حيثيات الحكم بإعادة بث قنوات الرحمة والحافظ والبدر ووصال وصفا

أكدت أن "النايل سات" لا يملك منح أو وقف البث الفضائى..

أودعت محكمة القضاء الإدارى بمجلس الدولة، برئاسة المستشار حمدى ياسين عكاشة، حيثيات أحكامها بإعادة بث قنوات الرحمة والحافظ والبدر ووصال وصفا، وتأييدها لقرار إغلاق قنوات الناس والصحة والجمال والخليجية..
تبين للمحكمة أن القرار المطعون فيه بإيقاف قنوات "الرحمة والبدر ووصال وصفا الفضائية" قد تم دون مراعاة الضمانات الشكلية والإجرائية والموضوعية، فقد صدر دون أن يسبقه توجيه إنذار كتابى إلى مالكى هذه القنوات، سواء من المنطقة الحرة العامة الإعلامية أو الهيئة العامة للاستثمار تحدد لهم ما هية المخالفة وسندها، وتطالبهم بإزالة أسبابها، وتمهلهم لتنفيذ ذلك مدة يحددها الإنذار تتسع وتضيق فى ضوء حجم المخالفة وطبيعتها، وتم وقف البث الفضائى للقناة غصبا لسلطة الهيئة العامة للاستثمار المنوط بها إصدار مثل هذه القرارات، فوقع قرار إيقاف القناة فى عيب عدم الاختصاص الجسيم باعتداء سلطة إدارية غير مختصة على الاختصاصات المقررة لسلطة إدارية أخرى.
وأكدت المحكمة أن الشركة المصرية للأقمار الصناعية "النايل سات" لا تملك منح إمكانية البث الفضائى لمن تشاء أو وقفه عمن تشاء، وإنما هى التى تمارس اختصاصها المقرر لها بتأجير الحيزات الترددية لمن تجيز له الهيئة ذلك بعد استيفاء شروط الترخيص بناء على قرارات تصدر من الهيئة العامة للاستثمار، وبالتالى فإن وقف هذه القنوات هو عمل مخالف للقانون والدستور وانتهاك للحقوق والحريات وجاء مشوبا بالعيب.
وبخصوص قناة الحافظ، فقد تبين للمحكمة أن الجهة الإدارية لم تنسب إلى القناة أية مخالفة من أى نوع تكون قد ارتكبتها لتكون تحت رقابة المحكمة، كما أنها لم تتخذ أى إجراء بإنذار الشركة المالكة للقناة بارتكابها لأى مخالفة حتى تتمكن من إزالتها، فإذا كان الأصل فى مزاولة النشاط بالمنطقة الحرة العامة الإعلامية هو مشروعية وصحة المزاولة والممارسة على أساس القوانين واللوائح ومواثيق الشرف والضوابط المقررة، فإن خلو الأوراق وخلو دفاع الجهة الإدارية من نسبة أى مخالفة لقناة الحافظ يجعل قرار إيقافها مشوبا بمخالفة الدستور والقانون والقواعد والضوابط المقررة لمزاولة النشاط بالمنطقة الحرة العامة الإعلامية، فضلا عن مخالفته وإهداره للحقوق الدستورية، وعلى رأسها حرية الرأى والتعبير والحق فى الاتصال وفى الطيف الترددى، وحق المعرفة وتدفق المعلومات وتداولها..
وأكدت المحكمة أنه إن كانت حرية التعبير وحق الاتصال من الحقوق العزيزة التى يتعين العمل على صونها ورعايتها، فلا تغلق نافذة فكر ولا تقيد حرية رأى، إلا أن حماية المواطنين وصحتهم من الشعوذة والدجل والدخلاء تصبح أعلى مرتبة بعد أن شاع الدجل فى علاج المرضى، وتعمدت كثير من القنوات الفضائية ومنها قناتى "الناس والصحة الجمال"، بث برامج صحية تشجع على العلاج بالأعشاب وتطرح للعلاج طباً بديلاً مبنياً على الدجل والشعوذة، تحت ستار الدين أحيانا، وادعاء القدرة على علاج كافة الأمراض بالحجامة حال كون الأعشاب والحجامة لم يصرح بهما من وزارة الصحة المصرية، ضاربة عرض الحائط بالقوانين المنظمة لمهنة الطب وآدابها، ومتجاهلة القوانين الحاكمة لأصول وضوابط البث الفضائى، ومستضيفة أشخاصا ليسوا بأطباء مرخص لهم ولا صلة لهم بمهنة الطب، ومن ثم غير مؤهلين لعلاج المرضى، فانتهكت تلك القنوات أخلاقيات كل من مهنة الطب وضوابط الممارسة الإعلامية، وسعت للربح على حساب صحة المواطنين وبدلا من تقديم خدمات طبية صحية صادقة يقوم بها المتخصصون المصرح لهم، راحت تبيع وتزرع آمال الوهم فى نفوس ومشاعر المرضى..
وأكدت المحكمة أن حكمها بتأييد قرار إيقاف قناة الخليجية جاء بعدما تبين لها أن القناة تناولت فى برامجها مواد تثير الفتنة الطائفية، سواء بين عنصرى الأمة المسلمين والمسيحيين أو بين السنة والشيعة، كما قامت فى بعض البرامج بسب طالبات الجامعات ووصفت الجامعات بمحل الفجور وبالعديد من الألفاظ النابية.
وقالت المحكمة، إن حماية الوحدة الوطنية وحقوق المواطنة فى سلم الأولوية، وإن حرية العقيدة لها قدرها من السمو والرفعة بما لا يجوز معه أن تكون محلا للتناحر والتلاعب، أو سعيا لتحقيق مآرب دنيا، أو إذكاء لصراع بين الحضارات، أو انتصارا لديانة على أخرى، أو ضربا للجذور الراسخة للوحدة الوطنية للبلاد، أو إحداثا لفوضى طائفية هدامة، فوحدة عنصرى الأمة المصرية فرضتها الأديان السماوية، وقدستها العاطفة الوطنية، وخلدتها المصلحة القومية، ومن ثم لا مكان فى هذا الوطن العظيم أو مستقر فى السماوات المفتوحة لمخربى الوحدة الوطنية وهادمى سلام وأمان المواطنين.