أخيراً وصل جثمان الفقيد الراحل أحمد زويل إلى أرض الوطن. سكت العقل العبقرى، وخمدت الأنفاس، وتوقف الجسد عن الحركة، وخلد إلى السكون. شخص منه البصر معلناً انتهاء الرحلة الطويلة. وفى فيمتو/ ثانية خرجت الروح إلى بارئها دون عودة. داهمه المرض الخبيث فى هذه السن، ليأكل منه اللحم والعظام والدماء، وهو لا يكف عن الحركة والنشاط، فى سباق مع الزمن، رغم آلام الشيخوخة، وآلام المرض، وآلام آلام السفر، وآلام الوحدة والانعزال عن الأسرة التى يعانيها العلماء. والغريب فيك يا زويل أنك كنت مصرياً حتى النخاع. لم نر على وجهك منذ عرفناك عالماً تجهم العلماء، وجديتهم التى يحبون أن يظهروا بها. لم نر فيك كبراً، ولا ترفعاً، ولا انعزالاً عن البشر. ذكرت بلدك ومدرستك وحياتك وبساطتك وعلمك الذى تعلمته فى مصر دون خجل أو حياء. لم يحدث منك أن هاجمت بلدك وناسك. الناس فى مصر عرفوك بنوبل وحسب، ولم يعرفوا أنك كى تصل إليها مررت بمراحل علمية، وحصدت من الجوائز العلمية المؤهلة للحصول على نوبل. العالم المصرى الفذ أحمد زويل، فزعت عند اعلان موتك، وسعدت بوصيتك بدفنك فى مصر. فزعت حين سمعت أنباء عن نقلك إلى أرض الوطن عبر الخطوط الجوية التركية لعدم وجود خطوط مباشرة لمصر للطيران. وسعدت بقرار الرئيس السيسى بنقل جثمانك على متن طائرة مصر للطيران. سعدنا بقدومك إلى أرض مصر حتى ولو جثماناً فارقته روح الحياة.كانت مفارقة فى تاريخ مصر أن تستقبلك فى اليوم التالى لمحاولة الاغتيال الفاشلة التى تعرض لها أحد علماء الأزهر لشريف وهو الأستاذ الدكتور على جمعة.
وفى نفس يوم احتفال مصر بذكرى تأميم شركة قناة السويس، والاحتفال بعيد العام الثانى لافتتاح الفرع الجديد للقناة. وقد كانت لفتة تاريخية رائعة من السيد الرئيس حين أعلن استكمال مدينة زويل العلمية دون انتظار مزايدة أو مطالبة من أحد. وكأنه قد قصد من القرار أن يطمئنك على مشروعك قبل أن يوارى جثمانك الثرى. حتى تنام مطمئنا. ثم ختمها بالوقوف دقيقة حداداً على وفاتك تقديراً لك وتعظيما لدورك. وكانت دقيقة من عمر الزمن. رحمك الله يا زويل. أيها العالم الجليل.