الذرات حيث التحام أو انفصال الجزيئات، كما كان يقع زمانا فى داخل الثانية حيث تصبح الثانية زمنا عملاقا"، وبعد أحد عشر عاما فى الخارج، عاد زويل إلى وطنه، إلى مصر فى زيارة، وذلك بعد دعوة الدكتور عبد الرحمن الصدر – نائب رئيس جامعة الإسكندرية السابق – لمقابلته وبعد أن عرض عليه مشروعات وافق عليها زويل .. منها أن يلقى عددا من المحاضرات فى المركز الذى يشرف عليه الدكتور عبد الرحمن بالإسكندرية، وزار زويل أهله ومعالم أيام طفولته وأيام صباه. ثم فى مرّة أخرى نظم زويل مؤتمرا علميا عقد فى مدينة الإسكندرية، وقد نجح هذا المؤتمر نجاحا مدويّا، حيث شارك أعماله أكثر من مائتى شخص جاءوا من كل الدنيا، وحصل كثير من الذى شاركوا فى فترات لاحقة على جائزة نوبل، ثم عاد الدكتور زويل بعد ذلك إلى كالتك، وكانت البحوث تمضى على قدم وساق وفى تقدم عظيم . وعمَد الدكتور زويل فى أبحاثه إلى استخدام أفضل للزمن، ليصل إلى وحدة قياس زمنى أصغر من البيكو ثانية – وهى التى كانت أصغر وحدة لقياس الزمن فى ذلك الوقت . ثم يفرد الدكتور زويل ما يقرب من ست صفحات، يحكى فيها باختصار عن تاريخ قياس الزمن، وبداياته مما كان عند المصريين القدماء من علم واسع فى هذا الأمر، ثم العلماء المسلمين عامة وابن الهيثم خاصة، ثم جاليليو جاليلى، واصلا إلى الوحدة التى اكتشفها: (الفيمتو ثانية). الفصل الخامس (أيام من الخيال.. التكريم) : وجاءت المكالمة من ستوكهولم للدكتور زويل، مكالمة تعلمه بأنه قد فاز بجائزة نوبل . واشتهرت (الفيمتو ثانية) ونشر عنها فى المجلات العالمية الأكثر شهرة، وانطلقت إلى حيِّز الوجود، ومعها انطلق صاحبها الدكتور أحمد زويل، وانطلق إلى ستوكهولم، ليتسلم الجائزة، جائزة نوبل. وجاء الإعلان الرسمى بفوز الدكتور زويل بجائزة نوبل فى الكيمياء لعام 1999، ويحكى زويل عن تجربة احتفالات جائزة نوبل – والتى استمرت أسبوعا كاملا – وصفه الدكتور زويل بأنه كان " أسبوعاً من الاحتفالات الأسطورية" .